ويقول الشيخ محمد الكتاني في كتاب { الرقائق الغزلية } : [ قال تعالى ﴿ وَقَالَتِ ٱلۡيَهُودُ وَٱلنَّصَٰرَىٰ نَحۡنُ أَبۡنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥۚ قُلۡ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُمۖ﴾: أفاد منها أن من أحبه الله لايعذبه ولايؤاخذه بذنب،قال تعالى ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ﴾،
﴿ يُحِبُّ ٱلتَّوَّٰبِينَ﴾ : أي المكثرين من الذنوب ، وما أحبه إلا أنه يظهر مقتضيات الأسماء ،
فلولا ذنب العبد ماظهر مقتضى اسمه تعالى التواب والرحيم والغفور ، فمعصية العبد كانت سبباً في إظهار الكمالات الإلهية] اهـ .
كذلك المطيع كان سبباً في إظهار مقتضيات الأسماء الإلهية من الشكور والمعطي والهادى، ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ مَاذَآ أَنزَلَ رَبُّكُمۡۚ قَالُواْ خَيۡرٗاۗ﴾﴿لِلَّذِينَ ٱتَّقَوۡاْ﴾ : أي الذين جعلوا بينهم وبين الله وقاية ، والوقاية لا تتم إلا بمعرفة مقتضيات أسمائه ،قال تعالى ﴿بِيَدِهِ ٱلۡمُلۡكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ﴾ ،وقال تعالى ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ فَأَحۡبَطَ أَعۡمَٰلَهُمۡ﴾ ، وقال﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلتَّوَّٰبِينَ وَيُحِبُّ ٱلۡمُتَطَهِّرِينَ﴾، فكما يحب المطيع يحب العاصي ، وقد قدم الله تعالى محبة العاصي على محبة المطيع ،لأنه تعالى ما خلق الخلق إلا لمعرفته ومعرفة اسمائه وصفاته والخلق هم محل ظهور مقتضياتها.قال تعالى ﴿ مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلَّا هُوَ ءَاخِذُۢ بِنَاصِيَتِهَآۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَٰطٖ مُّسۡتَقِيمٖ ﴾ ، فماثم من أفراد العالم إلا وهو على صراط مستقيم ، فلا موجد سواه ، ولا مشيئة لغيره ، ﴿إِنَّهُۥ كَانَ بِعِبَادِهِۦ خَبِيرَۢا بَصِيرٗا﴾ ، ﴿فَسُبۡحَٰنَ ٱلَّذِي بِيَدِهِۦ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيۡءٖ﴾.
قوله تعالى ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰبِرِينَ﴾ ، وقوله تعالى
﴿أَمۡ حَسِبۡتُمۡ أَن تَدۡخُلُواْ ٱلۡجَنَّةَ وَلَمَّا يَعۡلَمِ ٱللَّهُ﴾: فمن العارفين من قال أن هاتين الآيتين تفيدان تجدد العلم بتجدد المعلوم ، وهذه نقطة الخلاف بين ابن عربي والجيلي([1])، وحسب ذوقنا الآيتان تفيدان ظهور التجلي الذي يبين مقتضاه المجاهد من غيره ، والصابر من غيره .
([1])انظر { الإنسان الكامل } ، و { باب العلم } عند الجيلي .