بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمةَ الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجةَ الكبرى امِّ المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين. قاعدة23: [ الله تعالى واجب الوجود،مطلق الوجود،غير مُقيّد لا بقبلية ولا بعدية زمانية،ولا معية ولا بغيره،ولا معلول عن شيء ولا علة لشيء،بل هو خالق المعلولات والعلل (كان الله ولا شيء معه).].
الحق تعالى واجب الوجود،ووجوده مطلق غير مقيد بالمخلوقات،(كان ولا شيء معه) وهو على ما عليه كان .خلق الخلق وهو في غنى عنهم،خلقهم لإظهار صفاته وأسمائه،وهو خالق الزمان والمكان، فلا أول لأبديته،ولا آخر لأزليته،والقبل والبعد هو من صيغ الزمان الذي أبدعه الحق تعالى ،وهو تعالى لا معلول لشئ ولا علة لشئ، لأن المعلول تابع لعلته ملازم لها.
يقول الشيخ الأكبر،في(الباب 272) من الفتوحات: [ فلا يصح أن يكون علّة لمعلول،ولا شرطاً لمَشروط،ولا حقيقة لمُحقّق،ولا دَليلاً لمَدلول.ولا سيما وقد قال سبحانه (لم يَلد) مطلقاً وما قَيّد.. فهو تعالى المُستَند المجهول الذي لا تُدركه العقول،ولا تُفَصّل إجماله الفصول. فهذا وجه من وجوه تنزيه التوحيد..]انتهى.
وقال في مكان اخر :[العلة والمعلول أمران وجوديان عند الفلاسفة والمتكلمين،أما الألوهية عندنا فهي نسبة عَدمية لا وجودية.. فمن وُجد له الكمال الذاتي والغنى الذاتي،لا يكون علّة لشيء،لنه يؤدّي كونه علّة تَوقّفه على المعلول،والذات منزّهة عن التوقّف على شيء،فكونها علّة مُحال..].انتهى…فالذات الالهية منزهة عن كل القيود والاعتبارات وعندما يُطلق العارفون مفهوم (الذات) فهم يقصدون بها :مرتبة الأحدية،أومرتبة الألوهية،أ والقرآن،أوالحقيقة المحمدية.لاغير، أي كما يقول الشيخ الجيلي مفهوم الذات هوالامرالذي تستند له الاسماء والصفات في ظهورها. ويقول الشيخ الأكبر: [.. والمَقول عليه (كان الله ولا شيء معه) إنما هو الألوهة لا الذات. وكل حُكم يَثبُت في باب العلم الإلهي للذات،إنما هو للألوهة. والألوهية نِسَب وإضافات وسُلوب،والكَثرة في النّسب لا في العَيْن التي هي الذات. وهنا زَلّت أقدام من شَرّك بين من يَقبل التشبيه (وهي الألوهية) وبين من لا يقبله (وهي الذات)..]انتهى.
فالكون لا تعلّق له بالذات أصلاً،إنما يرجع في كل اموره الى مرتبة الالوهية بساط اسم الجلالة ” الله” . فالذات الإلهية مجهولة ولا موصوفة ولا مُسمّاة،ولا معبودة ولا مشهودة.
ولا بد من توضيح مسألة عرفانية،لها علاقة بالتجليات المعرفية،تقوم على أن بعض العارفين كان لهم خلط بين الذات الإلهية وبين صفة الأحدية، وبينهما، وبين مرتبة الألوهية، وبين الجميع ،وبين الحقيقة المحمدية. فحقيقة النبوة المحمدية لا سبيل لمعرفتها لا في عالم التقييد ولا في عالم الجنة فكيف بخالقها ،وكل هذا لا يُنقص من مقامهم رضوان الله عليهم، ولا من قامتهم المعرفية،ولكن زمانهم كانت له تنزلات وتجليات معرفية إقتضت هذا القدر من المعرفة والتمييز.. والتجليات في ترقّ دائم،ولاتتكرّر،وكل زمان تكون معارفه أرقى من التي في الزمان السابق،والعارف اليوم أكبر معرفة وأعمق تحقيقاً من العارف السابق.. فكما يقول سيدي محمد الكتاني:,,,و فلا تصحّ الرؤية في بساط التجريد أصلاً،وإنما تَقع على نفس البرزخ.. ومن هنا عندما يَدّعي بعض العلماء بالله ويقول (رأيت ربّي)،فهل لُبّس عليه الأمر أو رأى أو لم يَرى؟ نقول: أنه كوفح بنَعت من الروح الكليّة في بساط القُرب الذّاتي، بعد أن دُكّت عوالمه ومَراسمه..]أنتهى
فلا رؤية إلا للحقيقة المحمدية،فهي الظاهرة في مظاهر الوجود. تحلت بحُلَل الأسماء الإلهية كلّها،فهو الخليفة الكلّي والبرزخ الجامع والوساطة العظمى بين الحق والخلق (من رآني فقد رآى الحق)،ولا ينوب عن الحق إلا الحق…فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم برزخ عظيم جامع،وكل المخلوقات إرتشفت من نور النبوة وإستمدت من برزخيته.. من هنا كانت للنور المحمدي الأولية،فهو الأحديّ الثاني.. وقد أوردنا الشواهد على ذلك في (شرح القاعدة الخامسة عشر) لمن أراد أن ينظُرها.. ،فالكون لا طاقة له على التلقّي المباشر من الحق تعالى.. فلا معرفة لنا بالحق تعالى ولا دخول لنا عليه إلا من باب المصطفى الكريم صلى الله عليه وسلم،بمحبّته والتّأسّي بسنّته والتخلّق بأخلاقه وإلتزام شرعه والتغزّل بحقيقته بصلوات نعتيّة تُحرّك القدر وتُحيي النفوس والقلوب..
وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.