بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين
السلام عليكم ورحمة الله
موضوعنا هو على ان ش
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم زيد نبيا
النبوة صفة ذاتية له لم تفارقه قط . يقول الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني في كتاب الديوانة:اعلم ان مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد نبيا…ومن حين خرج صلى الله عليه الى عالم الشهادة خرج مع ثبوت النبوة له مع كَمُون الرسالة في حقيقته، الى أن يأتي وقت الظهور بها ،مع كونه عالما بها ،وبكل ما تحتوي عليه ، بل النبوة والرسالة كانتا حاصلتين له في تلك المدة،أعني قبل نزول الملك …فإن القرءان كان مقرؤا وثابتا عنده في مدة الأربعين، كما كان قبلها بشاهد “وإنك لتلقى القرءان من لدن حكيم عليم” ﴿وَلَاتَعجَل بِٱلقُرءَانِ مِن قَبلِ أَن يُقضَىٰ إِلَيكَ وَحيُهُۥ﴾…فالوحي من لوح أحمديته يقرأ وعلى محمديته يتلى. أما النبوة فلقوله صلى الله عليه “كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد “وأما الرسالة فلقول التنزيل ” “وَإِذۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَٰقَ ٱلنَّبِيِّۧنَ لَمَآءَاتَيۡتُكُم مِّن كِتَٰبٖ وَحِكۡمَةٖ ثُمَّ جَآءَكُمۡ رَسُولٞ مُّصَدِّقٞ لِّمَا مَعَكُمۡ لَتُؤۡمِنُنَّ بِهِۦ وَلَتَنصُرُنَّهُۥۚ قَالَ ءَأَقۡرَرۡتُمۡ وَأَخَذۡتُمۡ عَلَىٰ ذَٰلِكُمۡ إِصۡرِيۖ قَالُوٓاْ أَقۡرَرۡنَاۚ قَالَ فَٱشۡهَدُواْ وَأَنَا۠ مَعَكُم مِّنَ ٱلشَّٰهِدِينَ “ فسماه رسولا في تلك القرون الأولى. لنفسه ولمن تقدم من الأنبياء والرسل، الى أن آن وقت ظهوره”انتهى (كتاب الديوانة بتصرف)
قال تعالى“ياأيها النبي إنا أرسلناك”ولم يقل تعالى ”يامحمد إنا أرسلناك “أي النبوة كانت حاصلة عنده، قبل مجيئ الملك، وقبل ارساله ،وخاطبه الحق تعالى بصفته الذاتية له ،وسماه نبيا ” يا ايها النبي” فالنبوة ذاتية له صلى الله عليه وسلم قبل القبل أي منذ كان نبيا وءادم منجدل في طينته ،فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم زيد نبيا وجاءته الرسالة المحمدية مع تمام الاربعين.” فالنبوة صفة والصفة ملازمة للموصوف اما لغيره من الانبياء فهي بالجعل . قال تعالى”وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاءَ. وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا “وقال تعالى على لسان سيدنا عيسى“قال إني عبد الله ءاتاني الكتاب وجعلني نبيا ” فسيدنا عيسى لم يزدد نبيا إنما جعل نبيا بعد ولادته وتكلم في المهد .
فالنبوة لست ذاتية لهم بل هي وصية ومهمة ادوها وانتهت بموتهم ,قال تعالى ” شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ “فالانبياء والرسل نوابه ،وأوصياؤه رِسَالاَتُهُمْ جُزْئِيَّةٌ مُقَيَّدَةٌ،مُتَنَاهِيَةَ الحُكْمِ ،.مِنْ سِرَاجِ أَحْمَدِيَّتِهِ اِقْتَبَسُوا. وَمِنْ فَيْضِ نُبُوَّتِهِ اِسْتَمَدُّوا ..
ولله در القائل
كل النبيين والرسل الكرام أتـوا =نيابة عنه في تبليغ دعـواه.
فهو الرسول إلى كل الخلائق فـي =كل العصور ونابت عنه أفواه.
فشرائعهم فرع عن شريعته بحُكم الميثاق المأخوذ في عالم الشأنية(واذ اخذ الله ميثاق النبيئين” الذي يقتضي وجود حقيقته المحمدية ،تُمِدّ بَرازيخ الوحي الأولية ” هَٰذَاذِكْرُ مَن مَّعِيَ وَذِكْرُمَن قَبْلِي” هذا اشارة الى القرءان
فاذا اوتي سيدنا ابراهيم رشده قبل سن الرشد ” وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ” وسيدنا عيسى جُعل في المهد نبيا وسيدنا يحيى اوتي الحكم صبيا ،فكل الخصائص والخصال التي تفرقت فيهم اجتمعت فيه صلى الله عليه وسلم
ولا احد من الانبياء ذُكر معرفا في القرءان الاسيدنا محمد صلى الله عليه قال تعالى “وقالوا لنبي لهم” ” ونبيا من الصالحين”ونكره” ان هو الا عبد انعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني اسرائيل ” اما في حق سيدنا محمد قال تعالى” يا ايها النبي”وهذا النبي” بالتعريف وكذلك عندما وصفه الله تعالى بالندير المبين جاءت معرفة قال تعالى “قل اني انا النذير المبين”فهي الوحيدة المعرفة في القرءان لتميّزه عن باقي الرسل الكرام،لأنه صلى الله عليه وسلم (نذير من النذر الأولى)،فهو العارف والمعرِّف والمعرَّف والمعروف والشاهد المشهود.
يقول الجيلي {في كتابه الكمالات الإلهية}في معرض كلامه عن قوله تعالى “ما تقدم من ذنبك وما تأخر” أنه صلى الله عليه وسلم كان نبيا وهو في الأرحام والأصلاب، والنبي لا يغْفُل عن الله تعالى، وغيره لم يكن نبيا إلا بعد كماله وظهوره في العالم الدنيوي ،فظهر من الكلام علو مرتبة سيدنا محمد.اهــ
قال صلى الله عليه وسلم ” إنِّي عبدُ اللَّهِ وخاتِمُ النبيين وإن آدم لمنجدل في طينة (رواه أحمد) قال الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه لطائف المعارف : يُسْتدل بذلك على أنه صلى الله عليه وسلم ولد نبيا، فإن نبوته وجبت له صلى الله عليه وسلم من حين أَخْذِ الميثاق، فكان نبيا من حينئذ، لكن كانت مدة خروجه إلى الدنيا متأخرة عن ذلك، وذلك لا يمنع كونه نبيا قبل خروجه، كمن يولى ولاية ويؤمر بالتصرف فيها في زمن مستقبل، فحكم الولاية ثابت له من حين ولايته، وإن كان تصرفه متأخرا إلى حين مجيء الوقت.
قال الشيخ السفاريني في لوامع الأنوار البهية: لم يكن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قبل البعثة على دين قومه، بل ولد مسلماً مؤمناً، كما قال ابن عقيل وغيره، قال في نهاية المبتدئين: قال ابن عقيل: لم يكن صلى الله عليه وسلم على دين سوى الإسلام ولا كان على دين قومه قط، بل ولد نبينا مؤمناً صالحاً على ما كتبه الله وعلمه من حاله.اهـ.
ويقول الشيخ محمد الكتاني في مكان آخر:…فكانت الحقيقة المحمدية محمدا في مقام الكثرة والوحدة ولم تزل محمدا قبل القبل ,ولم تزل محمدا حين الكون ,ولم تزل محمدا بعد الكون، ولم يزل نبيا قبل الزمان والمكان ولم تنسلخ عنه النبوة والرسالة القائمتان به قبل القبل الى أن ءاذن جل شأنه بالظهور التفصيلي النشري الشهادي في عالم التفصيل فظهر مظهرا ثانيا على كرسي الإنباء والإرسال عن الله تعالى، داعيا إلى الله بالحق وهاديا الى صراط الله الحميد.انتهى
روي ابن الجوزي في كتاب (مولد العروس) بسنده عن أبي هريرة قال: سأل النبي صلي الله عليه وسلم جبريل فقال ” : يا جبريل كم عمرت من السنين؟ ، فقال : يا رسول الله لا أعلم، غير أن في الحجاب ، نجما يطلع في كل سبعين ألف سنة مرة ، رأيته اثنين و سبعين ألف مرة ، فقال النبي صلي الله عليه وسلم : و عزة ربي أنا ذلك الكوكب” اهــ
فتقدّمت حقيقته على كل الحقائق واستمد منها كل الخلائق،قال صلى الله عليه وسلم “أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر”،
فهوصلى الله عليه (رسول من الله) (رسول من عند الله)
(رسول من الله) جاءت في سورة البينة أي قبل القبل، رسول الى الانبياء الذين بعثوا قبل ظهور الجسم الشريف ،وبعد مَجيء المَلَك اصبح
و(رسول من عند الله): بظهور الجسم الشريف ونزول الوحي.فظرف “عند” يقتضى المكان والزمان
فسيدنا محمد زيد نبيا وكما قال تعالى في حق سيدنا ابراهيم” وكنا به عالمين ” كذلك في حق سيدنا محمد كان الله به عالما أنه ذو إيمان ويقين يوحد الله حق توحيده و لا يشرك به أحدا،.
ومن عجائب ولادته صلى الله عليه وسلم ما روى من ارتجاج إيوان كسرى وسقوط أربع عشرة شُرفة من شُرُفاته ،وغِيضِ بُحيرة طبرية وخمود نار فارس
و ما وقع من زيادة حراسة السماء بالشهب ومنع الشياطين من استراق السمع، وولد صلى الله عليه وسلم مختونا مسرورا أى مقطوع السرة كما رُوِّى عن ابن عمر وغيره،
و قصة بَحِيرَى الراهب مذكورة في كتب السيرة واخرجها الترمذي في سننه حينما التقى الراهب بشيوخ قريش وقال لهم: هذا سيد العالمين، هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أبو طالب وأشياخ قريش: وما علمك بذلك؟ فقال: إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجدًا، ولا يسجدان إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، وإنا نجده في كتبنا، ثم أكرمهم بالضيافة،
كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة اثنى عشرسنة
قال تعالى (وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين))وقال تعالى . “قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين” فاول العابدين واول المسلمين لازمته عبادته لربه سرمدا ونبوته لم تفارقه ابدا ،فالله تعالى وملائكته يصلون عليه ، ولا يصلون على حقيقة مفقودة غير موجودة ولا مشهودة فالمرسل للعالمين هي النبوة المطلقة، الغير المقيدة لا بالزمان ولا بالمكان، ولم تشب شباب الغلمان . فهو صلى الله عليه وسلم الْحَقِيقَةِ الْفَرْدَانِيَّةِ صُورَةِ وسورة، حسا ومعنى.اولا واخرا ظاهرا وباطنا ملكا وملكوتا انما لم يظهر جليا بالنبوة كما ظهر بها سيدنا عيسى ولا ظهر بالحكم كما ظهر سيدنا يحيى فالنبوة صفة والصفة لا ترى فتستر بِالْبَشَرِيَّةِ واظهركَمَالَ العُبُودِيَّةِ،اربعين سنة لكي لا يعبد من دون الله. صلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد