الانفس البشرية

ترتيب الانفس البشرية

بسم الله  الرحمان الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين .

النفس البشرية واحدةٌ تملك صفاتٍ متعددة، حسب تصرف صاحبها،لهذا ذكر القرآن الكريم مسمّياتٍ عدّةٍ لها.

قل صلى الله عليه وسلم “أَعْدَى عَدُوٍّ لَكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ”.

وقال : “قَدِمْتُمْ مِنَ الْجِهَادِ الأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الأَكْبَرِ جهاد النفس”

النفس المحمدية لادخل لها في هذا الترتيب اذ كل الاخلاق الحميدة ذاتية لها غير مكتسبة وغير مجعلولة قال تعالى “وانك لعلى خلق عظيم”  قال صلى الله عليه وسلم ” انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق” .

و الانبياء والرسل متصفون بالعصمة فنفوسهم  قدسيىة .      

النفوس السبعة  البشرية : 

1=  النفس الامارة بالسوء: هي نفسٌ كثيرة الذنوب، آثمةٌ، ظالمةٌ لصاحبها.تجره الى نار جهنم . قال تعالى : وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ”.

2=  النفس اللوامة : هي نفس كثيرة اللوم، تخافُ الله وتخشى عقابه، أثنى عليها الله، وأقسم بها في كتابه، ﴿وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ وهي تكون كذلك عند الصالحين وتلومهم اذا صدر فتور منهم.

3=  النفس الراضية : راضية بقضاء الله ، قانعة بعطاءه  تستقبلَ المصائبَ بالصبرِ والرضى، والنعم  بالحمدِ والشكرِ.

4=  النفس المرضية : رضاها بقضاء الله اكسبها رضا الله  . 

5= النفس المطمئنة :وهي النّفس التي سَكنت إلى ربّها ولا تأمر الا بالخير، قال صلى الله عليه وسلم “اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَفْسًا بِكَ مُطْمَئِنَّةً، تُؤْمِنُ بِلِقَائِكَ، وَتَرْضَى بِقَضَائِكَ، وَتَقْنَعُ بِعَطَائِكَ”     

النفس المطمئنة جمعت صفتي الراضية والمرضية قال تعالى ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾      

6= النفس الزكية : هي المزكاة من كل عيب بالمجاهدات وكثرة الطاعات وهي نفس اولياء الله الصالحين  قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ فالفلاح صفتها 

7=  النفس الكاملة :نفس  فحول الاولياء الذين بلغوا المقامات الكبرى . مقامهم اكبر من الملائكة المجبولين على الطاعة هم الذين وصفهم  ب” صالح المومنين” وذكرهم قبل الملائكة : فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ”

النفس الراضية والمرضية والمطمئنة والزكية هم درجات النفس الملهمة تقوى ربها.       

النفوس الحيوانية وهي  نفس الكفار والمشركين والملحدين ” إن هم كالانعام  بل هم أضل سبيلا ” . ” مثله كمثل الكلب “”والذين كفروا يتمتعون وياكلون كما تأكل الانعام والنار مثوى لهم”.

وآخيرا نفس ابليس :نفس شيطانية مجبولة على الشرلاتعرف الخير اطلاقا ولا تمتثل لأمر أونهي . الشر ذاتي لها ولا تتغيرعن شيطنتها .

هناك ترتيب مخالف من طرف الشيخ عبد القادر الجيلاني على نمط اخر وربطها بأذكار معينة وبأعداد هائلة، وبأسماء إلهية معينة  .

ورتبها كذلك الشيخ شمس الدين محمد  الحفني تلميذ  الشيخ  مصطفى البكري حسب ذوقه رحمهم الله  اجمعين  .

هناك اسماء مشتركة بين الرحمانية والرحيمية  يتخبط بينها المسلم فتارة تجره الرحمانية وتارة تجره الرحيمية ” فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الي البراذا هم يشركون”. كما ان هناك اسماء إلهية جلالية وجمالية في نفس الوقت كاسمه تعالي الجواد إذا جاد بما يلائم الطباع كالعلم والمال كان جمالي وإذا جاد بما لا يلائم الطباع كالفقروالمرض فهو جلالي.

يقول الله تعالي “يا أيها الناس انتم الفقراء الى الله والله هو الغني  الحميد “، فكل   شخص مفتقر الى اسماء الله هي المتجلية عليه والآخدة  بناصيته  وكل ما يفتقر اليه يصب في اسم من اسمائه وتجل من تجلياته تعالى.

قال ابن مشيش لشادلي حدد نظر الايمان ترى الله قبل كل شئ وبعد كل شئ  ومع كل شئ …

ومن هنا راى بعض العارفين ان النفس البشرية تتقلب بين  تجل وتجل

وقالوا الانفس إثنين،فهم يرون انفسهم بين تجل وتجل ،هم  بربهم ومع ربهم  لا يرون فاعلا غيره يحركهم كيف يشاء .

ومن قال  بسبعة انفس كان واقفا مع  الشريعة  ومع سلوكه وترقيه في مراتب  السير العامة.

وشتان ما بين الفريقين .

من وقف مع الشريعة يقول ماذا سأفعل غدا .

ومن وقف مع الحقيقة يقول ماذا سيفعل بي  .  

وابن عربي  عندما راي كشفا تقلب نفسه مع التجليات قال:        

   لقد صار قلبي قابلا كل صورة **** فمرعى لغزلان ودير لرهبان

    وبيت لأوثان وكعبة طائف**** وألواح توراة ومصحف قرءان

 ومن سمع  هذا الكلام  يظن ان الشيخ الاكبر يقول بوحدة الاديان وليس الامر كذلك انما  هي وحدة التجليات أي ان التجليات الالهية راجعة الى عين واحدة أي الى اسم الجلالة ” الله”  فالتجليات هي الحاكمة  وهي التي تسير الكون إلهي

سُئل الجنيد رحمه الله هل يزني العارف قال “وكان امر الله قدرا مقدورا ” 

قلت انها تابعة للتجليات إلهية وهو قوله تعالى “بل هم في لبس من خلق جديد ” بحيث من المحال بقاء الحال على نفسين  لهذا الوسع الالهي في التجليات و لدوام افتقار الملك الى الله  تعالي في كل لحظة،فنحن في خلق جديد بين تجل وتجل ،ومن هنا قال من قال :الانفس اثنين .

ففي كل “مرتبة  “سواء كانت أمارة أو لوامة فهي  في الحقيقة يدبرها اسم إلهي. سئل سهل بن عبد الله التستري : ما القوت قال ” القوت الله”. 

 فنحن تابعون لتجليات الاسماء الالهية ونسير تحت سلطان مقتضياتها ،ولا يمكن رفع مقتضى اسم إلهي الا باسم إلهي اخر،وهذا هوسر ربط الانفس بأسماء إلهية كما فعل الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سره ،وهو سر قول الحبيب صلى الله عليه وسلم ” أعوذ بك  منك” وقول شيخي  قدس الله سره ورحمه الله : أعوذ بأحديتك من وحدانيتك ،وبلطفك من رحمانيتك و….

فَقَومٌ تجلي عليهم سبحانه وتعالي باسمه المضل والمذل فهم في بساط النفس الامارة بالسوء ،يعسشون تحت ذل المعصية لايعبأون بنصيحة ولايتعظون بموعظة ما دام هذا التجلي قائماعليهم ،وقوم تجلي عليهم باسمه المعزوالهادي فهم في طاعة دائمة، واخرون تجلي عليهم هنيهة باسم ما ،فغفلوا عن الذكر فاعتبروا انفسهم في تلك الساعة امارة بالسوء “وحسنات الابرار سيئات المقربين” .  قال تعالى على لسان سيدنا موسى” ان هي الافتنتك تضل بها من تشاء وتهدي  من تشاء “.

كان مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي طاعتك “.

” ربنا لاتزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا “.

وصلى الله على سيدنا محمد

محمد بن المبارك  سنة  2001.

حصل المقال على : 1٬340 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد