مغازلا ت رقيقة واشارات دقيقة

مغازلات رقيقة واشارات دقيقة
” الانسان الكامل وهو الظاهر في المظاهر”
الفتوحات المكية (باب معرفة النفس): الانسان الكامل برزخ بين الرب والمربوب.
قول ابن عربي: الإنسان الكامل أقامه الحق برزخاً بين الحق والعالم فيظهر بالأسماء الإلهية فيكون حقاً ويظهر بحقيقة الإمكان فيكون خلقاً. وجعله على ثلاث مراتب عقل وحس وهما طرفان، وخيال وهو البرزخ الوسط بين المعنى والحس فلما عرفنا الله أنه باطن وظاهر وله نفس وكلمة وكلمات……. انتهى.
الباب 340: الحقيقة المحمدية ظهرت بصفات حقية
……فإذا كوشف الإنسان على الإنسان الكامل ورأى الحق في الصورة التي كساها الإنسان الكامل يبقى في حيرة بين الصورتين لا يدري لأيتهما يسجد فيخير في ذلك المقام بأن يتلى عليه “فأينما تولوا فثم وجه الله” ففي الإنسان وجه الله من حيث صورته وفي جانب الحق وجه الله من حيث عينه فلأي شيء يسجد………انتهى
باب منزل تفريق الامر والصورة: لما لم يتمكن أن يكون كل إنسان له مرتبة الكمال المطلوبة في الإنسانية وإن كان يفضل بعضهم بعضاً فأدناهم منزلة من هو إنسان حيواني وأعلاهم من هو ظل الله وهو الإنسان الكامل نائب الحق يكون الحق لسانه وجميع قواه وما بين هذين المقامين مراتب ففي زمان الرسل يكون الكامل رسولاً وفي زمان إنقطاع الرسالة يكون الكامل وارثاً ولا ظهور للوارث مع وجود الرسول إذ الوارث لا يكون وارثاً إلا بعد موت من يرثه فلم يتمكن للصاحب مع وجود الرسول أن تكون له هذه المرتبة…انتهى. فالإنسان الكامل نائب الحق.
الباب 355::…فكل من في الوجود من المخلوقات يعبد الله على الغيب إلا الإنسان الكامل المؤمن فإنه يعبده على المشاهدة…انتهى. فالإنسان الكامل أعرف المخلوقات بالله.
الباب 360::….فخلق الإنسان الكامل على صورته ونصبه دليلاً على نفسه لمن أراد أن يعرفه بطريق المشاهدة لا بطريق الفكر الذي هو طريق الرؤية في آيات الآفاق وهو قوله تعالى” سنريهم آياتنا في الآفاق”. فالإنسان الكامل ظل الله ولا مشاهدة إلا لهذا الظل.
في الوصل 18 من خزائن الجود، يقول ابن عربي: الإنسان الكامل وهو الظاهر في المظاهر….فكل من في العالم جاهل بالكل عالم بالبعض إلا الإنسان الكامل وحده فإن اللّه علمه الأسماء كلها وآتاه جوامع الكلم فكملت صورته فجمع بين صورة الحق وصورة العالم فكان برزخاً بين الحق والعالم…. انتهى
الباب 415: : الحقيقة المحمدية ظهرت في صور العالم …وكان الإنسان الكامل على صورة العالم وصورة الحق وهو قوله أنّ الله خلق آدم على صورته ..انتهى
الباب 360: …لكون الحق ما وصف الإنسان الكامل إلا بما وصف به نفسه فنفي مماثلة الإنسان الكامل أن يماثله شيء من العالم….انتهى.
الباب 368 …..فإن قال المعتذر عن هؤلاء فما فائدة خلق الإنسان الكامل على الصورة قلنا ليظهر عنه صدور الأفعال والمخلوقات كلها مع وجود عينه عنده إنه عبد ….انتهى
باب الانوار المشهودة………الملك ما عرف الإنسان الكامل لأنه ما شاهده من جميع وجوهه ولا الإنسان الحيواني عرفه بعقله من جميع وجوهه …… فجهل الكل الإنسان الكامل فجهلوا الحق فما عرف الحق إلا الإنسان الكامل ولهذا وصفته الأنبياء بما شهدوه وأنزل عليهم بصفات المخلوقين لوجود الكمال الذي هو عليه الحق وما وصل إلى هذه المعرفة بالله لا ملك ولا عقل إنسان حيواني فإن الله حجب الجميع عنه وما ظهر إلا للإنسان الكامل الذي هو ظله …… فمن رأى أو من علم الإنسان الكامل الذي هو نائب الحق فقد علم من الذي استنابه واستخلفه فإنه بصورته ظهر …. فلو لم ينصب سبحانه وتعالى الإنسان الكامل لتتحقق المعرفة بالله من حيث ما هو إله في الوجود الحادث معرفة كمال وهي المعرفة التي طلبت منا لظهر بنفسه وذاته إلى خلقه حتى يعرفه على المشاهدة والكشف ……. فلهذا قلنا في الإنسان الكامل أنه نائب عن الحق في الظهور للخلق لحصول المعرفة به على الكمال الذي تطلبه الصورة الإلهية والله من حيث ذاته غني عن العالمين والإنسان الكامل بوجوده وكمال صورته غني عن الدلالة عليه لأن وجوده عين دلالته على نفسه فالكشف أتم المعارف وإن لم يتكرر التجلي فإن المتجلي واحد معلوم ……..و الإنسان الكامل من حيث أنه ليس أحد معه في درجته لأنه ما حاز الصورة الإلهية غيره فدرجته رفيعة عن النيل فلا يعرفه إلا الله ولا يعلم الله إلا الإنسان الكامل فهو مجلاه ولما ارتفعت درجته بالإحاطة وحصول الكل لم يتمكن للجزء أن يعرفه إذ لا معرفة للجزء بالكل لأن الشيء لا يعرف إلا نفسه ولا يعرف شيئاً إلا من نفسه وما للجزء صفة الكل فاستحال أن يعرف أحد الإنسان الكامل …انتهى
يقول ابن عربي في الباب 346 : محمد رسول الله هو الانسان الكامل وهو الخليفة الكلي وما نال الخلافة الجزئية الا الرسل والاقطاب.
…………واعلم أن مرتبة الإنسان الكامل من العالم مرتبة النفس الناطقة من الإنسان فهو الكامل الذي لا أكمل منه وهو محمد صلى الله عليه وسلم ومرتبة الكمل من الأناسي النازلين عن درجة هذا الكمال الذي هو الغاية من العالم منزلة القوى الروحانية من الإنسان وهم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ومنزلة من نزل في الكمال عن درجة هؤلاء من العالم منزلة القوى الحسية من الإنسان وهم الورثة رضي الله عنهم……انتهى
قلت: كان ابن عربي رضي الله عنه، من هؤلاء الورثة الذين حازوا على مرتبة الخلافة وكانوا كمل زمانهم، ونواب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
لنستمع اليه في ج3 ص 50….وما أوجد الله على صورته أحد إلا الإنسان الكامل لا الإنسان الحيوان فإذا حصل حصلت المعرفة المطلوبة فأوجد ما أوجد من الأسباب لظهور عين الإنسان الكامل فاعلم ذلك فجبر هذا التعريف الإلهي انكساري وعلمت أني من الكمل وأني لست بإنسان حيوان فقط، فشكرت الله على هذه المنة…اهـ
وفي الباب 358 ….ومن كان من الصالحين ممن كان له حديث مع النبي صلى الله عليه وسلم في كشفه وصحبه في عالم الكشف والشهود وأخذ عنه حشر معه يوم القيامة وكان من الصحابة الذين صحبوه في أشرف موطن وعلى أسنى حالة ومن لم يكن له هذا الكشف فليس منهم ولا يلحق بهذه الدرجة صاحب النوم ولا يسمى صاحباً ولو رآه في كل منام حتى يراه وهو مستيقظ كشفاً يخاطبه ويأخذ عنه ويصحح له من الأحاديث ما وقع فيه الطعن من جهة طريقنا.
باب 370: في معرفة منزل المريد من اسرار الوجود والتبدل
……..ولذلك قال صلى اللّه عليه وسلم : أنت كما أثنيت على نفسك فأضاف النفس الكاملة إليه إضافة ملك وتشريف لما قال من عرف نفسه عرف ربه فكل ثناء أثنى اللّه به على الإنسان الكامل الذي هو نفسه لكونه أوجده على صورته كان ذلك الثناء عين الثناء على الله .. أنت كما أثنيت على نفسك أي كما أثنيت به على من خلقته على صورتك….. انتهى
الباب 360: الانسان الكامل ظل الله ولا مشاهدة الا لهذا الظل .
……..فخلق الإنسان الكامل على صورته ونصبه دليلاً على نفسه لمن أراد أن يعرفه بطريق المشاهدة لا بطريق الفكر الذي هو طريق الرؤية في آيات الآفاق وهو قوله تعالى ”سنريهم آياتنا في الآفاق” ثم لم يكتف بالتعريف حتى أحال على الإنسان الكامل الذي نصبه دليلاً أقرب على العلم من طريق الكشف والشهود فقال أهل الشهود كفانا “ألم تر إلى ربك كيف مد الظل فذكر الكيف، والظل لا يخرج إلا على صورة من مده منه فخلقه رحمة فمد الظل رحمة واقية فلا مخلوق أعظم رحمة من الإنسان الكامل……انتهى
تحليلات لكلام الشيخ الاكبر: قلت: لا احد يعرف الانسان الكامل فالحقيقة المحمدية مجهولة لأهل الكشف والشهود فلا الملك عرفها ولا الخليفة الجزئي وصل الى كنهها ” ما عرفني حقيقة غير ربي “.
وانتبه الى قول ابن عربي ان الانسان الكامل نائب عن الحق في الظهور للخلق ولا يعلم الله الا الانسان الكامل فهو مجلاه ولله الغنى المطلق.
الحقيقة المحمدية نائبة عن الحق تعالى في الكون الالهي، وهي الظاهرة لأهل الكشف والشهود وهي السارية في كل الموجودات سريان الماء في الاشجار وهي برزخ بين الحق والخلق وهي أعرف المخلوقات بالله وظهرت بجميع الاسماء والصفات الالهية. يقول ابن عربي:” فإذا كوشف الإنسان على الإنسان الكامل ورأى الحق في الصورة التي كساها الإنسان الكامل يبقى في حيرة بين الصورتين لا يدري لأيتهما يسجد قال سيد الطائفة الجنيد
رقت الزجاج وراقت الخمر = وتشابها وتشاكل الامر
فكأنما خمر ولا قدح =وكأنما قدح ولا خمر
فعندما نقرأ في كتب بن عربي هو الظاهر في المظاهر فهذا اشارة الى الحقيقة المحمدية لا الى الذات الالهية تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فله تعالى الغنى المطلق حتى عن اسمائه وصفاته. ومن هنا ظن من ظن ان ابن عربي يقول بوحدة الوجود
وكلام ابن عربي واضح دون تلوين في الاسماء الالهية اما العارفون اصحاب مقام التلوين فيجب على القارئ تدبر كلامهم في تلوينهم مع الاسماء الالهية. يقول ابن عربي في الفتوحات (ج2 ص 230) : واجعل بالك إذا ذكر الله شيئا من ذلك بأي إسم ذكره فلا تتعدى التفكر فيه من حيث ذلك الاسم ان أردت الإصابة للمعنى المقصود لله مثل قوله “أفلا يتدبرون القرءان” فانظر فيه من حيث هو قرءان، لا من حيث هو كلام الله ،ولا من حيث هو فرقان، ولا من حيث هو ذكر من قوله ” انا نحن نزلنا الذكر ”فكل اسم له حكم وما عَيَّنه الحق في الذكر إلا حتى يفهمه عباده ويعلمهم كيف ينزلون الآشياء منازلها فتلك الحكمة وصاحبها الحكيم .انتهى
أشار الى هذا المقام (أي مقام التلوين) ابن عربي والجيلي والكتاني رحمهم الله (هم اصحاب الدوائر الكونية)فليس هناك مجال لوحدة الوجود بمفهومها الفلسفي إنما هي وحدة في الوجود ، أورد الحاتمي هذا المصطلح ( الوحدة في الوجود) في الباب 213 “في حال الغيرة” فمثلا كل مخلوق مكون من ذرات متناسقة على شكل ما بعضها البعض فهذه وحدة في الوجود وكل شئ النبوة سارية فيه” فأينما تولوا فثم وجه الله” فهذه وحدة في الشهود.
وَإِنْ كُنْتَ مَزْكُوماً فَلَيْسَ بِلاَئقٍ == مَقَالُكَ إِنَّ المِسْكَ لَيْسَ بِفَائِحَ
والسكر بالخمر لا بالعنب
الحقيقة المحمدية نائبة عن الحق تعالى في الكون الإلهي وهي الظاهرة لأهل الكشف والشهود وهي السارية في كل الموجودات وفي كل الجزئيات وهي برزخ بين الحق والخلق وهي أعرف المخلوقات بالله وظهرت بجميع الأسماء والصفات الإلهية ولا أحد يعرف الإنسان الكامل. فالحقيقة المحمدية مجهولة لأهل الكشف والشهود فلا الملك عرفها ورد على لسان الملائكة قوله تعالى: لو أن عندنا ذكرا من الاولين لكنا عباد الله المخلصين} ولا الإنسان وصل الى كنهها {فإن تولوا عن معرفتك فقل حسبي الله ما عرفني حقيقة غير ربي}. الإنسان الكامل نائب عن الحق في الظهور للخلق ولا يعلم الله الا الإنسان الكامل فهو مجلاه وأما الحق سبحانه وتعالى فله الغنى المطلق، الحقيقة المحمدية هي الظاهرة في صور الوجود:” ….. فلهذا قلنا في الإنسان الكامل أنه نائب عن الحق في الظهور للخلق لحصول المعرفة به على الكمال الذي تطلبه الصورة الإلهية والله من حيث ذاته غني عن العالمين والإنسان الكامل بوجوده وكمال صورته غني عن الدلالة عليه لأن وجوده عين دلالته على نفسه …..” {باب انوار المشهودة’ {.
فقول القائل هو الظاهر في المظاهر إشارة الى هذه الحقيقة المحمدية لا إلى الذات الإلهية ,تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا فللَّه تعالى الغنى المطلق حتى عن أسمائه وصفاته فإذا فهمت هذا فقد فهمت معنى وحدة الوجود عند الصوفية فمن عرفها ( أي الحقيقة المحمدية ) ذوقا فقد عرفها وعرف أن الوحدة في الوجود راجعة إليها وعليها وهي في الحقيقة وحدة شهود ”فأينما تولوا فثم وجه الله ” في الملك المشهود أو في الملكوت الغائب فكل صورة في الوجود لها وجه يرجع بها الى إسم من الأسماء الإلهية “ يا أيها الناس أنتم الفقراء الى الله” وما في الوجود شئ لا يفتقر اليه لأنه ليس في ملك الله العبث فما في الوجود إلا مقتضيات الأسماء الإلهية ونحن نسميها أفراح وأتراح وأمراض فما في الوجود إلا الحسن والجمال ولا يرى هذا الا من كشف له عن باطن الأواني وإطلع على ما وراء المعاني ولايزال السالك يتقوى في الشهود حتى لا يرى الا وجهه المشهود وهو الذي عبروا عنه بجمع الجمع فالفرق أدب الشريعة والجمع أدب الحقيقة.
ارسلت النبوة المحمدية لتبليغ الرسالة الالهية الى الخلائق وهي بشر من جنسهم واسطة بين حضرتين يتعذر تواصلهما لإنعدام المجانسة بينهما
فَبَلَّغَتِ الطرف الخلقي أي المربوب، أَنْبَاءَ الطَّرَفِ الْحَقِّي أي الرب الخالق، فَأَقَامَ الحق تعالى طَاعَتَهُ مَقَامَ طَاعَة هذا الوسيط البرزخي ﴿مَّن يُطِعِ ٱلرَّسُولَ فَقَدۡ أَطَاعَ ٱللَّهَۖ﴾ وَأَقَامَ مُبَايَعَتَهُ، مَقَامَ مُبَايَعَتِهِ، وَمَحَبَّتَهُ مَقَامَ مَحَبَّتِهِ ﴿قُلۡ إِنْ كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ﴾ فَهُوَ الرَّحْمَةُ الْإِلَهِيَّةُ الَّتِي سَبَقَتِ الْغَضَبَ، وَوَسِعَتْ كُلَّ شَئٍ، وَالْغَضَبُ شَئٌ وَسِعَتْهُ الرَّحْمَةُ. فَلَا يَتَصَرَّفُ إِلاَّ بِحُكْمِهَا، مَسْجُونٌ فِي صَيَاصِيهَا
وصلى الله على سيدنا محمد صاحب الشرائع الاحمدية والشريعة المحمدية
ابن المبارك 2014

حصل المقال على : 1٬773 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد