وقفات مع الشّيخ فخر الدّين العراقي

 يقول الشّيخ فخر الدّين العراقي:

الحقيقة المحمّدية  :هي الوحدة الحقيقية ، وقيل : الرّوح الأعظم ، وقيل : صورة الاسم الجامع الإلهي ».اهـ.

قلت :  قوله الحقيقة المحمدية هي الوحدة الحقيقة ، لأن الكل كان مرتوقا في نبوته ،و بالاصطحاب مع احمديته  وقع الفتق ،وبارك الله تعالى في هذه الوحدة فتكثرت،(قال الكتاني: المتأحد في عين الكثرة المتكثر في عين الوحدة) فظهر تفصيل ماكان مندرجا في حقيقته اندراج النخلة في النواة ،ففي حقيقة النواة هناك نخلة. وبطبيعة الحال لتثبت له الخلافة فقد تحلى صلى الله عليه وسلم بالاسم الجامع”الله”وبالتالي بالاسماء الحسنى التي تحته  فكان سرا كليا جامعا لتجليات  الاسماء الالهية ” ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله”.

قال الشيخ  الحقيقة المحمّدية  :هي أنّه صلى الله عليه وسلم هو مظهر الذّات ، وأنّ الظّاهر في حقيقته ليس إلا النّور الذّاتي ، لأنّ رتبته قبل رتبة الأسماء والصّفات ، إذ حقيقته برزخ مابين الأحدية والواحدية .اهـــ.

قلت :  مظهر للذات ، لا يظن  أحد أن الشيخ  يقصد  بالذات، الذات الالهية فلا علاقة لها بالمخلوقات ولا ظهور لها. إنما الذات تعني بالنسبة له  الاحدية ، بدليل قوله النور الذاتي، لأن محتده الاحدية، وهي المرتبة التي قبل مرتبة الاسماء والصفات ، وحقيقــته برزخ بين الاحدية حيث لا تجل ،والواحدية حيث التجلي. وقوله هذا يتماشى مع مذهب الجيلي والكتاني اللذان  جعلا دائرة الواحدية قبل الالوهية. أما حسب مشربنا العرفاني فالألوهية قبل الواحدية،وبالتالي نقول ان حقيقته برزخ بين الاحدية ودائرة الالوهية).

قال الشيخ : والصّفات إنّما هي في الواحدية ، فالصّفات الإلهيّة كما هي حجب ذاته تعالى ، حجب الحقيقة المحمّدية أيضاً،فالكشف عنها كالكشف عن أحدية الذّات،المبطل للخصوصيات،اهـ

قلت :   الاحدية حضرة سحق ومحق ولا تجل بها بإجماع جميع العارفين ، فالأسماء الالهية ظهرت في الواحدية، لكن كلها متساوية المقتضيات فالضار هو النافع والمعطي هو المانع. والاسماء والصفات هي حجب للذات الالهية وكذلك هي حجب حائلة  دون معرفة الحقيقة المحمدية، اذ هي من نور الله” لقد جاءكم من الله نور ”  “ولون الماء لون انائه” ماعرفني حقيقة غير ربي” فلا كشف ولا معرفة تصلها كل ما يُعرف عن الحقيقة النبوية ،تُظهره التجليات الالهية، كل زمان ونصيبه ،حسب ما اراد الله تعالى اظهاره ،وما خفي عنهم فهو رحمة بهم ،فكل عارف حسب مقامه ذائق وبتجليات عصره ناطق  .وصلى الله على حبيبنا ونبينا وسيدنا محمد وعلى اله وصحبه.

ابن المبارك

=========================================================

فخر الدين العراقي الهمداني (ت. 688هـ) هو شاعر و عارف فارسي.

تتلمذ على صدر الدين القونوي ومريد شهاب الدين السهروردي.

نعت نفسه بالعراقي، قيل أنه انضم لجماعة من القلندر، وصحبهم إلى الهند حيث تتلمذ عند بهاء الدين زكريا الملتاني، ثم انزعجت جماعته لإصراره على الترنم بغزل من تصنيفه بدل التأمل في صمت، فانصرف عن ملتان وفي الأناضول صحب محي الدين بن عربي، وصنف كتابه ((لمعات)) تعليقا على فصوص الحكم لابن عربي، وقد أسهم في إيصال عمل ابن عربي لفارس، ودفن في الشام بجوار قبره في دمشق.

ابن المبارك

حصل المقال على : 1٬544 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد