يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين

قال الحق سبحانه ( لِلْفُقَرَآءِ ٱلَّذِينَ أُحْصِرُواْ فِى سَبِيلِ ٱللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِى ٱلْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ ٱلْجَاهِلُ أَغْنِيَآءَ مِنَ ٱلتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَٰهُمْ لَا يَسْـَٔلُونَ ٱلنَّاسَ إِلْحَافًا ۗ وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍۢ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِۦ عَلِيمٌ)البقرة 273

كلمة (الجاهِلُ ) في هذه الاية هي الوحيدة بالف ثابت من بين باقي المفردات التي لها نفس الجذر اللغوي (جٰهلون…الجٰهلون..الجٰهلين…بجهٰلة..الجٰهلية )كلها محذوفة الألف. 

 من اسباب الحذف :

1= يحسبهم  الجاهل اغنياء من التعف،إذ لولم يكن جاهلا لفطن الى انهم ليسوا اغنياء،وانما هم متعففون.لا يسألون الناس إلحافا.وهذا اقتضى ثبوت الألف.

2= ووردت الجاهل بالمفرد وبالتعريف. وهذا يؤيد اثبات ألفها.

3= قال تعالى. ” تعرفهم بسيماهم” خطاب موجه لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. ومن خلاله لأمته، وهذا يقتضي الخصوصية  اذ ليس كل ناظر إليهم يدرك هذه السيمة التي تظهر على ملامحهم . بخلاف لو قال تعالى: ( يُعرفون بسيماهم ) لكانت المسألة عمومية وكل من رآهم فطن الى تعففهم. كما ان بِسِیمَـٰهُمۡ محذوفة وهذا  يعني ان علامة الفقر وعلامة التعفف تختلف من هذا للاخر.

ومن باب الاشارة : جاءت مفردة (الجاهل)معرفة بأن هذا الجهل هو من نوع خاص ومحدد،وليس مطلق الجهل،وإنما هو جهل ب (علم الباطن) الناتج عن (صفاء القلب) وحاسته (الضمير الحي / الفراسة)..كما أن مفردة (الجاهل) ترمي إلى أن هذا النوع من الجهل لا يسلم منه إلا الخواص من أهل الله عز وجل،الذين تخلّوا عن النقائص وتحلّوا بالكمالات فتجلّت عليهم المعرفة الحقّة الماحقة للجهل بكوامن الأمور.. فربما جاءت كلمة (الجاهل) ثابتة الألف ومعرفة ومفردة،لتوقظ عقولنا وقلوبنا إلى أن (الجهل) صفة الإنسان،ك(الفقر)،ومن هنا هذا التلازم  في الآية بيَّن التلبيس على (الجاهل) بحال (الفقير)،فأثبت لهم الحق تعالى (الغنى) تحققاً،لما إفتقروا إلى الله تعالى ورضوا بقسمته وتحلوا ب(العفة)..ف(العفة) تورث (الغنى)..كما أن معنى (الفقراء) في الآية لا يُحيل إلى (الفقر المادي) فحسب،بل أيضاً يشمل حالة (الفقر الى الله والاستغناء عما سواه)،حصروا أنفسهم بالمجاهدة والرياضة،فأثمر لهم (الغنى الحقيقي) بالأحوال السنيّة والمعارف الربانية والأخلاق الكريمة.كما جاء في قوله تعالى (إنما الصدقات للفقراء) فقد أولها العارفون إشارياً بأن (المواهب والمعارف تُعطى لمن إتصف بالفقر مما سوى الله تعالى)..فأول الآية (للفقراء) ونهايتها (عليم)،يوحي بأن (الفقر / بالمعنى الصوفي) يورث (الغنى / المعنوي خصوصاً ) اما(جٰهلون…الجٰهلون..الجٰهلين…بجهٰلة..الجٰهلية) فهي جمع و حذف الجمع يشير الى اختلاف صفة الجهل بين المنعوتين بها ،هذا جاهل اكثر من هذا….  ونوعية جهل هذا مخالفة للآخر… وحذفت ألف “الجاهلية” لأنهم لم يكونوا سواسية في جاهليتهم، هذا يعبد الحجر والاخر الشجر هذا يعبد النجوم….. 

والجهالة كذلك فيها اختلاف بين المتصفين بها.

كما ان الحذف يشير الى ان هذا النعت يمكن ان يتغير من الجهل الى المعرفة.

والله اعلم

حقائق جمعت من مناقشات ومذاكرات بين ثلة من الاحبة حول الرسم القرءاني

رشيد موعشي

حصل المقال على : 2٬597 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد