السوال (23): “كان الله ولا شيء معه”؟

السوال (23)من اسئلة الحكيم الترمذي: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم:“كان الله ولا شيء معه“؟

الجواب: لا تَصحبه الشّيئيّة ولا تَنطلق عليه،وكذلك: “هو ولا شيء معه” فإنه وَصْف ذاتيّ له: سَلْب الشيئيّة عنه،وسَلب مَعيّة الشيئيّة.لكنه مع الأشياء وليست الأشياء معه،لأن المَعيّة تابعة للعلم:فهو يَعلمنا فهو مَعنا،ونحن لا نَعلمه فلسنا معه.

اعلم أن لفظة “كان” تُعطي التّقييد الزماني،وليس المُراد هنا به ذلك التقييد،وإنما المراد به الكون الذي هو الوجود. فتحقيق “كان” أنه حرف وجوديّ،لا فعل يطلب الزمان.ولهذا لم يَرد ما يقوله علماء الرسوم من المتكلمين،وهو قولهم: “وهو الآن على ما عليه كان” فهذه زيادة مُدرَجة في الحديث ممّن لا علم له بعلم “كان”،ولا سيما في هذا الموضع …..

أما زيادة: “وهو الآن“،فإن “الآنيدلّ على الزمان الفاصل بين زمانين:الماضي والمستقبل ….فالمحقّق لايقول قط: “وهو الآن على ما عليه كان” فإنه لم يَرد،لما فيه من الإخلال بالمعنى الذي تطلبه حقيقة وجود الحق خالق الزمان.                          فمعنى ذلك: الله موجود ولا شيء معه،أي: ما ثَمّ من وُجوده واجب لذاته غير الحق،والممكن واجب الوجود به لأنه مَظهره،وهو تعالى ظاهر به،والعين الممكنة مستورة بهذا الظاهر فيها.فاتّصف هذا الظهور والظاهر بالإمكان: حَكم عليه به عين المظهر الذي هو الممكن. فاندرج الممكن في واجب الوجود لذاته عَيناً، واندرج الواجب الوجود لذاته في الممكن حُكماً.. .                                          فالشيئيّة هنا: هي عين المَظهر،لا عينُه تعالى.وهو معها لأن الوجود يَصحبها، وليست معه لأنها لا تَصحب الوجود،وكيف تَصحبه والوجوب لهذا الوجود ذاتيّ؟ ولا ذَوْق للعين الممكنة في الوجوب الذاتيّ.    فهو يقتضيها فيصحّ أن يكون معها،وهي لا تقتضيه فلا يصحّ أن تكون معه. فلهذا نَفى الخبر النبوي الشيء أن يكون مع هويّة الحق،لأن المعيّة نَعْت تَمجيد،ولا مَجد لمن هو عَديم الوجوب الوجودي لذاته.

           فإن الشيء لا يكون مع الشيء إلا بحُكم الوَعيد أو الوَعد بالخبر،وهذا لا يُتصوّر من الدّون للأعلى. فالعالَم لا يكون مع الله أبداً، سواء اتّصف بالوجود أو العدم. والواجب الوجود الحق لذاته يصحّ له نعت المعيّة مع العالَم،عَدماً ووجوداً.(بالتصرف،بالتلخيص)

 

 

حصل المقال على : 476 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد