سيدي محمد بن الحبيب الامغاري

إتحاف اللبيب بترجمة الشيخ   سيدي محمد بن الحبيب

للفقير إلى رحمة ربه البلغيثي عبد الكبير كان الله له في الدارين آمين

بسم الله الرحمان الرحيم : وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ملخص

هو الشيخ العارف بالله سيدي محمد بن الحبيب الأمغاريالإدريسي،الشاذلي طريقة وإنتساباً،المحمدي فيضاً ومشرباً. مؤسس (الطريقة الدرقاوية الشاذلية)،وهو أحد الأئمة المحققين..ولد بفاس عام (1290 هـ) تقريباً..وينتسب لمولاي عبد الله أمغار،دفينتمصلوحت..هاجر والده من مراكش إلى فاس وإستقرّ بها..

حفظ الشيخ الحبيب القرآن الكريم في مدة وجيزة..وقد تنبّأ له أحد الأولياء،منذصغره،بصلاحه وعلو كعبه،قائلاً (هذا سيكون عالماً عاملاً،ورعاً،ذاكراً،شيخاً مربياً)..وممن إنتقع بنظرته ودعائه (الشيخ سيدي محمد الغياثي وعبد الله البدراوي..)..

وبعد إنتهائه من حفظ القرآن،إلتحق بجامع القرويين،فحفظ المتون ولازم الشيوخ (أحمد بن الجيلالي،وأحمد بن الخياط،ومحمد بن جعفر الكتاني،ومحمدالإيراري،وعبد الله البدراوي)..وقام بالتطوع بإلقاء دروس علمية بجامع قصبة النوار،ثمإنتقل إلى جامع القرويين،فإنتفع به خلق كثير.وممن كان يحضر دروسه آنذاك (الزعيم علال الفاسي،والنقيب محمد المختار السوسي،والفقيه محمد الغازي،والقاضي محمد بن قدور،والفقيه عبد القادر الصقلي،والقاضي مولاي إدريس بن علي،والقاضي الصديق الفاسي،ورئيس مدرسة المخفية بن عبد الله) وغيرهم كثير..

كانت أوقاته عامرة بذكر الله تعالى ومجاهدة نفسه..فتاقتنفسه،بعدحيرته،للبحث عن من يأخذ بيده ليُخرجه منها ويسلُك به طريق أهل الله (شيخ التربية)،وكان أول من إنتفع به في بداية سلوكه (الشيخ سيدي محمد لحلو)..ثم لُقّن ورد الشيخ سيدي العربي الهواري،عن طريق مولاي سعيد البلغيثي،فأخذ عن هذا الأخير (الطريقة البدوية الدرقاوية)..ثم لقي الشيخ ماء العينين عندما حلّ بفاس،وإنتفعمنه،وأذن له بجميع الأحزاب والأسماء والأوراد بذكرها وإعطائها لمن طلبها..ولما تصدّر الشيخ محمد بن علي،قَدم عليه إلى مراكش،وجدّد معه العهد،وخرج معه في عدة سياحات..ثم رجع إلى فاس نائباً عن الشيخ محمد بن علي في الدلالة على الله..ثمإجتمع بالشيخ عبد الرحمان بن صالح،وكانا يتذاكران في تحقيق العبودية لله تعالى..وبعد هذا وقع الإذن المصطفوي ووقع التهديد على البروز،فبرز للخلق وأشرقت شمسه،وإنتفع به العباد..ثم أخذ يجول في جميع مناطق المغرب ينشر مبادئ طريقته..

وشدّ الرحال صوب الديار المقدسة من أجل فريضة الحج..وبعد أدائه المناسك سافر إلى الشام وإجتمع مع علمائها (الشيخ توفيق الأيوبي،وبدر الدين الدمشقي..)..ومرّ أيضاً بالديار المصرية وإتصل بالعديد من العلماء فيها (الشيخ بخيت المطيعي،والسمالوطي..)..

وبعد عودته إرتحل من مدينة فاس وإستقرّ بمدينة مكناس،وبنى بها زاويته الكبرى وعمّرها..وساهم في إحياء النهضة العلمية بالبلاد،وكان سبباً في تأسيس معهد علمي بمكناس..ثم شرع في تدريس العلم بجامع الزيتون بمكناس..

وقصد الديار المقدسة مرة أخرى..وبعد رجوعه قام بعدةسياحات بالمغرب عموماً،وبالقطر الجزائري خصوصاً،من أجل الدعوة إلى الله..ولما رجع إلى مكناس أخذت الوفود تتقاطر عليه لتغترف من فيضه..وأسلم على يده عدد كبير من الأجانب،خصوصاً من إسبانيا وإنجلترا،وهكذا ساهم في نشر الدين الإسلامي بالدول الأجنبية..وأكثر زواياه منتشرة في المغرب،خصوصاً بالصحراء المغربية وبالقطر الجزائري..وإنتعشت (الطريقة الدرقاوية الشاذلية)..

وفي عام (1391هـ) خرج رفقة بعض مريديه قاصداً حج بيت الله الحرام للمرة الثالثة،إلا أنه إنتقل إلى جوار ربه بمدينة البليدة في الجزائر،وذلك يوم 23 من شهر ذي القعدة،ودفن بزاوية كان قد دشنها قبل ذلك بأسبوع،ثم نقل جثمانه من قبره بعد عشرين يوماً ليُدفن بزاويته الكبرى بمكناس في متمّ يناير (1972م)،وذلك بطلب من أهله وعشيرته ومريديه،وطبقاً لوصيته..

البعض من اشعاره

قَدْ بَدَا وَجْهُ الْحَبِيبِ  *** لاَحَ فِي وَقْتِ السَّحَرْ

نُورُهُ قَدْ عَمَّ قَلْبِي    ***  فَسَجَدْتُ بِانْكِسَارْ

قَالَ لِي ارْفَعْ وَاسْأَلَنِّي    ***   فَلَكُمْ كُلُّ وَطَرْ

قُلْتُ أَنْتَ أَنْتَ حَسْبِي   ***   لَيْسَ لِي عَنْكَ اصْطِبَارْ

قالَ عَبْدِي لَكَ بُشَرَى   ***    فَتَنَعَّمْ  بِالنَّظَرْ

أَنْتَ كَنْزٌ لِعِبَادِي    ***      أَنْتَ ذِكْرَى لِلْبَشَرْ

كُلُّ حُسْنٍ وَ جَمَالٍ    ***      فِي الْوَرَى مِنِّي انْتَشَرْ

بَطَنَتْ أَوْصَافُ ذَاتِي    ***      وَ تَجَلَّتْ فِي الأَثَرْ

إِنَّمَا الْكَوْنُ مَعَانٍ    ***      قَائِمَاتٌ بِالصُّوَرْ

كُلُّ مَنْ يُدْرِكُ هَذَا   ***      كَانَ مِنْ أَهْلِ العِبَرْ

لَمْ يَذُقْ  لَذَّةَ عَيْش    ***      الَّذِي عَنَّا انْحَصَرْ

رَبَّنَا صَلِّ عَلَى مَنْ    ***      نُورُهُ عَمَّ البَشَرْ

محمد منشؤ الأنوار

مُحَمَّدٌ مَنْشَؤُ الأَنْوَارِ وَ الظِّلَلِ *** وَ أَصْلُ تَكْوِينِهَا مِنْ حَضْرَةِ الأَزَلِ

فَنُورُهُ أَوَّلُ الأَنْوَارِ لَّمَا قَضَى ***إِظْهَارَ أَسْمَائِهِ فِي الْعَالَمِ الأَوَّلِ

مِنْهُ اكْتَسَتْ سَائِرُ الأَشْيَاءِ إِيجَادَهَا*** وَمِنْهُ إِمْدَادُهَا مِنْ غَيْرِ مَا خَلَلِ

تَقَاطَرَ الأَنْبِيَا وَ الرُّسْلُ مِنْهُ كَمَا *** تَقَاطَرَتْ سَائِرُ الأَمْلاَكِ وَ الْحُلَلِ

فَنِسْبَةُ الْخَتْمِ وَ الأَقْطَابِ مِنْ نُورِهِ    ***  كَنُقْطَةٍ مِنْ بُحُورِ النُّورِ وَ البَلَلِ

وَ الشَّمْسُ وَ البَدْرُ وَ النُّجُومُ مِنْهُ بَدَتْ ***كَالْعَرْشِ وَاللَّوْحِ وَ الْكُرْسِيِّ وَ الدُّوَلِ

فَشَاهِدِ النُّورَ قَدْ عَمَّ الْوُجُودَ وَلاَ    ***  تَكُنْ تَرَى غَيْرَهُ تَصِلْ عَلَى عَجَلِ

لِأَنَّهُ الْمَظْهَرُ الأَعْلَى لِأَسْمَائِهِ    ***   وَسِرُّ أَوْصَافِهِ مِنْ غَيْرِ مَا عِلَلِ

فَاللهُ إِخْتَارَهُ فِي عِلْمِهِ الْقَدِيمِ   ***       لِلْخَلْقِ أَرْسَلَهُ طُراً وَ لِلرُّسُلِ

أَسْرَى بِهِ اللهَ لَيْلاً بَعْدَ مَبْعَثِهِ    ***      لِقَابِ قَوْسَيْنِ حَتَّى فَازَ بِالأَمَلِ

وَاسْتَبْشَرَ العَالَمُ العُلْوِيُّ لَمَّا رَقَى   *** وَالْعَرْشُ قَدْ حَصَّلَ الأَمَانَ مِنْ وَجَلِ

وَاخْتَرَقَ الْحُجْبَ وَ الأَنْوَارَ حَتَّى دَنَا *** وَنُودِيَ ادْنُ حَبِيبِي وَاسْكُنْ مِنْ خَجَلِ

وَ مَتِّعِ اللَّحْظَ فِي أَنْوَارِنَا وَاطْلُبَنْ  ***  كُلِّ الَّذِي شِئْتَهُ تُعْطَ بِلاَ مَلَلِ

فَأُرْجَعَ الْمُصْطَفَى بِكُلِّ مَكْرُمَةٍ    ***  وَأَخْبَرَ النَّاسَ بِالأَقْصَا وَ بِالسُّبُلِ

فَلُذْ بِهِ يَا أَخِي فِي كُلِّ مُعْضِلَةٍ  *** يَضْحَى حَدِيثُكَ بَيْنَ النَّاسِ كَالْعَسَلِ

وَ لَذِّذِ السَّمْعَ بِالأَخْلاقِ وَ الشِّيَمِ    ***      وَاذْكُرْ شَمَآئِلَهُ وَاحْذَرْ مِنَ الزَّلَلِ

فَكَمْ خَوَارِقَ قَدْ جَاءَتْ عَلَى يَدِهِ    ***  فَأَعْجَزَتْ سَائِرَ الْحُسَادِ وَ الْمِلَلِ

وَ إِنَّ أَعْظَمَ خَارِقٍ لَهُ ظَهَرَا    ***      هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي قَدْ جَاءَ بِالْعَمَلِ

فِي كُلِّ جَارِحَةٍ مِنْهُ فَوَائِدُ لاَ    ***      يُحْصِيهَا عَدٌّ وَلاَ تُدْرِكْهَا بِالْمُقَلِ

وَ قَدْ أَحَاطَ كِتَابُ اللهِ مِنْهَا بِمَا    ***      يُبْرِئُ كُلَّ سَقِيمِ الْقَلْبِ مِنْ عِلَلِ

وَ لَيْسَ يَقْدُرُ قَدْرَهُ الْعَظِيمَ فَتًى  ***   فَالْعَجْزُ عَنْ مَدْحِهِ مِنْ أَحْسَنِ الْسُّبُلِ

وَ قَدْ تَشَبَّهْتُ فِي مَدْحِي وَ جِئْتُ إِلَى  ***  رُحْمَاكَ مُسْتَشْفِعًا لِله تَشْفَعُ لِي

يَا أَعْظَمَ الْخَلْقِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً    ***    اعْطِفْ عَلَيْنَا بِمَا نَرْجُوهُ يَا أَمَلِي

مَنْ يَحْتَمِي بِكَ يَضْحَى الْكَونُ يَخْدُمُهُ ***  لِأَجْلِ جَاهِكَ يَا مُمِدَّ كُلِّ وَلِي

بِكَ احْتَمَيتُ فَلاَ تَكِلْنِي يَا سَنَدِي ***  لِلنَّفْسِ وَ الجِنْسِ وَاجْبُرْنَا مِنَ الْخَلَلِ

وَ لَيْسَ يُلْحَقُ عَبْدٌ أَنْتَ نَاصِرُهُ  ***  فَأَنْتَ لِي عُمْدَةٌ فِي السَّهْلِ وَ الْجَبَلِ

وَقَدْ تَحَيَّرْتُ فِي أَمْرِي  فَخُذْ بِيَدِي ***   فَلاَ تَحَوُّلَ لِي عَنْ نُورِكَ الأَوَّلِ

صَلَّى عَلَيكَ إِلَهُ العَرْشِ مَا ظَهَرَتْ ***  شَمْسُ الحَقِيقَةِ بالأَسمَاءِ وَ الفِعَالِ

كَذَاكَ آلُكَ وَ الأَصْحَابُ مَا نَبَتَتْ    ***  عُشْبٌ وَ مَا سَحَّتِ السَّمَاءُ مِنْ بَلَلِ

ثُمَّ الرِّضَى عَنْ رِجَالِ اللهِ كُلِّهِمِ    ***  مَا سَبَّحَ الْكَوْنُ مَنْ يُجَلُّ عَنْ مَثَلِ

وَابْسُطْ لإِخَوَانِنَا الْخَيْرَاتِ أَجْمَعَهَا    *** دُنْيَا وَأُخْرَى وَ لاَ تَكِلْنَا لِلْعَمَلِ

وَاغْفِرْ لِوَالِدِينَا الزَّلاَّتِ أَجْمَعَهَا    *** وَ الْمُسْلِمِينَ بفَضْلٍ مِنْكَ يَا أَزَلِي

التجلي

أَشَمْسٌ بَدَا مِنْ عَالَمِ الغَيْبِ ضَوْؤُهَا***أَمِ انْكَشَفَتْ عَنْ ذَاتِ لَيْلَى سُتُورُهَا

نَعَمْ تِلْكَ لَيْلَى قَدْ أَبَاحتْ بِحُبِّهَا    ***     لِخِلٍّ لَهَا لَمَّا تَزَايَدَ شَوْقُهَا

فَأَضْحَى أَسِيراً فِي مُرَادِ غَرَامِهَا *** وَنَادَتْ لَهُ الأَشْوَاقُ هَذِي كُؤُوسُهَا

فَمَا بَرِحَتْ حَتَّى سَقَتْهُ بِكَأْسِهَا    ***      فَلاَ لَوْمَ فَاشْرَبْ فَالشَّرَابُ حَدِيثُهَا

وَ مَا هِي إِلاَّ حَضْرَةُ الحَقِّ وَ حْدَهَا    ***      تَجَلَّتْ بِأَشْكَالٍ تَلَوَّنِ نُورُهَا

فَأَبْدَتْ بَدِيعَ الصُّنْعِ فِي طَيِّ كَوْنِهَا ***  فَلاَحِظْ صِفَاتِ الحِبِّ فِيكَ ظُهُورُهَا

فَوَاللهِ مَا حَازَ السَّعَادَة كُلَّهَا    ***   سِوَى مَنْ بَدَا عَبْداً ذَلِيلاً يَؤُمُّهَا

فَغَطَّتْ قَبِيحَ الوَصْفِ مِنْهُ بِوَصْفِهَا  *** وَلاَحَتْ لَهُ الأَنْوَارُ يَبْدُو شُعَاعُهَا

فَغَابَ عَنِ الحِسِّ الّذِي كَانَ قَاطِعاً *** وَ عَانَقَ مَعْنًى لاَ يَحِلُّ فِرَاقُهَا

فَحَرِّرْ أَخِي قَصْداً وَ أَعْرِضْ عَنِ السِّوَى***يَهُبُّ عَلَى الأَحْبَابِ مِنْكَ نَسِيمُهَا

وَتفْتَحُ سَمْعاً لِلْفُؤَادِ مِنْ سَالِكٍ    ***    لِأَنَّ لَطِيفَ العِلْمِ مِنْهَا دَلِيلُهَا

فَمُنَّ عَلَيْنَا دائِماً بِوِصَالِهَا     ***  وَ غَيِّبْنَا عَنْ حِسِّ المَوْجُودَاتِ كُلِّهَا

حصل المقال على : 2٬226 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد