النسبية الزمانية

 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي لا أول لأزليته ،ولا آخر لأبديته. أبرز الوجود بعد العدم ،وأخرج حواء من جنب آدم ،وعلم  بالقلم مالم نعلم ،وميز بين الحادث والقِدم.أوضح وأبهم ،وأَخَّر وقدم ،وسطر الألواح بالقلم،ووشح  القرءان بالأحكام والحِكم ،.وأشهد أن سيدنا محمد عبده  الدائم ،وخليفته القائم ،ونبيه الخاتم .. وأصلي واسلم عليه في كل رتبة من مراتبه العظيمة ،وحضرة ،من حضراته الـمنيرة وسلامي للزهراء البتول بنت الرسول رضي الله عنها . موضوعنا حول النسبية الزمانية

  الحق سبحانه وتعالى مطلق من حيث ذاته لا تحده الامكنة ولا تقييده الازمنة ولا تحيط  بعلمه الالسنة فليس عنده يوم ولا ليلة ولاحاضرولاماض ولامستقبل ولابداية له، ولانهاية ،كان قبل القبل وكائن بعد البعد لأنه خارج عن المادة والشيئية والتاثيرات الزمانية.
و قوله تعالى”هو الاول والاخر”فهي أولية وآخرية  راجعة عن الاسماء الالهية   لا من حيث الظهورولا من حيث البطون هو الاول والاخروالظاهر والباطن  . فللاسماء الالهية أولية التقدير والامر والخلق واخريته .فإسمه تعالى الحي له الاولية التجلي على المخلوقات كلها واسمه تعالى المميت هو آخر تجل ينهي حياة المخلوق .وعلمه تعالى قديم لا يتجدد بتجدد المعلومات،لهذا وصف لنا القرءان الكريم  يوم القيامة بالفعل الماضي مع انها بالنسبة لنا مستقبل قال تعالى “ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا ” ” آتى امر الله فلا تستعجلوه”..

             كما ان الزمن يختلف حسب الدوائرالكونية وحسب المخلوقات،فعروج أمر التدبير والتصريف ألف سنة :قال تعالى “يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقدراه ألف سنة مما تعدون،”أمافي حق  الملائكة قال تعالى” تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ  ” والشخص الذي مات ينتقل من التقويم الزمني الارضي، الى تقويم اخر، الاف السنين التي مرت عليه في قبره يحسبها ساعة او كيوم قال تعالى “ويوم تقوم الساعة يظن المجرمون ما لبثوا غير ساعة” . فجسمنا الطيني مقيد بدوران الكرة الارضية وبطلوع الشمس وغروبها أما الروح التي قال في حقها تعالى “ونفخت فيه من روحي “فعند الموت تعود الى ” التقويم الومني  ملكوتي ”.
والعلم اخبرنا أن لكل نظام فلكي حركي تقويم يخصه فاليوم والسنة تختلفان من كوكب الى اخر ،فمثلا كوكب الزهرة يومه يدوم 243 يوما شمسيا من أيامنا أي قرابة سنة                                                                                      فهو تعالى القابض الباسط لكل شئ ولا يتقيد بشئ،فقبض الزمن على طعام عزيرفلم يتسنه أي لم تؤثر فيه السنين واحتفظ بصلاحيته ، وبسط الزمان لحمارعزير فصارعظاما وقال عزير” لبثت يوما أو بعض يوم” : مائة سنة في حق عزير ،وهو نفس إحساس  أصحاب الكهف” قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض”  . فكانت بالنسبة لهم 309 لهم كيوم أو بعض يوم.لأنهم انتقلوا الى تقويم زمني مخالف ،”إن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون’ يوم من ايام الربوبية
فالزمن نسبي و إن لم ندرك حقيقته  لأننا مقيدين به وكذلك بالمكان ،والصوفي عندما يصل الى درجة كبيرة من المعرفة ويصل الى المقامات القعساء يمكن أن يخرج من هذا القيد الزمني وتتساوى عنده الازمنة.
قال الامام زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهما اشارة الى هذه الاطلاقية الزمانية التي يصل اليها الصوفي المحقق :
تَوَضَّأ بِماءِ الغَيْبِ إنْ كُنْتَ ذا سِرٍّ **وإلا تَيَمَّم بالصَعيدِ أو الصَخْرِ
وَقَدِّمْ إماماً كُنْتَ أنْتَ إمامَهُ ** وَصَلِّ صَلاة الفَجْرِ في أوَّلِ العَصْرِ
فَهذي صَلاةُ العارِفِيْنَ بِرَبِّهِم ** فَإنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فانْضَحِ البَرَّ بالبَحْرِ
(ابيات نسبت الى ابن عربي وليست له .

قال تعالى” ان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون”،اخبرنا تعالى ان يوم من ايام الربوبية يعادل 1000 سنة من حسابنا  ..والسنة شهور وأسابيع و أيام وساعات ودقائق وثواني واليوم يتكون من 24 ساعة. 

فيوم الربوبية يعدل 1000 سنة من أيامنا و اذا قسَّمنا 1000 على 24 الحاصل هو 41,6. أي ساعة من يوم الربوبية تساوي 41,6 سنة من أيامنا،وساعة ونصف تعادل62.4 سنة (اثنين ستين سنة و4 اربعة اشهر)وهو معدل العمر العادي للإنسان .فإذا أنت عَمَّرت 62 أو 63 سنة ، تكون قد عشت في ملك الله ساعة ونصف،بحساب الربوبية،وهذا ضئيل للغاية إنه أقل ما يمكن أن تستقبل فيه ضيفا في بيتك،وأقل بكثيرمما يمكن ان تنتظرفيه رحلة في مطاردولي.ولو كلفت بمراقبة شخص ساعة ونصف لراقبته مراقبة مشددة،وأنت انسان مثله فكيف بك إذا كان من يراقبك ملكين“ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد”ووجدوا ما عملوا حاضرا”
قال تعالى في حقنا نحن أصحاب الاعمار القصيرة ” يوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار…وقال تعالى  ) “ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة  ” فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ ( الاحقاف)أما في حق الامم السابقة التي كانت تعمرالمئات من السنين، وأكثر كسيدنا نوح عاش أكثر من 950 سنة). هذه الامم عندما سئلوا كم لبثتم عبروا باليوم وليس بالساعة قال تعالى ” قال كم لبثتم في الارض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين ”) لأن أعمارهم طويلة.قال تعالى في حق من كان قبلنا “” أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَم مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا ” فمنهم من  عمر اكثر من يوم من ايام الربوبية فأعمارنا كالزهور تدبل في ساعات قلائل وبهذا وصفها الله تعالى فى محكم التنزيل “” ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا “ ابحاث بينت أن الإنسان خلال فترة 40 عاماً، يقضي نحو 9 أعوام من عمره في العمل، إذ يعمل يومياً نحو 8 ساعات على أقل تقدير، ما يعني أنه يعمل شهرياً بمعدل 176 ساعة،وبالتالي فهو يعمل سنوياً 1936 ساعة، باعتبار انه يأخذ عطلة يومين كل اسبوع و إجازاة شهر في السنة وهذا  يعني أنه خلال فترة 40 سنة، وينام بمتوسط 8 ساعات يومياً، وبالتالي خلال شهر، ينام نحو 240 ساعة، وفي السنة  2920 ساعة  وفي  40 سنة، ينام نحو 116.800 ساعة، أي يقضي 13 سنة في النوم. 

         أما في الاكل فمعدل الوقت المستغرق في كل الوجبة يومياً، يصل إلى 30 دقيقة، وتناول 3 وجبات، يحتاج إلى 90 دقيقة يومياً وبالتالي 45 ساعة شهرياً ، 540 ساعة سنويا ،و خلال فترة 40 سنة،يستغرق نحو 21.600 ساعة أي عامين وأربعة أشهر. أما في مشاهدة التلفار والتسكع في الانترنيت وزيارة الاصذقاء و الجلوس في المقاهي فالابحاث بينت ان الانسان ، يقضي في 40 سنة  حوالي 43.200 ساعة، ما يعني 4 سنوات و9 أشهر.

و الإنسان يحتاج إلى 3 ساعات لشراء المستلزمات أسبوعياً،  وخلال 40 سنة، يحتاج إلى 5760 ساعة، ما يعني نحو 6 أشهر.وبالمجمل، فإنه خلال هذه الفترة، يقضي الإنسان في العمل والنوم، والأكل، وزيارة الأصدقاء أو مشاهدة التلفاز، والتسوق نحو 29 عاماً و3 أشهر، وبالتالي فإنه يملك 10 سنوات و9 أشهر تقريباً، يقضيها ربما في ازدحام الطرقات، وفي اللغو واللهو و التفكير في المستقبل أو التأسف على الماضي ، أو ربما تذهب سدىً. 

      أَلا كُلُّ شَيءٍ ما خَلا اللَهَ باطِلُ=وَكُلُّ نَعيمٍ لا مَحالَةَ زائِلُ                                    

وَكُلُّ إنسان وان طال عمره=الى اقصى الغايات فللقبر راحل                    

وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.

حصل المقال على : 933 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد