عرض مبسط لأنواع الواو في قواعد اللغة :
1-واو الاستِئْناف: وهي نحو{لِنُبَيّنَ لَكُمْ ونُقِرّ في الأرْحَامِ ما نَشَاء} (الآية “5” من سورة الحج )، ولوكانتْ وَاو العطفِ لانْتصبَ “نُقِرُّ” وصريح في ذلكَ قولُ أبي اللحام التَّغلِبي:
عَلَى الحكمِ المَأْتِيّ يوماً إذا قَضَى * قضيّتهُ أنْ لا يَجُورَ ويَقصِدُ
(يقصد: يعدل)
وهذا مُتعيّنٌ للاستئناف، لأنّ العطفَ يجعلُه شريكاً في النّفي فيلزمُ التناقض.
*2- واو الحال: وتدخلُ على الجملة الاسميّةِ نحو “أَقْبَلَ خالدٌ وَهوَ غَضْيان” وعلى الجملةِ الفعليّة نحو قول الفرزدق:
بأيدي رجالٍ لم يَشيموا سيوفَهم* ولم تكثرِ القَتلى بها حيَنَ سلّتِ
ولو قدّرتَ العَطفَ بالواو في: “ولَمْ تكثُر” لانَقَلبَ المدحُ ذمّاً، والمعْنى: لم يَغمُدوا سِيوفهمُ حالَ عَدَم كَثْرة القَتلى منهم بها.
*3- واو العَطْف:
– هي أصلُ حروفِ العطف، ومَعْناها: إشراكُ الثاني فيمَا دَخَل فيه الأوّل، وليسَ فيها دليلٌ على أيّهما كانَ أوّلاّ (ويستدرك من هذا الإطلاق: بعضُ الأعداد فإن منها ما يكون لمطلق الجمع مثل {ثلاث أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملةٌ]
ومنها يؤتى به ويراد منه الإنفراد لا الإجتماع، وهي الأعداد المعدولة “ثلاث” و “رباع” وعلى هذا يفسر قوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} (الآية “3” من سورة النساء)،
وكذلك قوله تعالى: {جاعل الملائكة رسلاً أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع}
ولا حاجة لتأويل الواو هنا بـ “أو” كما يقول ابن هشام)، فَتَعْطفُ مُتَأَخّراً في الحُكمُ، ومَتَقدّماً، ومُصاحباً، فالأوَّل نحو قوله تعالى: {ولَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحَاً وإبْرَاهِيمَ} والثاني نحو: {كَذَلِكَ يُوحِي إليْكَ وإلى الّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ} (الآية “2” من سورة الشورى “42” )
والثالث نحو: {فَأَنْجَيْنَاهُ وأصْحَابَ السَّفِينَة} (الآية “15” من سورة العنكبوت “29” ) ونحو{واسجدي واركعي مع الراكعين} ، والسجود بعد الركوع.
-الواو بمعنى الفاء: قد تأتي الواوُ العَاطِفَةُ بمعنى الفاء وذلك في الَخَبِر، كقولك: “أنتَ تَأتِيني وتُكرمُني” و “أنَا أزُورُكَ وأعطيكَ” و “لم آتِكَ وأكْرِمْكَ ” وفي الاسْتِفْهَام إذا استفهمتَ عن أمْرَين جميعاً نحو “هَلْ يأتي خالدٌ ويخبرني خبرَه؟” وكَذلكَ أين يَذهبُ عمروٌ وينطلقُ عَبْدُ الله”.
-اختصَاصُ الواوِ العاطفَة: تختصُّ الوَاوُ منْ سائِرِ حُرُوفِ العَطفِ بواحدٍ وعشرينَ حكْماً:
(1) أنَّها تعطفُ اسماً لا يستْغَنى عنهُ كـ “اخْتَصَمَ عَمْرٌو وخالدٌ” وَاصطَفَّ بَكْرٌ وعَلّيٌ و “اشْتَرك مُحَمَّدٌ وأخُوه” و “جلَستُ بَيْنَ أخي وصديقي” لأنَّ الاخْتصامً والاصطفافَ والشّركة والبيّنيّة من المعاني التي لا تقومُ إلا باثنَينِ فَصَاعِداً.
(2) عَطْفُ سببيٍّ على أجنبيٍّ في الاشتغالِ ونحوه، نحوَ “زَيْداً أكرمتُ خالداً وأخاه”
(الأجنبي هو “خالداً والسببي هو “أخاه”.
(3) عطفُ ما تَضَمَّنَهُ الأوَّلُ إذا كانَ المعطوفُ ذا مَزِيَّةٍ نحو: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الوُسْطَى} (الآية “238” من سورة البقرة “2” ).
(4) عطفُ الشَّيء على مرادفهِ نحو {شِرْعَةً ومنْهَجَاً} (الآية “38” من سورة المائدة “5” ).
(5) عطفُ عاملٍ قَدْ حُذِفَ وبَقِيَ مَعْمُولُهُ نحو {والَّذينَ تَبَوَّؤوا الدَّارَ والإِيمانَ} (الآية “9” من سورة الحشر”59″ وكلمة الإيمان في الآية وإن كانت في الظاهر معطوفة على الدار ولكن فعل “تبوؤوا ” لا يصح للإيمان، لأن تبوؤ في الأماكن فلا بدَّ لها من تقدير فعل يناسبها مثل “اعتفدوا” وهذا هو العامل المحذوف على نحو قول الشاعر:
علفتها تبناً وماءً بارداً،
المعنى: وسقيتها ماءً بارداً).
(6) جَوازُ فَصْلِها مِنْ مَعْطوفِهَا بظَرْفٍ أو عَدِيلهِ، نحو {فَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أيْديهمْ سَدَّاً ومِنْ خَلْفِهِم سدًّا} (الآية “9” من سورة يس “36” ).
(7) جَوازُ تقْدِيمها وتَقْدِيمِ مَعْطوفها في الضَّرورَةِ نحو قوله:
جَمَعْتَ وفُحشاً غِيبَةً ونَمِيَمَةً * خِصالاً ثلاثاً لستَ عنها بمُرْعَوِي
(8) جوازُ العطفِ على الجِوارِ في الجرِّ خاصةً نحو {وامْسَحُوا بِرُؤُوُسِكُمْ وأَرْجُلِكُمْ} (الآية “6” من سورة المائدة “5” . و المراد بالجوار هنا: أن كلمة برؤوسكم مجرورة فجرُّ ما بعدها وهي أرجلكم لمجاورةها ما قبلها، وهذه قراءة من جرّ أرجلكم، والقراءة الثانية: وأرجلكم بفتح الام عطفاً على الوجوه، على الأصل)، في قراءةِ أبي عمرو وأبي بَكر وابن كثير وحمزة.
(9) جَوَازُ حَذْفِها إنْ أَمِنَ اللَّبسَ كقوله: ” كيفَ أصْبَحَتَ كَيْفَ أمْسَيْتَ “.
(10) إيلاَؤها “لا” إذا عَطَفْتَ مُفْرَداً بعدَ نَهيٍ نحو: {لا تُحَلُّوا شَعَائِرَ اللهِ ولاَ الشَّهْرَ الحَرامَ ولاَ الهَدْيَ ولا القَلاَئِدَ} (الآية “2” من المائدة “5” وظاهر أن النهي بـ (لا تحلوا) وإيلاؤها “لا” بـ (ولا الهدي ولا القلائد) ).
أو نَفْي نحو {فَلاَ رَفَثَ ولاَفُسُوقَ ولاَجِدَالَ} (الآية “197” من سورة البقرة “2”
(11) إيلاؤُهَا “أما” مَسْبُوقَةً بمثْلِها غالباً إذا عَطَفْتَ مُفرداً نحو: {إمَّا العَذَابَ وإمَّا السَّاعَةَ} (الآية “75” من سورة مريم “19” ).
(12) عطفُ العَقْدِ على النَّيِّف نحو “أحَدٍ وعِشرين “.
(13) عَطْفُ النُّعوتِ المفَرَّقَةِ مع اجتماعِ منْعُوتها كقوله:
عَلى رِبَعْينِ مَسْلُوبٍ وبَالِي
(14) عطفُ مَا حَقَّهُ التَّثْنِيَة والجمع كقولِ الفرزدق:
إنَّ الرَّزِيَّةَ لا رَزِيَّةَ مِثْلُها * فُقْدَانُ مثلِ مُحَمَّدٍ ومُحَمَّدٍ
(15) عطف العامِ على الخاصِّ نحو {رَبِّ اغْفِرْ لي وَلِوَالِدَيَّ وَلمَنْ دَخَلَ بَيْتِي مُؤْمِناً وللمُؤْمِنِينَ والمُؤْمِنَات} (الآية “28” من سورة نوح”71″).
(16) اقْتِرانها بـ “لكنْ” نحو: {وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ} (الآية “40” من سورة الأحزاب “33” ).
(17) امتناعُ الحِكَايةِ معها (الحق أن اقتران العاطف مطلقاً يبطل الحكاية لا الواو وحدها)، فلا يُقَال: “ومَنْ زيداً؟” حكايةً لمن قال: رأيتُ زَيداً، وإنما يقال: من زيداً.
(18) العَطْفُ التَّلْقِيني نحو قوله تعالى: {مَنْ آمَنَ مِنْهم باللهِ واليَومِ الآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ} (الآية “126” من سورة البقرة “2” ).
(19) العَطْفُ في التَّحْذِيرِ والإِغراءِ نحو {نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَّاهَا} (الآية “13” من سورة الشمس”). ونحو “المُرُوءَةَ والنَّجْدَةَ”.
(20) عَطْفُ السَّابِقِ على اللاَّحِقِ نحو {كَذَلِكَ يُوحِي إلَيْكَ وإلى الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ} (الآية “3” من سورة الشورى “42” ).
(21) عطف “أيّ” على مِثلها نحو: “أيِّي وأيُّكَ فارِسُ الأحْزَابِ”.
(22) دخولُ همزة الاستفهام على الواو والفاء: همزة الاستفهام تدخل قبل الواو والفاءِ العاطفتين، يقول القائل: رأيت أحمدَ عند عمروٍ، فتقول: “أوَ هُو مِمَّن يُجَالِسُه ؟ ” ومثله قوله تعالى: {أوَ أمِن أهْلَ القُرى} (الآية “3” من سورة الأعراف “7” )، وهذه الهمزةُ الاستفهامية وحدَها تتقدم على الواو والفاء لتمكنها، و مثال الفاء {أفأمِنَ أهلُ القُرى} (الآية “97” من سورة الأعراف “7” ) وليس “ذا” لِسَائِر حُرُوِف الإستفهَام فإنَّ “الوَاو “والفاء تدْخُل على حُرُوفِ الاستِفْهَام نحو “وهَل هُو عِنْدَك ؟ ” و “كيفَ صنعت” و “متَى تَخْرُج”.
* 4-واو القسم: مِنْ حُرُوفِ الجَرِّ، وهي من أكثَر أدوَاتِ القسَم اسَتِعْمالاً، تدْخُل على كلِّ مَحْلُوفٍ به. ولا تَجُرُّ إلاَّ الظَّاهِرَ، ولا تَتَعَلَّق إلاَّ بمَحْذوفٍ نحو{وَالعَادِيَاتِ ضَبْحَاً} (الآية “1” من سورة العاديات) فإنْ تَلَتْها واوٌ أخرى نحو: {وَالتِّينِ والزَّيْتُونِ} (الآية “1” من سورة التين).
فالتالية واو عطفٍ، وإلاَّ لاحْتَاجَ كلٌّ مِنَ الاسمين إلى جَوابٍ.
*5- الوَاوُ المَسْبُوقَةُ باسمٍ صَرِيحٍ: وهي الدَّاخِلَةُ على المُضارِع المَنْصُوبِ بأنْ مُضمَرةً جوازاً لِعَطفِهِ على اسمٍ صرِيحٍ، وذلكَ كقَولِ نَيْسُون بنت بَحدَل زَوج مُعَاوية:
وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وتَقَرَّ عَيني * أَحَبُّ إليَّ مِن لُبسِ الشُّفُوفِ
* 6-وَاوُ المَعِيَّة: جَعْلُ ما بَعْدَ وَاوِ المَعَيَّةَ جَواباً لِمَا قَبْلَه، لَيْسَ لهُ في الكلام إلا مَعْنىً واحِدٌ، وهو الجمعُ بينَ الشيئين، وهو مَعْنى المَعِيَّةِ، فإذا قُلنا: “لا تَأْكلِ السَّمَكَ وتَشرَبَ اللبَنَ” فالمراد: لا يَكُن منك جَمعٌ بَين السَمَكِ واللَّبنَ. فإن أدْخَلنا السَّمكَ واللَّبن في النَّهي قُلنا “لا تَأكُلِ السمكَ وتَشربِ اللبَنَ” فقَد نَهاهُ عن كليهما، وهذا على العطف، لأنك أدْخَلَتَ مَا بَعْدَ واوِ العَطفِ فيما دَخَل فيه المَعطُوف عليها. ولا تَكونُ وَاوُ المَعِيَّةِ في الخبر مُطلقاً، بل لا بُدَّ أن يَتَقَدَّمها نَفيٌ أو طَلَبٌ كالفاء السببية وقد تقدم، (= فاء السببية). وعلى هذا تقولُ مثلاً: “لا يَسَعُني شيءٌ ويعجُزَ عنك” فليسَ هنا يُخبِر أنَّ الأشياءَ كلَّها لا تَسَعُهُ، وأن الأشياءَ كلَّها لا تَعجز عنه، فيكون الرفعُ والعطفُ، وإنَّما المرادُ: لا يَسَعُني شيء إلاَّ لَم يَعْجُز عنك، ولو قُلنا “لا يَسعُني شَيءٌ فَيَعْجُزَ عَنْك” كان جِيِّداً. قال سيبويه: ومِن النَّصب في هذا الباب قوله تعالى: {أم حَسِبتُم أن تَدخُلوا الجَنَّةَ ولمَّا يَعلم اللَّهُ الذين جاهَدُوا مِنْكم ويَعْلم الصَّابرين} والشاهد: ويَعْلمَ وهناك قِراءَة شَاذَّة بالجزم عطفٌ على “ولمَّا يَعْلمَ”.
ومِثال الأمر قولُ الأعشى :
فقلتُ ادْعِي وأَدعُوَ إنَّ أنْدَى * لصوتٍ أنْ يُنادِيَ دَاعِيانِ
أي اجمعي بين دعائي ودعائك.
والنَّهي نحو قولِ أبي الأسود :
لا تَنْهَ عَنْ خُلُقٍ وتَأتيَ مِثلَهُ * عَارٌ عَلَيْكَ إذا فَعَلْتَ عَظيمُ
أي لا تَجتَمع أن تَنْهى وتتأتي مِثلَه وهكذا . والنَّفي نحو “لم يَأمُر بالصِّدقِ ويكذبَ”، والتَّمَني نحو “لَيْتَ خَالِداً يقُولُ ويَعْملَ فيما يَقول”، والاستِفهام نحو قولِ الشاعر:
أَتَبيتُ رَيَّانَ الجُفُونِ مِنَ الكَرَى * وأَبيتُ مِنكَ بلَيْلَةِ المَلْسُوعِ
والحَقَّ أن هذه الواوَ واوُ العطف.
*7- واوُ المَفْعُولِ مَعَه:نحو: [سرت والجبلَ].