ثم قال لي : ما أنت بشيء ،ولا كنت شيئا،ولست على شيء قلت له:نعم :لو كنت شيئا ،لأدركني جواز الإدراك.ولو كنت على شيء لقامت النسب الثلاث .ولو أني الشيء لكان لي مقابل،ولا مقابل لي.
ثم قال لي : ما أنت بشيء،ولا كنت شيئا،ولست على شيء :
يقول ابن عربي في انشاء الدوائر: فالإنسان: “قديم مُحدث موجود معدوم”.أما قولنا “قديم” فلأنه موجود في العلم القديم،مُتصوّر فيه أزلاً. وأما قولنا “مُحدث” فإن شكله وعينه لم يكن، ثُمّ كان،فصحّ من هذا أن الوجود ليس بصفة للموجود انتهى.
فالإنسان موجود معدوم ،شئ ولا شيء.
قال تعالى(وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا).وقال تعالى(هل اتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا).“لم تك شيئا” “لم يكن شيئا مذكورا “.
عالم الشيئية لاعلاقة لها بعالم الشأنية،فالأحدية من عالم الشأنية،والألوهية من عالم الشأنية،والحقيقة المحمدية كذلك(وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ)
يقول ابن عربي: الأحدية لا تعرفك ولا تقبلك.
يقول أنا لا شئ،ووجود شيئيتي تابع لشأنيتك،فإدراكي بك لا بنفسي.
قال تعالى(إنما قولنا لشيء إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) .”إنما قولنا لشيء” وأثبت له الشيئية،فماهي هذه الشيئيّة الثّابتة له في حال عَدمه. وماهي الشيئيّة المَنفيّة عنه في حال عَدمه في قوله“ولم تك شيئاً”.فما هو بشيء،ولا كان شيئا،وليس على شيء ،فلا اسم له،ولا صفة له،الشيئية عنه منفية،فالعلم إنما يتعلق بالمعدوم،إذ لو تعلق بالموجود، لكان من باب تحصيل الحاصل.
قال تعالى(وخلق كل شيء فقدّره تقديراً)خلقهم وجعل فيهم القابلية لتَقديره وسماه شيئا وهو معدوم،وخاطبة وهو معدوم(أن نقول له)فالخطاب الإلهي هو الذي نعته بالشيئية أما هو فليس بشيء،ولاعلى شئ،الشئ يصبح شيئا بعد أن يمر من تجليات الأسماء الإلهية،فالأشياء في حال عدمها معلومة لله،مشهودة له، لا يغيب عنه شئ منها .
قال تعالى(وإن من شئ إلاعندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم)وعندية الحق تعالى ليست بظرف مكان،ولا ظرف زمان،هي أمر نسبي لا وجودي، والأمور النسبية ثابتة الحكم معدومة العين،وإضافة خزائن الأشياء إلى عندية الحق، يقتضي أن الحق تعالى يخرج الأشياء من وجود لا ندركه،إلى وجود ندركه .
يقول الشيخ الاكبر في “كتاب المسائل لإيضاح المسائل”:
فعندية الرب معقولة= وعندية الهو لا تعقل
وعندية الله مجهولة= وعندية الخلق لا تجهل
وليس هما عند ظرفية= وليس لها غيرها محمل
الأسماء الإلهية هي التي تجعل من الشيء،شيئا مذكورا،له صورة واسم وحقيقة. وبتجلياتها يخرج للوجود.
لوكنت شيئا ،لأدركني جواز الإدراك
يقول الشيخ الأكبر: إن قيل لك:ما العلم؟ فقُل: درك المدرَك على ما هوعليه في نفسه(إذا كان دَركُه غير ممتنع)وأما ما يمتنع دركه، فالعلم به هو لا دركُه،كما قال الصديق:العجز عن دَرْك الإدراك إدراك،فجعل العلم بالله هو لادَركُه،فاعلم ذلك. ولكن لا دركه من جهة كسب العقل،كما يعلمه غيره ولكن دركه من جوده وكرمه ووهْبه كما يعرفه العارفون أهل الشهود،لا من قوة العقل من حيث نظره. أنتهى ـ.
يقول ابن عربي في باب “اعتقاد القربة من معرفة الحق واستحالة ذلك….فإن قالت طائفة ولابد أن تقول إنما اعتقدنا القربة من معرفتك فيقول لهم كيف يعرف من(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)فلو كان شيئا لجمعتهما الشيئية،فيقع التماثل فيها،إذا فلا شيئية له فليس هو شيئا،ولاهو لاشيء، فإن لاشيء صفة المعدوم، فيماثله المعدوم في أنه لا شيء وهولايُماثل ،فليس مثله شيء، وليس مثله لا شيء، ومن هو بهذه المثابة كيف يعرف..انتهى
فجواز الإدراك مستحيل ،الشيء لا إدراك له في الحضرة العلمية ،أي لا إدراك لنفسه،ولا يدرك خالقه،فجواز الإدراك منفي عنه،سواء في اتجاه خالقه،أو في اتجاه وجوده .
وابن عربي نفى هذا الادراك حتى عن النبوة بعد خروجها من الأحدية.يقول رضي الله عنه في الجزء الأول الصفحة 113 :فنقول إن الله تعالى لما أوجد الكلمة المعبر عنها بالروح الكلي إيجاد إبداع،أوجدها في مقام الجهل ومحل السلب ،أي أعماه عن رؤية نفسه فبقي لا يعرف من أين صدر ولا كيف صدر… انتهى ]..وسبق وأنت قلت أنني لجهلي لم اتفق معه، وسألت شيخي ووافق كلامه كلام ابن عربي …
فوجوده بالله وإدراكه بالله.
في كتابه انشاء الدوائريقول ابن عربي..إنما العلم متقدم من غير زمان بالشيء قبل عينه، فوجود الشيء المحدث في علم الله تعالى،قبل وجود الشيء في عينه، ومتقدم عليه،غيرأن ثَمَّ سراً سنوميء اليه في هذا الفصل ان شاء الله تعالى ونبين لك ان وجود العين يتقدم على العلم بالمرتبة ويساويه في الوجود ازلا ،لا من جهة كونها محدثة وهذا في حق الحق،.انتهى.
ويضيف(انشاء الدوائر): فالوجود والعدم عبارتان عن إثبات عين الشيء أو نفيه،ثمّ إذا ثبت عين الشيء،أو انتفى فقد يجوز عليه الإتّصاف بالعدم والوجود معاً انتهى.
فالعلم سابق والمعلوم لاحق،أما تقدم المعلوم على العلم،ففي بعض المراتب، للوسع الإلهي ،ولأن التجليات الإلهية مطلقة، فالمقتضى أو المعلوم عندما يصل إبان ظهور يطلب التجلي.
قال تعالى(ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما)فحيثما تصل الرحمة يصل العلم، والرحمة وسعت كل شيء،والعلم كذلك وسع كل شيء،حتى الحالات التي يتقدم فيها المعلموم على العلم وسعها العلم،والعلم ذاتي لمرتبة الألوهية،أما المعلوم فمقيد بالزمان الذي سيُظهره الله فيه،فافهم،.فالمعلوم تابع للعلم في سائر أحواله.
ولو كنت على شيء لقامت النسب الثلاث:
بمجرد ما قرأت هذه الجملة ظهر لي أن النسب الثلاثة هم:الإسم،والصفة،والحقيقة. وإذا بي أجد ابن عربي يقول أنها الإسم،والصفة،والنعت.وقد خطر ببالي النعت،ولكن استبعدته لأنه غير ثابت.ويبقى كلام ابن عربي هو الصحيح،فهو أعرف مني بكلامه .
والشئ أنكر النكرات فلا اسم له،ولا صفة ولا نعت له،وبالتالي هو ليس حق،ولا له حقيقة.
ويبين في ما يلي النسب الثلاث:
ثم قلت له:وُجِدت في الأبعاض ولم أوجد،فأنا مسمى من غير اسم،وموصوف من غير وصف،ومنعوت بلا نعت، وهو كمالي.وأنت مسمى بالاسم،وموصوف بالوصف، ومنعوت بالنعت،وهو كمالك.
فالشيء لااسم له ،ولاوصف له،ولا نعت له،وهذا تعريف للعدم،لهذا قال رضي الله عنه في بداية المشهد :أنا العدم الظاهر.
فالإسم يفيد الظهور،والصفة لا ترى وتفيد البطون،أما النعت فغير ثابت.
ومنعوت بالنعت : النعت إذا تكرر،ولزم المنعوت أصبح صفة له،يعرف بها،والصفة أدق ،وتدل على معنى يقوم بالموصوف.
الأبعاض:جمع بَعض،الأبعاض أشياء متكثرة ومتعددة.وُجدت في الأبعاض،التابعة للوح المحفوظ،في مقتضيات أسمائك،وفي بعض الأصلاب، وفي الأزمنة التي قدرت فيها وجودي.وربما يقصد بها مراتب نسبية في الوجود،فالوجود العلمي يفتقر الى صفة الظهور، وجوده تابع للكلمة الفهوانية ( كن فيكون).
فلا اسم لي ولاوصف لي،ولا نعت لي،وبالتالي لامقابل لي. الشيئية ملازمة لي بدون خصوصية والعدم صفتي الذاتية،وهذا كمالي.ففناؤه عين كماله،ولا يفنى عن فنائه، لأنه عبادة له،وكماله في عبوديته.
وأنت مسمى بالاسم ،وموصوف بالوصف،ومنعوت بالنعت،وهو كمالك.أنت الوجود الحق.الذي تستمد منه الأبعاض كينونتها وسراستمراريتها،اسماؤك وصفاتك لا تحصى،أنت الموصوف بالأحدية،والمنعوت بالأزلية،والأبدية،والسرمدية،لا يدركك الزمان ولايحيط بك المكان،كنت ولا شيء معك، ومازلت.أنت الواجب الوجود، وأنا الشئ بلا شيئية،الممكن الوجود.
لو كنت الشيء لكان لي مقابل ولا مقابل لي ..”الشئ“معرف بالألف واللام،عرفه لأنه متى ثبت للشئ الوجود،كان العدم مقابلا له،و يعني حتى ولو ثبت لي الوجود فوجودي عدم،لهذا لم ياتي به نكرة(والشيء أنكر النكرات).
هذه أجوبة الصفة الختمية، لعارف مقيم في مشاهدات قدسية،وفي مقام الفناء مستهلك بكليته في الهوية الإلهية (يقول الباب 198:…وليلة تقييدي لهذا الفصل،وهي الليلة الرابعة من شهر ربيع الاخر سنة 627 رأيت في الواقعة، ظاهر الهوية الإلهية وباطنها شهودا محققا…) وراء البرزخية المحمدية،(وما كان لبشر أن يكلمه الله الا وحيا او من وراءى حجاب) والفانِ لا يدرك الكثرة،فهو لا شيء
//////////////////////////////////////////////////////////////////////
والمسألة التي تجاهلت شرحها ،هي :ماهو ظاهر الهوية الإلهية، وما هو باطنها? ?