قال الإمام عبد الكريم الجيلي قدس الله سره :
ذاتٌ لها في نفسها وجْهَانِ **للسّفل وجهٌ والعُلا للثاني
ولكلّ وجهٍ في العبارة والأدا ** ذاتٌ وأوصافٌ وفعلُ بَيَانِ
إن قلت واحدة صدقْتَ وإنْ تقُلْ ** إثنانِ حقّا إنّه إثنانِ
أو قلتَ لا بل إنّهُ لَمثلّثٌ **فصدقْتَ ذاك حقيقةُ الإنسانِ
أنظرْ إلى أحديةٍ هي ذاتُهُ ** قل واحدٌ أحدٌ فريدُ الشّانِ
وإذا تصّفحتَ الحقيقةَ والّتي ** جمَعَتْهُ ممّا حكمُه ضدّانِ
تحتارُ فيهِ فلا تقولُ لسُفلِه ** علوٌ ولا لِعُلْوِهِ داني
بل ثَمّ ذلك ثالثاً لحقيقةٍ ** لَحِقَت حقائقَ ذاتِها وصْفانِ
فهيَ المسمّى أحمدٌ مِن كونِ ذا **ومحمّدٌ لحقيقةِ الأكوانِ
وهو المعرَّفُ بالعزيزِ وبالهُدى **مِن كونِهِ ربّاً فداهُ جناني
يا مَركزَ البَيكارِ يا سرَّ الهُدى **يا مِحْوَرَ الإيجابِ والإمكانِ
يا عينَ دائرةِ الوجودِ جميعِهُ ** يا نُقطةَ القُرآنِ والفُرقانِ
قُطْبُ الأعاجِبِ أنتَ في خَلواتِهِ ** فلَكُ الكمالِ عليكَ ذُو دَوَرَانِ
نُزِّهْتَ بلْ شُبِّهتَ بلْ لك كلُّما ** يُدرى ويُجْهَلُ باقِيًا أو فاني
ولكَ الوُجُودُ والاِنعدامُ حقيقةً ** ولكَ الحضيضُ معَ العُلا ثَوبان
أنت الضّياءُ وضِدُّهُ بل إنّما ** أنتَ الظّلامُ لِعارِفٍ حَيرانِ
مِشْكاتُهُ والزَّيتُ مَعْ مِصْباحِهِ **أنتَ المرادُ بهِ ومَن أنْشاني
زيتٌ لِكونِكَ أوّلًا ولكونِك الـ**مَخْلُوقَ مِشكاةٌ مُنيرٌ ثاني
ولأجلِ رَبٍّ عَينُ وَصْفِكَ عَينُهُ ** ها أنتَ مِصباحٌ ونُورُ بَياني
كنْ هادِيًا لي في دُجى ظلماتِكُم ** بِضيائِكُم ومُكمّلًا نُقصاني
ياسيِّدَ الرُّسُلِ الكرامِ ومَن له **فوقَ المكانِ مكانةُ الإمكانِ
أنت الكريمُ فَجُدْ فلي بِكَ نسبةٌ ** عبدُ الكريمِ أنا المحبُّ الفاني
خُذْ بالزّمامِ زمامِ عبدِك فيكَ كي ** يُرْخى ويُطْلَقُ في الكمالِ عَناني
ياذا الرَّجاءِ تَقَيَّدَتْ بِك مُهْجَتي ** بلْ لِلمحبةِ قدْ دَعاكَ لِساني
صلّى عليكَ اللهُ ما غَنَّتْ على ** مَعْنى تَصاويرٍ لهنَّ مَعاني
وعلى جميع الآلِ والصّحبِ الّذي ** كانوا لِدارِ الدِّينِ كالأركانِ
والوارثِينَ ومَن له في سَوْحِكُم ** نَبَأٌ ولوْ بالعِلْمِ والإيمان
وعليك صلّى اللهُ يا حاءَ الحَيَا ** ياسينَ سِرِّ اللهِ في الإنسان
انتهى