كان في ما مضى،عندما ينتمي المريد الى طريقة صوفية،فهو يبحث عن معرفة الله واسمائه و صفاته،ومعرفة الحقيقة المحمدية.اي الوصول الى مقام الاحسان، الذي أوله مجاهدة واخره مشاهدة.
جاء في الحديث الذي رواه الشيخان.
قال صلى الله عليه وسلم : تجدون الناس كإبل، مائة لايجد الرجل فيها راحلة،وفي رواية لا تكاد تجد فيها راحلة …. والراحلة هي الإبل النجيبة القويةعلى حمل الأثقال،وتحمل السفر،مع جمال وحسن الهيئة،وهي ناذرة بين الإبل.
وهذا التشبيه في غاية الدقة ،ونجده كذالك في التصوف. فهناك اصحاب الهمم العالية،والصدق في التوجه الى الله،الذين يبحثون عن المعرفة ولكن هم قلة قليلة.فلا تكاد تجد في ألف من السالكين إلا واحد منهم يبحث عن المعرفة، وتتوق نفسه الى المقامات القعساء،والى منازل الاصفياء،ويسعى للنفحات العرفانية الحقيقية.
فنذرة النجيب في السالكين،كنذرة النجيب في الإبل.
وما اصدق قول الشاعر .
إني لأفتح عيني حين أفتحها
على كثير ولكن لا ارى احدا
يفتحها على كثير من الطرق الصوفية،وعلى الكثير من السالكين.ولكن لا يرى صوفيا حقيقيا يريد ان ينتقل من المجاهدة الى المشاهدة.
وان يعبد الله كأنه يراه.
ربما أن الدنيا وزخرفها بالنسبة للكثير هو الهدف الحقيقي،والغاية الكبرى، لأنها محسوسة ملموسة.
أما حقائق التصوف،فتطلب الصبر والسير الطويل ،ولا تظهر ثمراها الا في النهاية.
وربما ان التصوف الحقيقي اندثر،وحل مكانه تصوف فلكوري ،وتصوف تجاري.
الشيخ الذي يتصدر المشيخة من مصلحته ان يكون السالك.بلا همة فلا يزعجه بالاسئلة والاستفسارات.
وربما ان حقائق التصوف العرفاني.لا تستحملها حويصلات الكثير من السالكين.
فالتصوف الحق يعرف بالحقيقة المحمدية، اعتمادا على الكتاب والسنة، وينبه الى علو قدرها الذي لم تدركه عقول الكثير.كما يشرح اسرار الرسم القرءاني.وخبايا كلام العارفين.
قال الغزالي رضي الله عنه:
غزلت لهم غزلا رقيقا فلم اجد
لغزلي نساجا فكسرت مغزلي
والكثير لم يفهموا ان التصوف اذا لم يوصل إلى معرفة الله ومعرفة نبيه،فليس بتصوف..
في بعض الطرق الصوفية حب الشيخ وذكره وتمجيده ،والثناء عليه اهم من معرفة النبي صلى الله عليه وسلم.
وصفه بأنه قطب وختم الزمان ،كلمات يرددها الكثير من المنتمين الى الطرق الصوفية للإشارة إلى علو كعبه شيخهم واذا سمعته يتكلم تجده لا يميز بين الاحدية والواحدية، والوحدانية.
واصبح الشيوخ يفتخرون بعدد المريدين الذين ينتمون الى طريقتهم، خصوصا اذا كان المريد اعجمي.
وينسون يوم يسأل الصادقون عن صدقهم….الصادقون …فما بال المدعين…
فحذار…