_ السؤال 7: فإن قلت: “بأيّ شيء إستوجبوا هذا من ربّهم تبارك وتعالى”؟
الجواب: الأدب الإلهي يَقتضينا أنه لا يَجب على الله شيء بإيجاب موجب غير نفسه،فإن أوْجَب هو على نفسه أمراً ما، فهو “الموجِب والوُجوب والموجَب عليه” لا غيره.ولكن إيجابه على نفسه لمَن أوْجَب عليه،مثل قوله: (فسأكتبها للذين يتّقون)يعني الرحمة الواسعة،فأدخلها تحت التّقييد بعد الإطلاق من أجل الوجوب. فهل هذا كُلّه من حيث مَظاهره؟ أو هو وجوب ذاتيّ لمَظاهره من حيث هي مظاهر،لا من حيث الأعيان؟ فإن كان للمَظاهر،فما أوجَب على نفسه إلا لنفسه،فلا يدخُل تحت حَدّ الواجب ما هو وجوب على هذه الصّفة،فإن الشيء لا يذُمّ نفسه. وإن كان للأعيان القابلة أن تكون مظاهر،كان وجوبه لغيره،إذ الأعيان غَيره،والمظاهر هُويّته. فقُل بعد هذا البيان ما شئت في الجواب،ويكون الجواب بحسب ما قيّده الموجِب. ألا تَرى إبليس كيف قال لسَهل في هذا الفصل: [يا سهل،التّقييد صِفَتك لا صِفته].فلم ينحَجب الحقّ بتقييد الجَهالة والتّقوى عمّا يستحقّه من الإطلاق. فلاوجوب عليه مُطلقاً أصلاً.فمهما رأيت الوجوب فاعلم أن التّقييد يَصحبه. فإنه لو لم يَرد عنه تعالى الوجوب على نفسه لم نَقُل به،فإنه سوء أدب من العبد أن يوجب على سيّده.غير أن هنا لَطيفة دقيقة لا يشعر بها كثير من العارفين بهذه المجالس،وذلك أنه كما نَطلُبه لوجود أعياننا،يَطلبنا لظهور مَظاهره. فلا مَظهر له إلا نحن،ولا ظهور لنا إلا به. فبِه عرفنا أنفسنا وعَرفناه،وبنا تحقّق عين ما يستحقه الإله..انتهى.