يقول ابن عربي:
لكل اسم من الأسماء الإلهية صورة في العلم الالهي مسماة بالماهية أوالأعيان الثابتة في العدم…ولكل اسم منها ايضا صورة في الخارج مسماة بالمظاهر،والموجودات العينية . (الفتوحات المكية).
قلت:
فالاشياء في حالة عدمها مشهودة لله،ومعروفة عنده ،لايخفى عليه شيء من أمرها. هذه الأعيان الثابتة في العدم، ليس لها من الوجود ،الا سماع الأمر الالهي وامتثاله. قال تعالى( إنما قولنا لشيء إذا اردناه ان نقول له كن فيكون) ،وسماه شيئا،وخاطبه،وسمع الامر،وامتثله.
و الأمر الإلهي هو الذي يفَعِّل التجلي،(برفع الياء وتشديد العين وكسرها) والتجلي هو الذي سيظهر الشيء، ويخرجه من العدم وفق الإرادة الإلهية . وهذه الأعيان الثابتة في العدم ،بعد التجلي تصبح من المظاهر الوجودية ،ومن الموجودات العينية،ومقتضى من المقتضيات الكونية.
فالتجلي يخرج الشيء من وجود علمي الى وجود عيني. وفي هذه المسألة كان خلاف كبير بين الشيخ الاكبر ابن عربي،والشيخ الجيلي. يقول ابن عربي أن العلم تابع المعلوم،ويخالفه الجيلي ويقول :لقد سهى الشيخ الأكبر حين قال أن العلم تابع للمعلوم،بل المعلوم هو الذي يتبع العلم(انظر باب العلم من الفتوحات المكية ،وكذلك باب العلم من كتاب الانسان الكامل).
وعلى العموم لفهم كلام ابن عربي يجب فهم كيف يرى تسلسل مراتب الوجود، وكيف يرى الأحدية في هذا الترتيب،وأنه يرجع الوجود كله على مرتبة الألوهية ،لاعلى الأحدية ولاعلى الذات الإلهية، ويرجع كذالك ظهور الأعيان الثابتة كما يسميها(وهو مصطلح أول من استعمله المعتزلة)الى تجليات الأسماء الإلهية، وكيف يتلون مع الأسماء وهذا سماه العارفون :مقام التلوين(وهناك مقام التمكين).
البعض من المهتمين بابن عربي لاذوق لهم في كلامه،قصارى معرفتهم شرح كلامه بكلامه وكفى.
قال اهل الله : قف حيث وقفوا ثم اشرح …وقال اخرون :لا يفهم كلام الاقطاب إلا الاقطاب.ومن الصعب الوقوف حيث وقف ابن عربي.فقد طرق الكثير من أبواب المعرفة الصوفية ،والعلوم اللدنية،والكثير من الأبواب فُتحت له.وهو من اصحاب وحدة الشهود ،فما يرى ببصيرته، يصعب شرحه لمن لم يمر بالمجاهدات التي مر منها ابن عربي،ولم يتتلمذ على شيوخ كبار في التصوف،فابن عربي كان له كذاك شيوخ (اثنان) من النساء….قدس الله سره اعطى انطلاقة قوية للتصوف.