حذار من أوحال التوحيد
قال صلى الله عليه وسلم :”من قال لااله الا الله دخل الجنة “
قولك” لا إله” هو نفي ،وإخراج لما سوى الله من القلب،نفي وجود أي إله حسي كان، كالأصنام و الأنواء والطواغيت وعلماء السوء،والحكام والهوى،أو إله معنوي كالقوانين الوضعية ،والعادات والطقوس، والبدع الظلمانية.
” لا إله” : حتى إذا صار القلب خليا من كل ما سوى الله،قبلته دائرة الإثبات ” إلا الله” . إلا الله = سبعة حروف ،وكسرا تساوي 98 .إلا الله =98 ، أي عدد الأسماء الحسنى التي تحت رئاسة اسم الجلالة “الله” فالإثبات يظهرها،بعدما سبقه النفي لما سوى الله،فإذا بقي في قلبك شيء من أوحال التوحيد، لاتشرق فيه الأسماء الإلهية(وذروا الذين يلحدون في اسمائه سيجزون ما كانوا يعملون) فالأخذ بالأسباب سنة دون الاعتماد عليها،والتوكل عليها وجعلها فاعلة في الوجود،وزيارة الطبيب واجبة،والشافي هو الله ،فالمعطي والمانع ،والضار والنافع… هو الحق تعالى، إن خالج نفسك غيرهذا،دخلت مستنقع أوحال التوحيد .أما اذا كنت لا ترى فاعلا حقيقة سوى الله ،ولا موجودا حقا الا الله.وكل من عند الله ،تشرق الأسماء الإلهية في قلبك إشراقا لا يتبعه كسوف،ويشملك قوله صلى الله عليه وسلم ” لله 99 اسما مئة الا واحد من أحصاها دخل الجنة” وأعظم إحصاء لها يكون في قلبك ،وهو مقتضى الحديث القدسي ” ما وسعني أرضي ولا سمائي ووسعني قلب عبدي المومن” فليغلب عليك شهود قيومية الحق سبحانه وأنه هو الرازق وهو المغني وهو المانع وهذا ليس أمرا بترك الأسباب إنما المقصود إفراغ قلبك من هَمِّ الرزق وخوف الخلق،وإنما يتوكل على الله من لايرى فاعلا سواه. لذى قال تعالى لنبيه ” فاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ”.ولم يقل له :ءامن بأنه لا إله إلا الله.ولا يكون العلم بكلمة التوحيد علما لا مجال للشك فيه ،حتى تصحبه المشاهدة.وأينما تولت ترى وجه الله(فأينما تولوا فثم وجه الله) وتيقنت أن لا إله إلا الله شريعة وحقيقة ،وما في الوجود الا تجليات أسماء الحق تعالى.
جعلني الله وإياكم من أصحاب وحدة الشهود.
عن أنس رضي الله عنه أن النبي لقي رجلاً يقال له حارثة في بعض سكك المدينة فقال:”كيف أصبحت يا حارثة؟” قال:”أصبحت مؤمناً حقاً”،فأتَى بالشّرط الأول (الإيمان)،فقال له :”إن لكل حق حقيقة،فما حقيقة إيمانك ؟ “،قال:”عزفت نفسي عن الدنيا:فأظمأت نَهاري،وأسْهَرت ليلي،وكأنّي بعرش ربي بارزاً،وكأني بأهل الجنة في الجنة يتنعّمون فيها،وكأني بأهل النارفي النار يُعذّبون”. فعَبّرعن العلم بحقيقة الايمان بالمشاهدة(وكأني بعرش ربي بارزاً..)فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: “أصَبْت فالْزَم،مؤمن نَوّر الله قلبه”.
فلا تصحّ معرفة الشيء إلابمعرفة حَقّه وحقيقته .فحذار من اوحال التوحيد.