الموقف 67 من مواقف الأمير عبد القادر الجزائري.
قال الله تعالى: (ألا إن أولياء الله) [يونس: 62].
جمهور المحقّقين من أهل الله على أن الوَلاية مُكتسبة،والإكتساب افتعال،وهو طلب الشيء بقوّة واجتهاد. وعليه فالعمل لأجل تحصيل الولاية،التي معناها القُرب من الله برفع الحُجُب وإخلاص العبودية إليه وصدق التوكّل عليه والإنحياش،ظاهراً وباطناً إليه،ليس بعِلّة قادحة في العبادة. وأما إذا قَصَد بالعمل الولاية التي معناها ظهور الخوارق والكرامات وانتشار الصّيت وإقبال الخَلق،فهذا لا يشُكّ أحد أنه عِلّة،بل شرك. وعليه يُحمَل قول من قال: [لا يَصل أحد إلى الله ما دامَ يَشتهي الوصول إليه]. وعندي،على ما ألقاه الحق إلَيّ: أن بداية الولاية،بمعنى التّوفيق لطَلبها،مَوهبة، لأنها حال،والأحوال مَواهب. ووَسطها اكتساب،لأنه جدّ واجتهاد،وارتكاب أهوال، ورياضات ومجاهدات. وآخرها،ولا آخر،مَواهب. والقُرب من الحق تعالى قُرب معنوي،وليس ذلك إلا برفع حجاب الجهل،وإلا فالحق أقرب إلينا من حبل الوريد، فما بَعّدنا إلا الجهل،ولا قَرّبنا إلا العلم..انتهى
==
الولاية مكتسبة تابعة لاجتهاد كل شخص واخلاصه في العمل لله (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) قال صلى الله عليه وسلم”اعملوا فكل ميسر لما خلق له“.
والولاية مقامات أعلاها مقام الختمية،والذي بدوره ينقسم الى ختمية صغرى،وختمية كبرى،والفرق بينهما في العلوم اللدنية التي تعطى من الحضرة المحمدية للولي الختم.وسمي ختما لأنه ختم جميع مقامات الولاية،وختم جميع علوم من سبقه من العارفين.
انتبه الى أن الأمير يقول أن كل من قصد بالولاية الشهرة،وانتشار الصيت والكرامات وخرق العادات فهو شرك،لأنه طلب من الله غير الله.
وفي هذا الزمان الشيخ الذي يريك من نفسه خرق للعادة،أو يكاشفك بما يجول بخاطرك هو المرغوب المطلوب.
كنت اعرف شيخا(رحمه الله تعالى)لا علاقة له بالتصوف،يمكن ان يكاشفك بما فعلت الشهر كله،كان يعمل ،عملية تسمى عند اصحاب هذا الفن “الاستنزال ،وربما القرين هو الذي يزوده بهذه الاخبار .”
في بداية سلوكي صاحبت شيخا كان يدعي خرق العادات والكشوفات فكان يكاشفني بما يدور في باطني،وبقي على هذا الحال حتى فطنت أن أحد من المقربين منه كان يسألني عن أحوالي ويبلغها له.وكنت قلت لهذا الشخص أنني أريد الانتقال الى مدينة اخرى لأجل دراسة الأبناء،فبلغها للشيخ وعندما لقيني قال : إنك ستنتقل قريبا الى مدينة مراكش فمرحبا.؟ .
وصاحبت شيخا آخر لمدة 11 سنة لم أر منه إدعاء،ولاتطاولا على المقامات، ولكن غادرت طريقته عندما عرفت أنها تبركية لا توصل الى المعرفة.
وصاحبت شيخي الاخير (رحمه الله تعالى)لمدة 20 سنة و لم أر منه كرامات، ولا خرقا للعادات، لم أر إلا صوفيا عارفا بالله،صرح مرارا بأنه ختم هذا الزمان.
فلهذا أنا أردد دائما ،لاصفة للعارف إلا المعرفة.إذا بحثت على صفة آخرى في الشيخ الرفيق تهت عن الطريق.
في زمان مضى كان المريد هو الذي يبحث عن الشيخ للاخذعنه(لقد ذهب الشاذلي رحمه الله من المغرب الى العراق باحثا عن القطب). في زماننا هذا. الشيخ هو الذي يبحث عن المريد،انقلبت الموازين ،واختلت المقاييس
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
سيأتِي على الناسِ سنواتٌ خدّاعاتٌ؛يُصدَّقُ فيها الكاذِبُ،ويُكذَّبُ فيها الصادِقُ،ويُؤتَمَنُ فيها الخائِنُ،ويخَوَّنُ فيها الأمينُ،وينطِقُ فيها الرُّويْبِضَةُ.قِيلَ : وما الرُّويْبِضةُ ؟ قال:الرجُلُ التّافِهُ يتَكلَّمُ في أمرِ العامةِ
وظهر الرويبضة كذلك في التصوف.
اعلم أن الشخص الوحيد في زماننا هذا ،الذي يناديك لمصلحتك،هو المؤذن