إشارات جُرْنَعِــدِيَّة(2):موضوع عرفاني
الحلقة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله و صحبه وسلم.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى آل سيدنا و مولانا محمد إمام الرسل والانبياء،وممد الاصفياء والاولياء،بنبوته طاب الابتداء،وحسن الانتهاء،وصحبه وسلم.
قال سيدي محمد الكتاني رحمه الله: كان سيدنا محمد يؤخذ عنه فيتلقى ذلك الحكم من الله تعالى من الوجه الخاص الذي بين كل مخلوق وبين ربه،لأن كل نبي من الانبياء والرسل اكتنفت ذاته القدسية ثلاث دوائر : النبوة – الرسالة – الولاية.ودائرة الولاية هذه لايحتاج فيها لوساطة متوسط في تلقي شيء من الاشياء،وهي الوجهة التي علم من قبلها{ الخضر} العلم اللدني “وءاتيناه رحمة من عندنا وعلمنه من لدناعلما” انتهى.
ويقول في موضع آخر:{ فكوفح عليه الصلاة والسلام ثمة في عالم الارواح بالقرءان الحكيم ،فأنزله عليه ربه منه إليه، بدون وساطة القوة الجبريلية فضلا عن اللوح المحفوظ، فضلا عن الاملاك الاخرى. إلا انه لما شرفه بنزول القرآن عليه في عالم الغيب،استكتمه الحق سبحانه هذا السر، فأودعه في حماطة جلجلانه،وضرب عليه ستور أكناف الغيرة و العزة حتى لايشعرأحد من الاكوان بهذا السر}.انتهى كلام الشيخ أبي الفيض سيدي محمد الكتاني رحمه الله.
فالقرآن صفته صلى الله عليه وسلم والصفة ملازمة للموصوف منذ ظهوره في تلك المهامه الغابرة قبل القبل،قبل ظهورالملك جبريل عليه السلام ،و قبل ظهورالكائنات، فاطلع عليه وعَلِمه وتشرف بنزول القرآن إليه .قال الله تعالى:{وبالحق انزلنه وبالحق نزل وما ارسلنك الامبشرا و نذيرا و قرآنا} فوصفه بأنه “المبشر النذير والقرءان” ،قالت أمنا عائشة رضي الله عنها :{كان قرآنا يمشي }.
وقال تعالى:{ تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعلمين نذيرا} والعالمين شملت كل الممكنات، والنذير المرسل إليهم قد اصطحب بكل الاسماء والصفات الالهية،وكذالك بالكلام الازلي ،قبل وجود العالمين ليكون مؤهلا لحمل الرسالة وتبليع الامانة والقيام بالخلافة الكونية الكلية الظاهرةوالباطنة.اما النزول التفصيلي الذي دام قرابة 23 سنة فمفرق ومنجم حسب الاحداث وحسب الوقائع ،رحمة بالمكلفين.
يقول سيدي محمد الكتاني في كتابه الكشف والتبيان :{ومن الاسرار الموجبة لإنزال القران مرتين :الأولى منها مراعاة ميزان العدل لميزان الطبيعة فلو نزل دفعة واحدة على الخلق لكان يثقل عليهم، ولما نزل مفرقا ،لاجرم نزلت التكاليف كذلك منجمة، فكان تحملها أسهل. كما روي عن بعض الصحابة انه قال:{لقد احسن الله الينا كل الاحسان، كنا مشركين فلو جاءنا رسول الله بهذا الدين جملة وبالقران دفعة لثقلت علينا التكاليف. فما كنا ندخل الاسلام ولكنه دعانا الى كلمة واحدة فلما قبلناها و ذقنا حلاوتها قبلنا ما وراءها كلمة بعد كلمة الى ان تم الدين و كملت الشريعة} انتهى.
فالنبي صلى الله عليه وسلم متحقق بالقرآن ،عالم به ومتصف به ،ونزول الوحي عليه إنما منه إليه ،وما هي إلا الاحمدية المفيضة على المحمدية، فالوحي من لوح أحمديته يتلى وعلى محمديته يقرأ.والى هذا اشار صاحب صلاة المتردي بقوله :” من الذات للذات بالذات”، ووساطة جبريل تشريع لكي لا يعبد من دون الله،فهوعبد من عباد الله ،والفيض كله من بحر الاحمدية إذ هي المفيضة على الرسالات السماوية كلها” هذا ذكر من معي و ذكر من قبلي” “هذا ” اشارة الى القرءان.
وإليكم بعض الإشارات جرنعدية العرفانية الرقيقة تعضد باطنيا واشارتيا ما ذكرته : قال تعالى :” نزل به الروح الامين ” ومن المعلوم أن الملك المكلف بالوحي هو جبريل عليه السلام،وهو الروح الامين.وللقرآن ظاهرو باطن ،ولباطنه سبعة أبطن. فحساب(الروح الامين) يُظهر خفايا الاسرار كسرالروح الامين = 377 وهو مجموع كسر كلمة (جبريل) وكسر كلمة( محممد) مع اعتبار الميم الباطنة المدغمة،والتي تشير الى الوجهة الحقية النبوية المحمدية،أي جبريل = 245 + محممد = 132 = 377 وهذا دليل باطني أن الوجهة الحقية لمولانا رسول الله صلى الله عليه و سلم هي التي منحت لجبريل رئيس الملائكة، صفة الروح الامين عندما يكون حاملا للوحي وهذا وجه من وجوه النبوة المحمدية باطن في جبريل ،عندما تسند اليه مهمة الوحي. أماعندما لا يكون وساطة في الوحي فهو ملك رئيس الملائكة وكفى (245).
قال تعالى :” وإنك لتلقى القرءان من لدن حكيم عليم ” تلقى بدون وساطة ولم يذكرالوحي ،فهناك ملقي وملقى إليه ، فالمتلقي هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم والمُلقي هو(حكيم عليم) وكسرالمفردتين(حكيم عليم) هو 114×2 أي مشكاة القرءان المعنون عنها بالاحمدية. فالمحمدية موصوف وصفتها الاحمدية وهي القرآن. وهذه الاية جاءت في أوائل سورة النمل المفتتحة بقوله جل شأنه “طس تلك ءايات القرآن وكتاب مبين” فهل هناك علاقة ل” طس” بما ذكرناه ؟ وفي سورة الحجر” الر تلك ايات الكتاب وقرءان مبين” فانتبه يا ولي الى تقديم الكتاب في سورة الحجر وتعريفه ،وتأخير القرءان وتنكيره ،والعكس في سورة النمل. اسرارلا تعرف الا بصحبة العارفين. وقال تعالى:” قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين ءامنوا و هدى و بشرى للمسلمين ” كسر مفردة نزله يعطيك 92 أي محمد . فالمنزل و المنزل إليه حقيقة واحدة ،منه إليه.
قال سيدي عبد الحي الكتاني رحمه الله: اللهم صل وسلم و بارك على سيدنا و مولانا محمد وعلى آل سيدنا ومولانا محمد أول بارز من بطنان الازل، ءاخر من عليه جبريل بما تلقاه منه نزل .
وإذا ما فككنا الادغام “نززله” فالمعنى يغوص أكثر فيعطينا حساب الكسر نززله= 99 ،والبسط و الكسر نززله= 360 أي أن النزول قد تم دفعة واحدة في بساط الاسم الجامع، رئيس الاسماء الالهية، وهو دائرة اسم الجلالة الله إذ بسط و كسر اسم(الله) يساوي 360.
الله أكبر.
الله أكبر.
الله أكبر.
قال تعالى:” علمه شديد القوى” بسطا و كسرا هو 145 × 23 . و العدد 23 إشارة إلا مدة البعثة (مدة التعليم التشريعي) كما هو معلوم. و 145 هو مجموع الصفتين محمد + احمد ( 92 + 53) الوجهة الحقية لسيدنا محمد صلى الله عليه و سلم , كما أن 145 هو كسر اسمه تعالى “مهيمن” فتتضح الرؤيا ويفسح المجال للعبارة للقول بأن شديد القوى( بألف مقصورة مخالفة للعربية) “وليس القوة” نعت للوجهة الحقية لمولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم المهيمنة على الرسالات السابقة .
قال تعالى “وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ” انتبه الى “إليك” ولم يقل تعالى عليك ،والكتاب المذكور الاول هو القرءان والكتاب الثاني اشارة الى الكتب الاخرى التي هي تحت هيمنة القرءان
هذه بعض الايات اوردناها للتدليل على ما ذهب اليه جل العارفين وطبعا لا ننفي معناها الظاهركما ذهب اليه المفسرون اصحاب الظاهر جزاهم الله خيرا ،إنما هي إشارات لأصحاب البشارات من يقرأون ما وراء الحروف والكلمات وفطنوا الى سر الثلاث ضمات( ضمات جبريل لرسول الله) و الى رده صلى الله عليه ،على جبريل :ما أنا بقارئ .”ما ” حملها علماء الظاهر على النفي أي ليست بقارئ،وحملها علماء التصوف على الاستفهام ،أي ماتريد أن أقرا لك لقد قرأته من قبلك.
وأختم بصلاة من الدليل المبارك ،المسمى” أسرار وحقائق بين معشوق وعاشق” : اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ، الَّذِي كَانَ نَبِيّاً فِي الأَزَلِ.وَزِيدَ نَبِيّاً، وَمَازَالَ وَلَمْ يَزَلْ.قَهْرَمَانُ العَطَاءَاتِ فِي كُلِّ مَاصَعِدَ وَمَا نَزَل.الَّذِي بِمَا تَلَقَّاهُ مِنْهُ جِبْرِيلُ،إِلَيْهِ بِهِ نَزَلْ.﴿ وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ٱلۡقُرۡءَانَ مِن لَّدُنۡ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ .
الفقير الى عفو ربه : جــــمــــال