النظام الكوني بالغ الدقة

قال تعالى :أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ  (النمل 61)

تدور الكرة الارضية حول محورها مرة في كل اربع وعشرين ساعة، وبمعدل نحو ألف ميل في الساعة،ولوافترضنا انها تدور بمعدل مائة ميل فقط في الساعة؟ عندئذ يكون نهارنا وليلنا أطول مما هو الآن عشر مرات،وفي هذه الحالة قد تحرق شمس الصيف الحارة نباتاتنا في كل نهار،وفي الليل قد يتجمد كل شيء في الارض. ان الشمس التي هي مصدر كل حياة، تبلغ درجة حرارة سطحها 000ر12 درجة فرنهايت، وكرتنا الأرضية بعيدة عنها إلى حد يكفي لأن تمدنا هذه (النار الهائلة) بالدفء الكافي لا بأكثر منه. وتلك المسافة ثابتة بشكل عجيب، ولم تتغير خلال ملايين السنين ، بحيث امكن استمرار الحياة كما عرفناها،ولو ان درجة الحرارة على الكرة الارضية قد زادت بمعدل خمسين درجة في سنة واحدة، فإن كل نبات يموت، ويموت معه الإنسان حرقا أو تجمدا.
والكرة الارضية تدور حول الشمس بمعدل ثمانية عشر ميلا في الثانية.ولو ان معدل دورانها كان مثلا، ستة اميال أو أربعين ميلا في الثانية، فإن بعدنا عن الشمس او قربنا منها يكون بحيث يمتنع معه نوع حياتنا.
والنجوم كما نعلم تختلف في الحجم. وأحدها يبلغ من الضخامة حدا لو كان شمسنا لكان محور الكرة الأرضية داخلا في سطحه لمسافة ملايين الاميال.
ولو ان شمسنا اعطت نصف اشعاعها الحالى فقط، لكنا تجمدنا. ولو انها زادتها بمقدار النصف، لأصبحنا رماداً من زمن بعيد،   ومن ذلك نجد ان شمسنا هي الصالحة لحياتنا من بين ملايين الشموس غير الصالحة لهذه الحياة.

ثم ان الكرة الأرضية مائلة بزاوية قدرها 23 درجة. ولهذا دواع دعت اليه: فلو أن الكرة الأرضية لم تكن مائلة لكان القطبان في حالة غسق دائم، ولصار بخار الماء المنبعث من المحيطات يتحرك شمالا وجنوبا، مكدسا في طريقة قارات من الجليد، وربما ترك صحراء بين خط الاستواء والثلج. وفي هذه الحالة كانت تنبعث انهار من الجليد، وتتدفق خلال اودية إلى قاع المحيط المغطى بالملح، لتكون بركا مؤقتة من الملح الأجاج ، وكان ثقل الكتلة الهائلة من الجليد يضغط على القطبين. فيؤدي ذلك إلى فرطحة خط الاستواء أو فورانه،أوعلى الأقل كان يتطلب منطقة استوائية جديدة، كما ان انخفاض المحيط يعرض مساحات استوائية جديدة، كما ان انخفاض المحيط يعرض مساحات شاسعة جديدة من الأرض،ويقلل من هطول المطر في جميع ارجاء العالم، مما ينجم عن ذلك من عواقب مخيفة.
ويبعد القمر عنا مسافة 000ر24 ميل،ويذكرنا المد الذي يحدث مرتين تذكيرا لطيفا بوجود القمر،والمد الذي يحدث بالمحيط قد يرتفع إلى ستين قدما في بعض الأماكن. بل ان قشرة الأرض تنحني مرتين نحو الخارج مسافة عدة بوصات بسبب جاذبية القمر. ويبدو لنا كل شيء منتظما لدرجة اننا لا ندرك هذه القوة الهائلة التي ترفع مسافة المحيط وتنحني قشرة الأرض التي تبدو لنا صلبة للغاية.   المريخ له قمر،قمر صغير،لا يبعد عنه سوى ستة آلاف من الأميال. ولو كان قمرنا يبعد عنا خمسين ألف ميل مثلا، بدلا من المسافة الشاسعة التي يبعد بهاعنا فعلا، فإن المد كان يبلغ من القوة بحيث ان جميع الأراضي التي تحت منسوب الماء كانت تغمر مرتين في اليوم بماء متدفق يزيح بقوته الجبال نفسها، وفي هذه الحالة ربما كانت لا توجد الآن قارة قد ارتفعت من الأعماق بالسرعة اللازمة.وكانت الكرة الأرضية تتحطم من هذا الاضطراب، وكان المد الذي في الهواء يحدث أعاصير كل يوم.

 عن كتاب(الإنسان لا يقوم وحده Man Does Not Stand Alone

للعالم  الامريكي  كريسى موريسون

حصل المقال على : 1٬090 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد