جاء في الآية 34 من سورة النساء:”الرّجالُ قَوّامونَ على النساءِ بما فَضّل اللهُ بعضَهُم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم…”.
“الرجال قوّامون على النساء”:
القوّام: هو من يكثرُ من القيام، ومن هنا نقول:” فلان صوّامٌ قوّامٌ”: أي كثير الصيام وكثير القيام. وعليه فإنّ من أهم وظائف الرجال الأساسية كثرة القيام على شؤون النساء. واللافت هنا أنّ الصيغة هي صيغة تقرير مُشْعِرةٌ بأنّ الأمر قانون فطري.
“بما فَضّل اللهُ بعضَهُم على بعض”: الكثير من أهل التفسير يذهبون إلى أنّ المعنى هنا يرادف قولَنا: بما فضلهُم عليهنّ. وهذا مذهب تدعو إليه الأفكار المُسبقة لدى الكثيرين والمتعلقة بنظرتهم الخاصّة إلى المرأة. أمّا النّص القرآني فهو في غاية الوضوح، حيث يقول سبحانه وتعالى: “بما فَضّل اللهُ بَعضَهُم على بعض”؛ فالرجل مُفضّل على المرأة، والمرأة مفضّلة على الرجل. ومعلوم أنّ الفضل في اللغة هو الزيادة. ولا شك أنّ لدى الرجل زيادة شاءها الخالق الحكيم لتتناسب مع وظيفته، ولدى المرأة زيادة تتناسب مع وظيفتها. وعليه لا نستطيع أن نُفاضل بين الرجل والمرأة حتى نُحدّد الوظيفة، تماماً كما هو الأمر في الطبيب والمهندس؛ فإذا كان المطلوب بناء بيت فالمهندس أفضل. والطبيب أفضل عند مقاومة الأمراض… وهكذا. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا إذن يُكثِر الرجالُ من القيام على شؤون النساء؟! والجواب هنا: أنّ الفضل الفطري لدى الرجال اقتضى واجباً عليهم تجاه النساء، وفضل النساء اقتضى حقاً لهنّ على الرجال. ففضل الرجل أنتج واجباً، وفضل المرأة أنتج حقاً.ولاشك أنّ بعض جوانب فضل الرجل الفطرية (زيادته) جعلته الأقدر على الكسب في الواقع الاقتصادي، أمّا فضل المرأة فقد أعاق قدرتها على الكسب، لذا فقد أنتج فضل الرجل في هذا الجانب واجباً، في حين أنتج فضل المرأة حقاً. وبناءً على ذلك كان الرجل هو الأكثر قياماً على شؤون المرأة، لما أنتجه فضلُهُ من واجبات، ولما أنتج فضل المرأة لها من حقوق.
اللافت في الاجتماع البشري أنّ القيام بالواجب يُنتج حقاً يُكافِئ القيام بهذا الواجب. واللافت أنّ كل وظيفة في المجتمع يقابلها من الحقوق ما يكافئها ويساعد على القيام بها؛ فرئيس الدولة، مثلاً،هوأعظم الناس مسؤوليّة وبالتالي هو الأعظم حقاً. وبقدر تحمّلِه للمسؤولية يقابله الناس بمردود من الحقوق تساعده على القيام بوظيفته. والشُرَطيّ هو صاحب مسؤولية تَفرضُ حقوقاً تساعده على القيام بواجبه. وطاعته من قبل الجماهير مفروضة اجتماعيا. وفي الوقت الذي يشعر فيه الناس بتفريطه وتقصيره بواجبه يقابلونه بالعصيان والرفض والاحتقار. أمّا الطاعة والقبول والاحترام فلأولئك الذين يُخْلِصون ويقومون بواجبهم خير قيام.
وإذا كان الرجل قوّاماً يؤدّي واجباته ويمارس وظيفته، فلا بد أن يقابل ذلك ما يُكافئه من الحقوق. والعجيب أنّ معنى القِوامة عند الكثيرين يُرادف معنى الحق الذي هو للرجل على المرأة، في حين أنّ معنى القِوامة في اللغة يشير بوضوح إلى الواجب الذي هو على الرجل تجاه المرأة، أي أنه حقّ المرأة وليس حقّ الرجل. أمّا حق الرجل فهو الأثر المترتب على قيامه بواجبه، وهو المردود المتوقّع نتيجة القيام بالوظيفة
منقول
حصل المقال على : 1٬023 مشاهدة