قصة من الثرات

في يوم ما وفي حالة غضب قال هارون الرشيد  لزوجته زبيدة :‏أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة  ‏ثم ندم على ما قال لأنه يحبها كثيرا،

 وهي حزنت كذلك حزنا شديد ‏فجمع علماء بغداد كلهم  للفتوى

فقال له العلماء كلهم : ومن يجرأ منا أن يفتيك أنك من اهل الجنة ؟

‏وضاقت الأمور على الخليفة هارون الرشيد فقال لرجال حاشيته: اريد فقيها ربانيا من خارج بغداد الان .

‏قالوا هناك  الليث بن سعد  شيخ فقهاء مصر ، فاق في علمه  الإمام مالك، وكان الإمام الشافعي يقول: ‏”الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابه لم يكتبوا علمه في الكتب فضاع علمه .

‏قال هارون الرشيد: احضروه.

‏فلما احضروه ودخل، قام العلماء وقعدوا احتراما لفقيه مصر

وهذه صفة كانت تعرف ،لإحترام العلماء لذلك كان يقال فلان يقام له ويقعد) ‏عرض عليه المسألة، فنظر الليث في وجه  هارون الرشيد ثم نظر في وجه العلماء..

‏ثم قال: يا امير المؤمنين اريد ان اخلوا معك وحدك ،ومعك المصحف

،فانصرف الجمع من المجلس و انتظروا بالخارج ماذا يحدث لحل تلك المعضلة الحديثة عليهم  .

‏قال له الليث : ضع يدك يا امير المؤمنين على كتاب الله ،واقسم بأنك ستصدقني لا تكذب،فأقسم هارون الرشيد

‏فقال: يا امير المؤمنين أما والله ، لم استحلفك تهمة لك فإني اعلم أنك صادق الكلم ، ولكني احببت أن لا تخدعك نفسك، استحلفك بالله يا أمير المؤمنين  هل ذكرت الله يوما خاليا  ففاضت عيناك ؟  هل بكيت يوما مخافة  الله ؟ وهل حقا تخاف مقام ربك  يوم يقول  لمن الملك اليو م فلا يرد احد ؟  قال هارون : وحق منزل هذا الكتاب لقد حدث  ذلك مِراراً وتكرارا على فترات .

‏قال الليث : افتح كتاب الله على سورة الرحمن ، ففتح ثم قال اقرأ سورة الرحمن بتد بر فقرأ هارون حتى اذا وصل الى قوله سبحانه

‏ {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } فقال الليث كفى كفى  هي والله الإجابة الشافية يا أمير المؤمنين لك جنتان لا جنة واحدة ،وزوجتك زبيد ة ليست بطالق لانه تعالى يقول “ولمن خاف مقام ربه جنتان “لا  جنة واحدة

‏قال الليث : فليدخل العلماء الان ،فدخلوا

‏قال الليث لهم : أما والله لم اصرفكم استخفافًا بكم ولكن احببت ان اخلو بأمير المؤمنين حتى لا تدخل عليه نفسه.

‏فصادق جميع العلماء قول الليث بن سعد في فتواه

‏ويقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه

‏و سلم :‏{ لا يلج النار رجل بكى من خشية الله}.

وقال ايضا عينان لا تمسهما النار :عين بكت من خشية الله وعين باتت تحرس في سبيل الله .

المصدر كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء – لأبي نعيم الأصبهاني

حصل المقال على : 950 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد