المشاهد القدسية للشيخ الاكبر

مقدمة الشرح

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين.

هذه المشاهد هي خطاب باطني للشيخ الاكبر والكبريت الأحمر،مشاهدة بصفته الختمية ولها،والصفة تدرك ولاترى(كالشجاعة لا ترى لوحدها تتجول،ولا تدرك الا ملازمة للشجاع)فالصفة ملازمة للموصوف.لذا لما سئل من أنت؟ لم يقل أنا محمد بن العربي.

وقد أورد الشيخ الاكبر في خطبة الفتوحات،مراسيم تنصيبه في مقام الختمية،بحضور الانبياء والرسل وبحضور الصحابة الاربعة،وبحضور الختم الذي سبقه والذي انتقل الى الدار الاخرة.

فالشرح يجب أن يأخذ بعين الاعتبار أن الخطاب موجه لصفته كختم ،وسيكون مختصرا لأن دائرة المعنى أوسع من دائرة الحس،ودائرة القلوب أوسع من دائرة العقول،ومبسطا قدر الامكان،لأن هذه المشاهد كلها أسرار ورموز،ومن الصعب الاحاطة بمعانيها، والوصول الى تمام باطن المشهد.

يقول ابن عربي:أوقفني من أوقف كل وارث وعارف،وأمدني بالأسرار الإلهية والمواقف ،وأثبتني في ديوان الكشف والظهور،وجعلني أتردد بين سدرة المنتهى والبيت المعمور،إذ هي درجة الصديقية ،الجارية على الأثار النبوية.

ويقول في مقدمة الكتاب “… وهي أمانة بيد كل من حصلت عنده،فإن كان من أهلها حصل له المراد،وإن كان من غير أهلها، فليبحث عن أربابها وأهلها.

المشاهد“جمع مشهد ،من المشاهدة.

أما كونها قدسية فلأنها تحتوي على أسرار الأسماء الإلهية،والفيضة القرءانية،وحضرات الحقيقة المحمدية(وقد طلب الشيخ الاكبر الاحاطة بهذه الاسرار حين ترسيمه وأعطيت له).

أما مطالع فتشير إلى التجليات الإلهية الجمالية والجلالية،التي اظهرت الأنوار الإلهية.

هذه المشاهد ليست بالسهلة، وكيف؟وهي مستخرجة، من الخزائن الإلهية المقفولة في غيابات الأجل،المصونة عن طوارق الاغراض والعلل(حسب عبارة ابن عربي).

أنا لست في مستوى ابن عربي،ولكن أسأل الله تعالى أن أكون من أربابها وأهلا لها، واستعين به جل شأنه في شرحها،وأطلب المدد من الحضرة المحمدية الأحمدية،والسند من مشرب البضعة النبوية الزهراوية،وطبعا بعد أخذ الإذن من الشيخ الاكبر قدس الله سره

ولا أدعي أنني أحطت بكل الأسرار،والحقائق التي وردت في باطن كلام ابن عربي وفهمت كل شئ،فالكلام،كلام ختم من العيارالثقيل،وما دفعني سوى الغيرة على كلام الشيخ الاكبر،فالبعض ممن تطرق لشرح كلام ابن عربي أخلوه من الاسرار، وجردوه من الحقائق،وكأنه كلام ليس من مشكاة عارف له مقام  كبير بين الاولياء وقامة عرفانية قعساء،وكأنه مجرد خواطر،و ابتعدوا كثيرا عن باطن المشهد، وليس لهذه المشاهد ظاهر.

قال ابن عربي رحمه الله،في هذا الكتاب:..إن”الحق”،صفة من صفات اللّه تعالى،فلا يظن السامع أن هذا الكلام محمول على ظاهره،…

فلم استنتج من شرحهم سوى جهلهم بكلام ابن عربي وأنهم ليسوا أهلا لها. …”.

ولعل القارئ الكريم ،انتبه الى قول ابن عربي:”وجعلني أتردد بين سدرة المنتهى والبيت المعمورإذ هي درجة الصديقية “.فهذا إشارة الى إسرائه رضي الله عنه ،وفي الاسراء يُعطى الولي علوما لا حد لها،منها من يؤمر بإظهارها،ومنها من لا،وأظنه أول اسراء له، إذ يتكلم على درجة الصديقية،وهو رضي الله عنه، وصل مقام القربة ،والذي هو فوق الصديقية(مقام أنكره ابو حامد الغزالي وقال: رقاب الصديقين لا تتخطى). .

هذه المشاهد قدسية باطنية، مجموعها 14 مشهدا،فلا يصح نسبة هذا العدد الى الحروف الهجائية،أوإلى المنازل التي من عالم الظهور.

14 هو كسر اسمه تعالى “وهاب”(وهاب= 14)لأن “الوهاب” هو كذلك من دائرة التقديس،ومطلع من مطالع الأنوار،فهذه الأسرار من دائرة الوهب والعطاء الإلهي.

الوهاب” ورد بالقرءان ثلاثة مرات معرفا وثابت الألف(وليس صدفة بل لمعاني كثيرة يرمز إليها الرسم القرءاني)وهومن أوسع الأسماء الإلهية من حيث المقتضيات.

وشرحي لأي مشهد سيكون ترديجيا ،متجددا،لأن المشهد طويل،والشرح أطول.

والأسرارالواردة به لايحاط بها من أول وهلة،وشرح كلام ابن عربي ،ليس في المتناول، فجملة واحدة من كلامه رضي الله عنه يمكن أن اقضي معها يوما كاملا أنتظر أن يفتح لي في فهمها ،حتى القارئ إن كانت بضاعته في التصوف ضعيفة فسيجد صعوبة في التتبع.

فكلام ابن عربي يتطلب وقتا، ومراجعة،وتصحيحا،وتدقيقا،والوقت ضيق،ولانعدام المساعدة في سير هذه المدونة من أي جهة، فإنزال أي موضوع بالمدونة، وتنظيمه، وتنسيقه،وتوضيحه، واختيار صورة له يتطلب وقتا كبيرا وسأتابع عدد الزوار ان كانوا قلائل فلا داعية للاسراع بإحضار الشرح الموالي .

فالمعونة لن تاتي إلا من سر الاذن ،ومن المشرب الفاطمي العرفاني ،ومن الفتح والاستفتاح ،والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

حصل المقال على : 63 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

عرض التعليقات (2)

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد