الوجود بالأولية غير وجود،ودونها هو الوجود الحقيقي

الشرح 11

ثم قال لي : الوجود بالأولية غير وجود،ودونها هو الوجود الحقيقي .ثم قال لي :الوجود بي،وعني، ولي.ثم قال لي: الوجود عنّي،لا بي،ولا لي.ثم قال لي : الوجود لابي ،ولاعني، ولا لي .

ثم قال لي :الوجود بالأولية غير وجود،ودونها هو الوجود الحقيقي.

ودونها“وأعاد الضمير على الأولية لاعلى الوجود (لم يقل”ودونه هو الوجود الحقيقي”) الأولية راجعة على الأسماء الالهية .قال الحق تعالى(هو الأول والاخر والظاهر والباطن) والحق تعالى هو المنعوت بالأزلية والأبدية،وأزليته لا بداية لها،أما أوليته فعين آخريته ،من حيثية واحدة انه تعالى واحد،وكل ما سوى الله له بداية ،وهو مخلوق ومحدث ومفتقرإلى خالقه،ووجوده مقيد بالأسما ء الإلهية ومقيد بالنهاية.

في دائرة الواحدية ظهرالإسم الأول عين الإسم الاخر،والظاهر عين الباطن، ليس هناك تباين بينهما.أما في عالم الشهادة فالأول لايكون عين الآخر أبدا، والظاهر لايكون عين الباطن.

كما أن الوجود بالأولية هو الوجود العلمي،وفي هذا الوجود الأشياء غير متميزة وتنتظر الكلمة الفهوانية ” كن”…”فيكون” فهو غير وجود،هوعدم مطلق،لا اسم ،ولاصفة ولا نعت ولا رسم له.

قال أهل الله: قال صلى الله عليه وسلم:”أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر”. فهذه الأوليّة أوليّة حُكم لا أوليّة زمان،فإن الله تعالى سمّى نفسه بالأول قبل خلق الزمان، وأفاض من نور احديته على النبوة المحمديةبدون دخول تحت حُكم الزمان، لأن الزمان من حُكم الفلَك،والفلَك مخلوق بالنور المحمدي.

ودونها هو الوجود الحقيقي : الله تعالى سبحانه واحد في أوليته فلا شي‏ء واجب الوجود لنفسه إلاهو،فهوالغني بذاته على الإطلاق،عن العالمين قال تعالى (فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ)فمن المستحيل أن يكون في الوجود اثنان واجبا الوجود لأنفسهما(لو كان فيهما ءالهة إلا الله لفسدتا).

قال تعالى (قل هو الله الأحد الله الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ ولم يولد)”لم يلد” فيكون مقدمة،”ولَمْ يُولَدْ” فيكون نتيجة.هو تعالى الوجود الحق ،وكذا وجود النور الإلهي المحمدي الاحمدي لا تعرف له بداية لأنه من نور الله.الوجود الحقيقي يتأتي للبشر في الدارالاخرة قال تعالى(و ان الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون)إذ أوليتها لا آخرية لها(خالدين فيها أبدا).

ثم قال لي :الوجود بي،وعني ،ولي.بي :

بيده تعالى الملك والملكوت (سبحان الذي بيده ملكوت كل شيء)وعنه صدر الوجود (الله خالق كل شيء)،ومنه(وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ) وله(له ملك السموات والارض وما بينهما).

الحق تعالى لا يزال موجودا والعالم محفوظا به،ولا يزل حافظا له،فلو انقطع الحفظ لزال العالم،فإن الله ما هو غني عن العالم إلا لظهوره بأسمائه وصفاته للعالم،فاستغنى إن يعرف بالعالم ،فلا يدل عليه غيره،بل هو الدليل على نفسه بنفسه بظهوره لخلقه. وما سمي العالم عالما إلا لأنه علامة على وجود خالقه.

قال تعالى(يا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى الله والله هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).العالم قسَّمه الله تعالى بين غيب وشهادة،وظاهر وباطن،وأول وآخر،وجعله على مراتب ودرجات مفتقرا بعضه إلى بعض(ورفع بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا)فالعالم كله أسماؤه الحسنى ،وصفاته العليا ،فالصورة التي تفتقر إليها باطنها وجه إلهي (فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم).

ثم قال لي:الوجود عنّي،لا بي،ولا لي :

الوجود عنه تعالى صدر ،إنطلاقُ الدوائر الكونية ،واستمراريتها ،يتبع تجليات الأسماء الالهية ومراتب النبوة المحمدية،و مقيد بها. ” لابي ولا عني” الفاعلة في الوجود هي الأسماء الالهية،والذات الالهية في غيب ، لا مشهودة ولا معبودة.وليست علة للوجود.

يقول ابن عربي ( ص 101 – ج1) … لتعلم وفقك الله أن كل اسم إلهي يتضمن جميع الأسماء كلها،وأن كل اسم ينعت بجميع الأسماء في أفقه،فكل اسم فهو حي قادر،سميع، بصير،متكلم في أفقه،وفي علمه وإلا فكيف يصح أن يكون ربا لعابده،هيهات.غير إن ثم لطيفة لا يشعر بها،وذلك أنك تعلم قطعا في حبوب البر،وأمثاله إن كل برة فيها من الحقائق ما في أختها،كما تعلم أيضا أن هذه الحبة ليست عين هذه الحبة الأخرى،وإن كانتا تحويان على حقائق متماثلة فإنهما مثلان فابحث عن هذه الحقيقة التي تجعلك تفرق بين هاتين الحبتين، وتقول إن هذه ليست عين هذه وهذا سار في جميع المتماثلات من حيث ما تماثلوا به كذلك الأسماء كل اسم جامع لما جمعت الأسماء من الحقائق،ثم تعلم على القطع أن هذا الاسم ليس هو هذا الآخر بتلك اللطيفة التي بها فرقت بين حبوب البروكل متماثل، فابحث عن هذا المعنى حتى تعرفه بالذكر لابالفكر.انتهى

وعلى هذا الاساس ففي حقيقة الأمر،الوجود كله ينتمي لله وحده،وما سواه “عدم” في ذاته ووجوده،إنما هوبقدرما يتجلى عليه الحق تعالى بأسمائه،فالوجود الحق لله الواحد،وما سواه يستمد منه وجوده وهو في ذاته عدم، وخروجه إلى الوجود تابع لتجلي اسمه تعالى الخالق ثم البارئ…
فوجودها محدود،مقيد،مشروط.

ثم قال لي :الوجود لابي،ولاعني،ولا لي :

“لولاك لولاك ما خلقت الافلاك” فما خلق الله تعالى لنفسه إلا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،والباقي الوجود كله مخلوق لأجله ،معلل بوجوده صلى الله عليه وسلم لله.فالوجود مخلوق لمخلوق،وانفرد الحق تعالى بالغنى المطلق ،حتى عن اسمائه وصفاته، فهو تعالى غير محتاج لا لكون ولا لأكوان،ولاتنفعه طاعة ولايضره عصيان .خلق الخلق للخلق لا له.

يقول الشيخ الأكبر في نقش الفصوص :…وجعله الله تعالى العين المقصودة من العالم كالنفس الناطقة من الشخص الإنساني، ولهذا تخرب الدنيا بزواله،وتنتقل العمارة إلى الآخرة من أجله.فهو الأول بالقصد،والآخر بالإيجاد،والظاهر بالصورة والباطن بالسورة أي المنزلة فهو رب للعالم، وعبد بالنسبة لله .انتهى.

فما ثم من يعبد الله عن مشاهدة إلا الإنسان الكامل،لأن التجلي له دائم،وحكم الشهود له لازم.

يمكن اضافة الى شرح هذه المشاهد،استدلالات اعتمادا على حساب الكسر،وحساب البسط والكسر(أي جُرْنَعِدٍ)ولكن سيُعَقد الشرح،على من ليس له معرفة به،وأنسة باستدلاله،وكذلك للخلاف الموجود حوله بين المشارقة والمغاربة.

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد