قال تعالى﴿تِلْكَ ٱلرُّسُلُ فَضَّلنَا بَعضَهُمْ عَلَىٰ بَعضٍ مِّنهُمْ مَّنْ كَلَّمَ ٱللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَٰتٍ﴾فكما أن هناك تفضيل بين الرسل،هناك تفضيل بين جميع الخلائق، وتفضيل بين الأيام وبين الشهور،وتفضيل بين الأشياء.لقدجعل الله التفضيل قاعدة في ملكه،ففضل سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم،على سائر الرسل والأنبياء، وفضل الرسل والأنبياء على كافة البشر، وفضل أبوبكر على سائر الأمة،وفضَّل جبريل على سائر الملائكة،وفضل شهر رمضان الذي أنزل فيه القرءان،على سائر الشهور،وأفضل ليلة هي ليلة القدر،وفُضل يوم الجمعة على سائر الأيام،هواليوم الذي خلق فيه ءادم،وتقوم فيه الساعة،وفضل الحجرالأسعد على سائر الجمادات، وهو يمين الله في الارض،وفضل النبات بعضه على بعض،فبعضها ضار،وبعضها نافع، فالتفضيل قاعدة في الكون الإلهي. والتفضيل مستمر حتى في الاخرة(انظر كيف فضلنا بعضهم على بعض وللاخرة اكبر درجات واكبر تفضيلا).
والناس يفضل بعضهم على بعض،فأدناهم منزلة هوالإنسان الحيواني(إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا)وأعلاهم منزلة هو سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم،خليفة الله في الكون الالهي، وواسطته في كل التجليات الالهية،ورحمته للعالمين قاطبة،وهو الذي سماه العارفون الإنسان الكامل،ولا اتفق مع هذا التسمية في حق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ،فكلمة الإنسان جمعت الكثير من الصفات المذمومة،قال تعالى(وَكَانَ ٱلْإِنسَٰنُ كَفُورًا)،(وَكَانَ الْإِنسَانُ قَتُورًا)،(إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا)(وَكَانَ الْإِنسَانُ عَجُولًا)،(ولَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ)،(إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاَ)(قُتِلَ ٱلْإِنسَٰنُ مَا أَكْفَرَهُ)(إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ)(إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَيَطْغَىٰٓ)(إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَفِى خُسْرٍ)(بَلْ يُرِيدُ ٱلْإِنسَٰنُ لِيَفْجُرَأَمَامَهُ)،(إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ)،(كَلَّآإِنَّ إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ)(وَكَانَ ٱلْإِنسَٰنُ عَجُولًا)،(إِنَّ ٱلْإِنسَٰنَ لَكَفُورٌ)،ولهذا كتبت كلمة الإنسان محذوفة الالف(ٱلْإِنسَٰنَ)وليس (الإنسان).
أما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فأدبه الله تعالى فأحسن تأديبه.وكان على خلق عظيم،فلا يدخل تحت مقتضى كلمة إنسان،هو صلى الله عليه وسلم بشر نوراني حقاني كامل.
مصطلح الانسان الكامل يمكن أن يطلق على العارفين،أصحاب المقامات القعساء ،فالإنسان يبلغ ما بلغ، ويصعب عليه بلوغ الكمال المطلق،الذي اتصف به سيد البشر، وظل الله في أرضه.أما الأنبياء والرسل والأولياء،فما نالوا إلا الخلافة الجزئية، المقيدة بالزمان. الخلافة الكلية الأزلية المطلقة،هي لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم المتصف بالاطلاقية من حيث وجهته الحقية،ولايبلغ هذا الولي المحمدي، صفة الانسان الكامل،حتى يكون الحق سمعه الذي يسمع به،وبصره الذي يبصر به،ويده التي يبطش بها،أي يكون الحق جميع قواه،به يسمع وبه يبصر،وبه ينطق.
ففي زمان الرسل،لايكون الكامل إلا رسولا،وفي زمن انقطاع الرسالة،لايكون الكامل إلا وارثا،ولاظهور للوارث مع وجود الرسول،فالوارث لا يكون وراثا إلا بعد موت من يرثه.
والوارث لا يكون وارثا حقيقيا حتى يرث أحوال وأقوال وأخلاق الموروث،لهذا قال الجنيد :علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة…
فإذارأيت شيخا لايتقيد بالكتاب والسنة ففِر منه فرارحمر مستنفرة فرت من قصورة.وإن كان يمشي على الماء،ويطير في الهواء، ويريك الطائر الحمليق في الليلة الظلماء.
سئل ابو يزيد البسطامي عن طي الارض فقال: ليس بشئ فإبليس يقطع من المشرق الى المغرب في لحظة واحدة وماهوعند الله بمكان،
وسئل عن اختراق الهواء فقال:ان الطير يخترق الهواء والمومن عند الله أفضل من الطير ،فكيف يحسب كرامة من شاركه فيها طائر.
ونقل عنه أنه سمع عن رجل اشتهر بالولاية،وكان رجلا يقصده الناس،مشهورا بالزهد،فمضى إليه أبو يزيد،فخرج الرجل من بيته وقصد المسجد ورمى بزاقة(أي بزاق من فمه)اتجاه القبلة،فانصرف أبو يزيد ولم يسلم عليه،وقال هذاغير مأمون على أدب من آداب رسول الله صلى الله عليه وسلم،فكيف يكون مأمونا على ما يدعيه( أي الولاية).
فكما ان هناك تفضيل بين الانبياء فهناك تفضيل بين الاولياء.وكيف لاوهم على قدم الأنبياء.وخير كرامة عند الولي هي الاستقامة،اتباع السنة ظاهرا وباطنا، وظهور الولي للخلق يكون بإذن، والخفاء بإذن،لأن الظهور يقسم الظهور. والشيخ الحقيقي يتزود(لأخرته)ولا يتمتع ،قال الصوفية الولي اذا زاد ماله،زاد سخاؤه،وإذا زاد جاهه زاد تواضعه.
فكن على حذر ان رأيت مخالفة للسنة
فالتفضيل لا يكون معه التضليل