عرف التعريف بفضل المعروف

عرف التعريف بفضل المعروف

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد:

فإن اصطناع المعروف فضله معروف, وعَرفه أطيب من الأريج في الأنوف, جاءت في فضله آيات شهيرة وأحاديث أثيرة تبين جزاء فاعله ونوال مناوله,وها أنا أجتزئ ببعض الأحاديث التي جاءت فيه وإن كانت تعجز العاد وتعييه, فمنها:

عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما عظمت  نعمة الله تعالى على عبد إلا كثرت حوائج الناس إليه, فمن تهاون بهم عرض النعمة للزوال» قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لله عبادا اختصهم لقضاء حوائج الناس» وفي لفظ:«يفزع إليهم الناس أولئك الآمنون  من عذاب الله» رواه ابن عدي عن ابن عمر, وروى أبو الشيخ عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لله عبادا يفزع الناس إليهم في حوائجهم هم الآمنون يوم القيامة» ورواه الطبراني في (الكبير) عن ابن عمر وابن أبي الدنيا في (قضاء الحوائج) مرسلاً, وفي لفظ:«إن لله عباداً اختصهم لقضاء حوائج الناس آلى على نفسه أن لا يعذبهم بالنار, وإذا كان يوم القيامة خَلَوا مع الله عزَّ وجلَّ يحدثهم  ويحدثونه, والناس في الحساب» رواه تمام الرازي في (فوائده), والطبراني في (الكبير) عن عمر وهو في (لسان الميزان) لابن حجر عن أنس,ومن كلام الحسن البصري كما في (الأجوبة العلية) للسخاوي.

وروى ابن عدي في (الكامل) عن عمرو بن عوف المزني, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن لله عباداً وجوه من خلقه انتخبهم لحوائج الناس يفزع الناس إليهم في حوائجهم يتخذون المعروف مجداً والله يحب معالي الأمور» وفي حديث:«إن لله أقواماً اختصهم لمنافع الناس يقرهم فيها ما بذلوها فإذا منعوها نزعها منهم فحولها إلى غيرهم» ذكره في الترغيب والترهيب من حديث ابن عمر مرفوعاً, وعنده من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً«إن لله عند أقوام نعما أقرها عندهم ما كانوا في حوائج الناس مالم يملوهم فإذا ملوهم نقلها إلى غيرهم», وحديث أنس «إذا أراد الله بعبد خيراً صيَّر حوائج الناس إليه», وحديث ابن عمر عند الطبراني في (الكبير)  وابن أبي الدنيا في (قضاء الحوائج)«أحب الناس أنفعهم للناس»,  ورواه الطبراني من حديث جابر بلفظ: «المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولايؤلف, وخير الناس أنفعهم للناس» وروى ابن ماجه من حديث أنس مرفوعاً «إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر, وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير, فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه, وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه», وحديث أبي هريرة عند مسلم «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه» وعند الشيخين عن ابن عمر«ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته», وأخرج ابن أبي الدنيا في (قضاء الحوائج) والطبراني عن ابن عمر مرفوعاً«أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه ديناً  أو تطرد عنه جوعاً ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً» وفي الترمذي عن عمرو بن مرة الجهني قال رسول الله صلى الله عليه وسلم«ما من إمام يغلق بابه دون ذوي الحاجة والمسكنة إلا أغلق الله أبواب السماء دون خَلته وحاجته ومسكنته» وأورد الذهبي في (سير أعلام النبلاء) عن حكيم بن حزام رضي الله عنه «ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة إلا علمت أنها مصيبة من المصائب أسأل الله الأجر عليها» وقال الحسن البصري «لأن أقضي لأخٍ حاجة  أحب إلي من أن أعتكف شهرين» رواه ابن أبي الدنيا في (قضاء الحوائج) وفيه عن طاووس بن كيسان «إذا أنعم الله عزَّ وجلَّ على عبد نعمة ثم جعل إليه حوائج الناس فإن احتمل وصبر وإلا عرض تلك النعمة للزوال».

ولله در أبي العتاهية إذ يقول:

اقضِ الحوائجَ ما استطعتَ=وكُنْ لِهَمّ أخيكَ فارِجْ

فَلَخيرُ أيَّامِ الفَتَى=يومٌ قضَى فيهِ الحَوائجْ

وفي الحديث:«أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة», رواه الطبراني في (الأوسط) عن سلمان وقبيصة وابن عباس, ورواه أبو نعيم في (الحلية) عن أبي هريرة, والخرائطي في (مكارم الأخلاق) عن علي وأبي الدرداء, والبخاري في (الأدب المفرد) عن علي, وفي لفظ:«صنائع المعروف تقي مصارع السوء, والصدقة خفياً تطفئ غضب الرب, وصلة الرحم زيادة في العمر, وكل معروف صدقة, وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة» رواه الطبراني في (الأوسط) عن أم سلمة, وعن أنس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «صنائعالمعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات, وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة» وهو عند  ابن أبي الدنيا في (قضاء الحوائج) والطبراني عن سلمان,وعن أنس عند الحاكم في (المستدرك ) وابن أبي شيبة عن عثمان مرسلاً, وأخرجه ابن أبي الدنيا في (قضاء الحوائج) وابن أبي شيبة في (المصنف) من كلام سعيد بن المسيب, وابن أبي الدنيا في (قضاء الحوائج) عن ابن عمر.

وروى الحاكم في (المستدرك) عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم«اطلبوا المعروف من رحماء أمتي تعيشوا في أكنافهم, ولا تطلبوه من القاسية قلوبهم, فإن اللعنة تنزل عليهم, يا علي إن الله عزَّ وجلَّ خلق المعروف وخلق له أهلاً, فحببه إليهم وحبب إليهم فعاله, ووجَّه إليهم طلابه كما وجَّه الماء إلى الأرض الجدبة لتحيا به ويحيى به أهلها, إن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة» وأخرج ابن مردويه في (التفسير) عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً«إذا كان يوم القيامة جمع الله الأوَّلين والآخرين ثم أمر منادياً  ألا لِيقم أهل المعروف في الدنيا, فيقومون حتى يقفوا بين يدي الله عزَّ وجلَّ فيقول: أنتم أهل المعروف في الدنيا؟ فيقولون: نعم, فيقول: وأنتم أهل المعروف في الآخرة, فقوموا مع الأنبياء والمرسلين فاشفعوا لمن أحببتم فأدخلوه الجنة حتى تدخلوا عليهم المعروف في الآخرة كما أدخلتم عليهم المعروف في الدنيا».

وعند ابن أبي الدنيا في (قضاء الحوائج) عن بلال مرفوعاً«كل معروف صدقة  والمعروف يقي سبعين نوعاً من البلاء, ويقي ميتة السوء», وفي (ربيع الأبرار) للزمخشري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه «صنائع المعروف تقي مصارع السوء»,  ورواه الطبراني في (الكبير) من حديث أبي أمامة, وعند ابن أبي الدنيا في (قضاء الحوائج) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم«إن أحب عباد الله إلى الله عزَّ وجلَّ من حبب إليه المعروف وحبب إليه فعاله», وكان زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنهم «إذا أتاه الفقير والسائل استبشر وقال: مرحبا بمن يحمل زادي إلى  الآخرة» انظر (صفة الصفوة), وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ﷺ«تدرون ما يقول الأسد في زئيره؟ قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: يقول اللهم لا تسلطني على أحد من أهل المعروف» رواه الطبراني في (مكارم الأخلاق), والديلمي في (الفردوس), وانظر (حياة الحيوان الكبرى) للدميري, وأخرج في (الفردوس) عن أبي هريرة  موقوفاً من قوله:«تداركوا الهموم والغموم بالصدقات يكشف الله ضركم وينصركم على عدوكم», وعن أنس رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «باكروا البلاء بالصدقة فإن البلاء لا يتخطى الصدقة» رواه البيهقي عنه مرفوعاً وموقوفاً, ورواه الطبراني في (الأوسط) عن علي رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «باركوا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها»,  وروى في (الكبير) من حديث رافع بن خديج, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الصدقة تسد سبعين باباً من السوء».

واشتهر  قولهم:[من سار بين الناس جابراً للخواطر, أدركه الله في جوف المخاطر], قال العجلوني في (كشف الخفا) وفي لفظ:[ما عبد الله بشيء أفضل] وفي لفظ:[أعظم من جبر القلوب], وشاع على الألسنة [ما عبد الله بشيء أفضل من جبر الخواطر] وليس حديثاً. انتهى كلامه, وذكر بعضهم أنه من كلام سفيان الثوري ولا يصح عنه.

هذه بعض الأحاديث والآثار فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر, وفيها ما حكم بعض الحفاظ بوضعه, ولكن يشهد لصحة معناه ما صحَّ وحسُن من الأحاديث, كما أن الضعيف يعمل به في فضائل الأعمال بالشروط المعروفة عند أهل الحديث, وانظر كتاب (أربعون حديثاً في اصطناع المعروف) للمنذري, وتخريج المناوي له, وتعليق السلمي عليه,وتلخيص أبي زيد الثعالبي له,(وقضاء الحوائج) لابن أبي الدنيا, وكتاب (إتحاف ذوي المرؤة والإنافة بما جاء في الصدقة والضيافة) وهو كتاب ماتع, و(الدر المنثور) للسيوطي, وكتاب (الجواهر المجموعة والنوادر المسموعة: وفيه الكلام على الجود والبخل وقضاء الحوائج واصطناع المعروف وشكره والصدقة وإطعام الطعام) للحافظ السخاوي, و(اصطناع المعروف) لابن أبي الدنيا, وغيرها كثير من الكتب التي ألفت في هذا الموضوع.

كتبه: الأستاذ الشيخ عادل محمد مختار الليبي

المدينة المنورة

حصل المقال على : 1٬516 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد