فالعلم بالله عزيز عن إدراك العقل والنفس،إلا من حيث إنه موجود تعالى وتقدّس. وكل ما يتلفّظ به في حق المخلوقات أو يتوهّم في المركبات وغيرها،فالله سبحانه ــ في نَظر العقل السّليم،من حيث فكره وعصمته ــ بخلاف ذلك،لا يجوز عليه ذلك التوهّم،ولا يجري عليه ذلك اللفظ عقلاً،من الوجه الذي تَقبله المخلوقات. وإن أطلق عليه تعالى فعلى وَجه التّقريب على الأفهام لثُبوت الوجود عند السّامع،لا لثبوت الحقيقة التي هو الحق عليها،فإن الله تعالى يقول (ليس كمثله شيء). ولكن يجب علينا العلم بالله شرعاً ،من أجل قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (فاعلم أنه لا إله إلا الله) أي: إعلم بي من إخباري المُوافق لنَظرك،ليَصحّ لك الإيمان علماً ،كما يصحّ لمَ العلم من غير إيمان،الذي هو قبل التعريف..فنحن نَعلم أنه موجود،واحد في ألوهته. وهذا هو العلم الذي طَلب منا،غير عالمين بحقيقة ذاته،التي يَعرف سبحانه نفسه عليها. وهذا هو العلم بعَدم العلم الذي طَلَب منّا. فلما كان تعالى لا يُشبه شيئاً من المخلوقات في نَظر العقل،ولا يُشبهه شيء منها. وكان الواجب علينا،أولاً،لَمّا قيل لنا (فاعلموا أنه لا إله إلا الله) أن نَعلَم ما العلم؟ ،وقدعَلمناه،فقد عَلمنا ما يَجب علينا من علم العلم أولاً.
حصل المقال على : 295 مشاهدة