هل تعرف من هو الملقب ب” سم ساعة “
هو إسحاق بن عمران،من حكماء الإسلام،طبيب بغدادي الأصل،دخل القيروان في دولة زياد الله بن الأغلب التميمي في زمن إبراهيم الثاني الذي حكم القيروان سنة (261هـ/874)..
أخذ إسحاق بن عمران العلم والطب من أطباء الخليفة العباسي أمثال “يختيشوع” وغيره من أطباء “بيت الحكمة” ببغداد،حيث عدد الأطباء يفوق الألف طبيب.
وفي هذه الفترة كانت (القيروان) العاصمة الإفريقية،حيث قَدم إليها إسحاق بن عمران بدعوة وُجّهت له من طرف إبراهيم الثاني (حوالي 264هـ/877م) ليكون طبيبه الخاص..فكان أول طبيب في إفريقية يستحق هذا النعت بكل ما في معناه من علم واسع وحذق بالصناعة العلمية.
وكان يُعرف ب(سمّ الساعة)،وذلك لنجاعة علاجاته التي تُبرئ بسرعة..
تتلمذ على يديه العديد من الأطباء أمثال: إبنه عليّ،وزياد بن خلفون، وإسحاق بن سليمان المعروف بالإسرائيلي،وأبو بكر محمد بن الجزار،وأبو سعيد الصقلي.
ألّف عدداً من الكتب والرسائل أهمها: كتاب (العنصر والتمام) ألفه في المادة الطبية،وإقتبس منه إبن البيطار بعض فقراته. وكتاب (مقالة في الماليخوليا) تكلّم فيه عن المرض المعروف بالسوداء..
توفي نتيجة مؤامرة حيكت ضده سنة (293هـ/932م)،مع العلم أنه لم يحدّد تاريخ مولده لأن المتتبع لحياته يجدها فقط ما كان منها في المغرب.
كان إسحاق بن عمران طبيباً حذقاً متحكماً في مادة الطب،علماً وممارسة، بأسلوب علمي مؤسس على الموضوعية والمتابعة والملاحظة الدقيقة، بشكل ينطبق على ما هو معتمد اليوم في منهجية البحث العلمي والممارسة السيكولوجية،والدقة في مراعاة ما له صلة بالصحة الجسدية والنفسية والروحية.
تظهر هذه البراعة في كتابه (مقالة في الماليخوليا) على سبيل المثال،حيث كان رائداً في إكتشاف مرض الإكتئاب،والتعريفبه، وأسبابه،ومظاهره السريرية.إضافة إلى العلاج،على إختلاف أنواعه: التي تشمل العلاج النفساني والحمية والتغذية،والطرق المرتكزة على البيئة والمحيط،والطرق الفيزيائية مثل الدّلك بالأذهان والإستحمام،وأخيراً العلاج بالأدوية والعقاقير..هذا التحكّم في المادة الطبية،حذت بإسحاق بن عمران إلى تأسيس مدرسة لعلاج مرض الماليخوليا المعروف ب(السوداء)..كما جعلت من كتابه المذكور مرجعاً هاماً في مرض الإكتئاب،وكان يُدرّس في الجامعات الأوروبية مدة ستة قرون..
ملخص مقتبس من كتاب ” من ثرات الطب الاسلامي”
رشيد موعشي