وقفات مع الشيخ الفرغاني

استدلالات على كلامه من الكتاب والسنة

        قال الفرغاني قدس الله سره:  وكل نبي من آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم مظهر من مظاهر نبوة الروح الأعظم . فنبوته ذاتية دائمة ، ونبوة المظاهر عرضية منصرمة ، إلا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم , فإنها دائمة غير منصرمة .اهـــ

قلت : سيدنا محمد  صلى الله عليه وسلم نور الله و اول الانبياء في الخلق” كنت نبيا وادم منجدل في طينته” وهذه الأولية اقتضت ان تكون إزائها اخرية ،وهم الانبياء . قال تعالى (قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين) ،أي “كُنت ولم يكن معي غيري”،إذ لو كان لله ولد لكنت أعرفه..فهو أول العابدين وأول المخلوقين.

وهو صلى الله عليه وسلم (أول المسلمين)،قال تعالى (وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين)(الأنعام).

 تقدّمت حقيقته على كل الحقائق واستمد منها كل الخلائق،قال صلى الله عليه وسلم “أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر”،فهو (رسول من الله)(سورة البينة) قبل القبل، رسول الى الانبياء الذين بعثوا قبل ظهور الجسم الشريف قال تعالى (ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال آقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا)، هذا ميثاق عظيم اخذ له صلى الله عليه وسلم في عالم الشأنية فأقروا بمنزلته،ودخلوا تحت حكم خلافته وسلطان وَساطته ،وبعد مَجيء المَلَك اصبح (رسول من عند الله)(سورة البقرة) : ظهور الجسم الشريف ونزول الوحي.

قال تعالى (إن يوحى إلي إلا أنما أنا نذير مبين ).( إلا إنما) اداة  تُفيد الحصر. وفي آية أخرى (وقل إني أنا النذير المبين) الوحيدة في القرآن بالتعريف لتميّزه عن باقي الرسل الكرام،لأنه صلى الله عليه وسلم (نذير من النذر الأولى)،له (الأولية في الإنذار والإخبار عن الله)،ولم يُرسل قبله رسول ولا نبي (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي)،غيره “نُوّاب يُبلّغون عنه”.

         كل النبيين والرسل الكــرام أتــوا == نيابة عنه في تبليغ دعـواه.

         فهو الرسول إلى كل الخلائق فـي == كل العصور ونابت عنه أفواه.

قال تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين): وإرساله رحمة للعالمين يقتضي أنه (أفضل العالمين) وكان موجوداً قبل العالمين،إذ لا فائدة من إرساله رحمة للعالمين وهو لم يظهر إلا مُتأخراً عنهم.

قال تعالى ”  شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ  أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ  ” هو وحي له ووصية لغيره،

يقول  الشيخ الفرغاني :  إذ حقيقته حقيقة الروح الأعظم , وصورته صورة الحقيقة التي ظهر فيها بجميع أسمائها وصفاتها . وسائرالأنبياء مظاهرها ببعض الأسماء والصفات . تجلت في المظهر المحمدي بذاتها وجميع صفاتها , وختم به النبوة , فكان الرسول صلى الله عليه وسلم سابقا على جميع الأنبياء من حيث الحقيقة , متأخرا عنهم من حيث الصورة , كما قال : نحن الآخرون السابقون , وقال : كنت نبيا وآدم بين الماء والطين : وفي رواية أخرى : بين الروح والجسد : أي لا روحا ولا جسدا )اهـــ

قلت : حقيقته صلى الله عليه وسلم هو الروح الاعظم أي القرءان ” وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا’  قل الروح من امر ربي”

اما قوله (وصورته صورة الحقيقة التي ظهر فيها بجميع أسمائها وصفاتها) ظهر بجميه الاسماء والصفات الالهية لأنه صلى الله عليه وسلم خليفة ،وللخليقة الظهور بصورة من استخلفه’ إن الذين يبايعونك انما يبايعون الله” فله الجمعية الكلية وغيره من الانبياء ظهر ببعض الاسماء والصفات ،لأنه صلى الله عليه وسلم كلي وغيره جزئي، ولأن النبوة ذاتية له عرضية ولغيره بالجعل قال صلى الله عليه وسلم “لو كان موسى حيا ما وسعه الا ان يتبعني”

فتقدم في الوجود “فأنا اول العابدين” وتأخر في الشهود “لكن رسول الله وخاتم النبيئين”فلم يتحقق بالنبوة والرسالة إلا الموصوف بهما حقاً وحقيقة،وغيره نُوّابُه،وأوصيّاؤه ،من فَيْض نبوته إستمدوا،ومن سراج رسالته إقتبسوا (هذا ذكر من معي وذكر من قبلي). فشرائعهم فرع عن شريعته بحُكم الميثاق المأخوذ في عالم الشأنية  الذي يقتضي  وجود حقيقته المحمدية ،تُمِدّ بَرازيخ الوحي الأولية.ولفضله العظيم ،و قدره الجليل ،لَم يُناديه الحق تعالى إلا بصفاته: (يا أيها النبي) (يا أيها الرسول) (يا أيها المزمل) (يا أيها المدثر). ونادى سائر الأنبياء بأسمائهم: (يا إبراهيم أعرض عن هذا)

الفرغاني كان يحضر دروس القونوي

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد

ابن المبارك

حصل المقال على : 1٬727 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد