ديباج الملوك
قال تعالى(إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي يَأَيُّهَاالَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّواعَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)الصلاة على النبي هي العبادة الوحيدة التي يُشاركنا فيها الحق سبحانه وتعالى وملائكته،وإن لم يكن فيها إلا هذه الخصيصة،وهذا الخير فهو كاف. الصلاة على سيدنا ومولانا محمد،من أشرف العبادات،وأعظم القُربات،وأسْرَع الوسيلات لنيل رضى رب الأرض والسماوات.وُفّقَ إليها أهل العناية،وجعلها الله من أسباب نَيْل الولاية،ودليلا على الإيمان والهداية.
سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،خلقه الله تعالى واسطة في ملكه فلا شئ إلا وهو به منوط فالعبادات كلها تمرعبر برزخية نبوته قال تعالى(أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ)(اسْتَجِيبُوالِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ)(وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ)(بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) (وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)(وَلَايُحَرِّمُونَ مَاحَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ)(وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) (فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ)(وسَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ) (أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ) ..وفرض الله تعالى طلعته فرضا مطلقا قال(وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)
وصلاة الله على النبوة المحمدية هي تلك الشعلة الأزلية الأبدية،التي تربط الكون بخالقه،فالكل به منوط،ولولا وساطته لذهب كما قيل الموسوط،ولَما صَحّ الوجود للوجود.فهو نفس الوجود، وروح الوجود،وسرّالوجود،الذي لولاه لانْهَدّ الوجود،ولما اِستطاع الصّمود أمام جلال التجليات الإلهية،خصوصاً،إن هي جاءت على وفق مقتضى الإسم المُتَجلّى به.وبالصلاة عليه تَعُمّ الرّحمات،ويكون اللطف في التجليات، ويصبح الوجود صالحاً للوجود.
قال تعالى(إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)وردت كلمة “خَلِيفَةً ” نكرة،وفي هذا إطلاق للعموم. قال رسول:”من صَلّى عَليّ، صلاة صَلّى الله عليه بها عشراً”. فبالصلاة عليه يَنال المُصلّي حَظّه من هذه الخلافة العامة،خصوصاً إن كانت صلاة راقية بالنّعوت الأحمدية،تُحَرّك القدر،ويكون التشوّف القَدَري مُتوجّهاً لهذا المُصلّي، وراثة محمدية،ويكون نائباً عن الحضرة المحمدية وخليفة لها(وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ٱلْأَرْضِ) والأرض هنا إشارة إلى النبوة،ولم يقُل(خلفاء في الأرض)فَأَدخل سيدنا أمته، ببركة الصلاة عليه،في دائرة الخلافة،وجَلْبِ النفع لعباد الله “خيركم أنفعكم للناس”. فالمنفعة الحقيقية تَمُرّ عبر الصلاة عليه،فخَيْرُنا من يُصلي على نبينا،صلاة موافقة تابعة للتجليات الإلهية،لإستجلاب الرّحمات.لهذا شَغَل الله العوالِم كلها بالصلاة عليه،إذ لانِسْبة بين الخالق والمخلوقات،نِسْبَتهم مع هذا النور الأحدي المحمدي الأحمدي”أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر“، “أنا من الله، والمؤمنون مِنّي“(رواه الديلمي والعجلوني)
قولنا”اللهم“هو طلب،منّا الله تعالى،أن يُصلّي على هيولى الإجمال والتفصيل أما نحن فعاجزون عن هذا البساط وجاهلون به،وما أوتينا من العلم به إلا القليل.فالصلاة على النبي ،هي لإطفاء عَدْل ما تقتضيه ميازب الذات العلية،ولكي لا يَتعطّل سَيْر الكائنات.فالكون مُفْتَقر إلى الصلاة على مولانا رسول الله،إذ لولاها لإضْمَحلّ من حينه من جلال هَيْبة الله. فصلاة الله عليه هي صلة وَصْل بين الله وعباده، لإستمرارية الحياة.قال تعالى﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ﴾(الفتح)،يُبايعونك بالمضارع، الذي يفيد التجدد والاستمرارية ،فكل صلاة نَعْتية راقية،تُثْني على الحقيقة المحمدية بالإحمدية،إلا وهي مبايعة له صلى الله عليه وسلم.إذ صلاة الله عليه هي ذكره، ومدحه ،والثناء عليه بنعوته القديمة المذكورة في القرءان،وما دام يُمْدَح إلا والرحمة تَتنزل على الكون الإلهي.وما ذكر الله تعالى وصفا من صفاته،وفضلا من فضائله،إلا وأضافه إلى حبيبه .ففي كل صلاة نُبايعه ونَكون من المُقِرّين بنبوته، الموقنين بحقيقته،ومن المُصَدّقين بكل ما جاء به صلى الله عليه وسلم.
لقد ملأ الحق سبحانه وتعالى العوالم كلها بذكره والصلاة عليه،وما شغل الله تعالى هذه العوالم إلابأعظم الطاعات وأفضل القربات.
قال صلى الله عليه:”لن يومن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ماله ووَلده والناس أجمعين”ومن أحَبّ شيئاً أكْثَر من ذِكره ،فلا محبة بدون الصلاة عليه.فاسع أن تتزين بهذا الديباج الملكي،وبهذه الخلافة الكونية،وتكون معروفا عند مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم،لأنه يرد السلام عليك باسمك واسم أبيك.