السؤال: ذ الجامولي: من القائل :ليس في الامكان ابدع مما كان .. وما معناه العرفاني؟ جزاكم الله خيرا .
ذرشيد: صاحب هذه المقولة هو الإمام الغزالي.. وقد تناولها العديد من العلماء والعارفين بالتفسير والتأويل.. واختلفوا حولها بين مؤيد ومعارض.. فمثلا: الشيخ الأكبر أيد المقولة وأثنى عليها.. عكس إبن المبارك،تلميذ الشيخ الدباغ، فقد انتقد المقولة وناقشها في كتاب الإبريز. والمعنى العرفاني للمقولة: أن الكون تابع لدائرة الأسماء الحسنى،فلا نقص في الوجود، بل خلقه الله تعالى على الكمال والحسن والإتقان.. وقد أوّل الشيخ الأكبر المقولة ب(الإنسان الكامل).
ذ البدوي : القائل هو :حجة الإسلام الإمام الغزالي ،والتي أربكت أعداء التصوف،وظنوا أن الإمام يقول أن القدرة الإلهية عاجزة على أن تخلق كوناً أبدع من هذا فجملة :(ليس بالإمكان أبدع مما كان )كلام لا يعود على الله ؛ لأن قدر الحق تعالى لا يُحصر،وقدرته لا تُقيد ،بل هو كلام راجع على العارف صاحب وحدة الشهود الذي لا يرى في الكون إلا الأسماء الإلهية وتجلياتها،وأينما تولى لا يشهد إلا وجه الله. وَفي كُلِّ شَيءٍ لَهُ = آيَةٌ تَدُلُّ عَلى أَنَّهُ واحِدُ فبالنسبة له الممكن الوجود (أى الخلائق) تعيش تحت مقتضيات الأسماء الإلهية والإبداع لا يأتي إلا من تجلياتها وليس بإمكانه مشاهدة غير هذا ،وأُضيف إلى هذا أن الكون وأهله يسير وفق برمجة أزلية محكمة لا يمكن تغييرها ، لقوله تعالى : ﴿ٱلَّذِی لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَـٰوَ ٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ وَلَمۡ یَتَّخِذۡ وَلَدا وَلَمۡ یَكُن لَّهُۥ شَرِیك فِی ٱلۡمُلۡكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَیۡء فَقَدَّرَهُۥ تَقۡدِیرا﴾ [الفرقان ٢]
ذ الجامولي: الكون يسير وفق مقتضيات الاسماء الالهية.هي المسيرة للدوائر الكونية بأياد خفية…وهي اسماء الله حسنى ولاينتج عنها الا الاحسن فليس في وسع اي عارف من اصحاب وحدة الشهود ان يرى كونا ابدع مما كان في علم الله الازلي .. فالكون معلوم تابع للعلم..خرج من العدم الى الوجود ب كن فيكون….كما ارادته الارادة.
ابن المبارك: قال تعالى..(وخلق كل شيء فقدره تقديرا).اي اعطاه الكمال الذي يليق به.. قال الجيلي: فكل قبيح ان نظرت لحسنهاتتك معاني الحسن فيه تسارع فكل شيء في الوجود عنده قابلية للاسم المتجلي عليه. وكل شيء هو من ابداع المبدع سبحانه وتعالى . (وخلق كل شيء فقدره تقديرا)( صبغة الله ومن احسن من الله صبغة) ( صنع الله الذي أتقن كل شيء ) فكل مافي الوجود الله خالقه وبارئه ومصوره ومبدعه فلا وجود في الكون للبخل اصلا لأن خالقه كريم جواد خلق كل شيء واعطاه صورته وحقيقته وكماله الذي يستحق.فليس في إمكان العارف صاحب وحدة المشاهدة والذي أينماتولى لا يرى الا وجه الله .مشاهدة غير الله. وتجليات اسمائه في الكون..(وقيل للذين اتقوا ماذا انزل ربكم قالوا خيرا) وليس في إمكان المحقق ان يرى الا الجمال لأن ما في الكون الا اثار الاسماء الإلهية .