وقفة عرفانية مع آية قرآنية

بسم الله الرحمان الرحيم الحمد لله رب العالمين.  اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى ال سيدنا ومولانا محمد صلاة تفتح للخير بصيرتنا وثتبت في السير أقدامنا وترفع بها مقامنا وتفتح لنا مجال العبارة للتلميح عن الاشارة وصحبه وسلم.  قال تعالى {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } كل المخلوقات تفتقر الى خالقها ومُمِدها افتقارا ذاتيا ورجوعا كليا لا غنى لهم عنه،أولا وأخرا،ظاهرا وباطنا،بدء وعودة  سواء عاينت الى الامور تحت مجهر الذوق والتحقيق،أوعلى ضوء مراتب الوجود والتدقيق هو اسم الجلالة “الله” الاسم الجامع و المتضمن لكل الاسماء الالهية.فما في الكون الا تجلياتها وآثارها،حسب ما سُطِّر، ازلا في بساط الرحمانية، فالإسم ‘الرحمن”هو الذي يلي اسم الجلالة في المرتبة { قل ادعو الله او ادعوا الرحمان أيا ما تدعو فله الاسماء الحسنى }.  و الموجودات لا تستطيع  الصمود أمام حرارة تجليات الاسماء الالهية لولا الواسطة المحمدية {وما أرسلنك إلا رحمة للعالمين }فالنبوة المحمدية هي  الوسيط  البرزخي الذي لولاه لانهد العالم بأسره و ماصمد.يقول مولاي عبد السلام ابن مشيش رحمه الله في صلاته التي ذاع صيتها في الافاق ” إذ لولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط”  لذهب الكون و أهله،قال تعالى { وإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون }وإما نذهبن بك يا نور النبوة يا محمد. فسره ساري في مقتضيات الاسماء والصفات بلا تفريط و لا إفراط . يقول سيدي أبو الحسن الشاذلي تلميذ القطب مولاي عبد السلام ابن مشيش رحمهما الله:”  اللهم صل وسلم على سيدنا ومولانا محمد السر الساري في سائر الاسماء و الصفات وعلى اله و صحبه “. 

فكل شيء هالك{هالك كتبت  بألف ثابتة } و يُقصد به  يوم القيامة كما ذهب اليه جمهور المفسرين رحمهم الله .كما يُقصد به الاستهلاك على وجه التحقيق والتدقيق الإشاراتي, إذ كيف تضمن وجودك و كل كلياتك تحت سلطان الاسماء التسعة و التسعين، فأنت رهين بها صفة وكيانا. ومن معاني الهلاك الفناء و الوقوف، فغداء الكون هو تجليات الاسماء الالهية هي التي تضمن له  استمراريته وسيره ،هي المختارة والفاعلة.

لطيفة : “هالك”بسطا و كسرا  يساوي 379 = 360+19 .

 360 هي بسط و كسر اسم الجلالة الله

 19 هو طلسم النبي صلى الله عليه و سلم .

 فالاشياء و إن ظهرت صورتها وطبيعتها فباطنها قائم بالاسماء، واستمراريتها ثابتة بالسر المحمدي الساري فيها و لكل شاكلته تخصه،فما من شئ الا ويستند في وجوده الى اسم من الاسماء الالهيه منها مدده وسر بقائه وحيثما كانت الاسماء الالهية كانت مصطحبة معها مرتبة من مراتب النبوة المحمدية وهذا هو الوجه الذي اشارت اليه الاية القرءانية ” فأينما تولوا فثم وجه الله” . وهذا من اسباب حذف الف اسم الله { ظــــــ’هر } في القران و ثبتت الف اسمه{ باطن }. وهو قول ابن عربي “هو الظاهر في المظاهر” الظاهر بأسمائه وصفاله لا بذاته تعالى عن ذلك علوا كبيرا.  فالموجودات مستهلكة في هذا البساط الذي هو بساط اسم الجلالة الله والذي  تحت حيطته  كل الاسماء الالهية ،والنبوة المصطحبة بها.اصطحاب رحمة ولطف،وهذا هو الاستهلاك الباطني الحقيقي و ليس الفناء الجسدي:{ وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ } وما ظهرت الكائنات حقيقة وصورة  الا في بساط الرحمانية .

و في قوله تعالى:{ كل شيء هالك الا وجهه } اسثتناء الوجه لا يرجع على الله وإنما راجع الى الشيء ويقال وجه الشيء أي ما يقبل به من رأسه و فيه العينان و الفم ومنه اشتقت المواجهة أي المقابلة.فهذا الوجه  ظاهرلأصحاب الشهود وهو الاسم المتجلي عليه ومرتبة النبوة القائمة عليه. قال تعالى {وما أرسلنك الارحمة للعالمين } و حساب كسر {وجهه} يساوي  19 وهذا العدد هو عدد حروف البسملة و طلسم النبوة ،وأس القرءان،فهلاك الشئ منوط بخلو اسرار النبوة منه وانقطاع التجلي عليه .انظر الى عصا موسى حينما تغير عليها التجلي انقلبت حية ثم أعاد لها الحق تعالى سيرتها الاولى أي التجلي الحاكم عليها{ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} : فالحكم في الوجود للأسماء الإلهية هي المسيرة للكون بأياد خفية”وكسر كلمة {الحكم } يساوي 99  ويشير  للحاكم الحقيقي ،هو سلطان الاسماء 99.”

                          قال تعالى [وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ   لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ] فبدأت الاية بقوله تعالى ” وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هو” تنبيه لنا حتى لانرى  فاعلا سواه وان تعددت الاسباب فالأسماء الالهية هي الآخذة بنواصي العباد [ ما من دابة الا هو آخذ بناصيتها ان ربي على صراط مستقيم ]  الرب على صراط مستقيم ،وناصية الدابة بيده ….فالدابة لا محالة على صراط مستقيم.

اعملوا فكل ميسر لما خلق له( الحديث). فهو العاطي والمانع والضار والنافع….فلا معطي لما منع ولا مانع لما  أعطى.استهلاك ذاتي للخلائق في مقتضيات الاسماء الالهية ” يا ايها الناس انتم الفقراء الى الله”.فكل ما يفتقر ‘ليه يصب في مقتضى اسم إلهي

والله اعلم

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه. سبحان ربك رب العزة عما يصفون و سلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين.

الفقير الى عفو ربه: جـــــمــــال

حصل المقال على : 2٬055 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد