ليس في الإمكان ابدع مما كان

بسم الله الرحمن الرحيم  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى ام المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.  السلام عليكم ورحمة الله  موضوعنا حول كلام الغزالي. 

 قال حجة الاسلام الغزالى “ليس في الإمكان ابدع مما كان”…وهذا كلام لايعود على الله لأن قدر الحق تعالى لا يحصر،وقدرته لا تُقَيَّد، وعلمه لا يحاط به.. بل هو كلام راجع على العارف صاحب وحدة الشهود الذي لا يرى في الكون إلا الأسماء الإلهية وتجلياتها وأينما تولى، لا يشاهد إلا وجه الله .  .

 فالوجود الحقيقي لاينسب، الا لله تعالى وحده .أما ما عداه فموجود بهذه الصفة الاضافية ،وظاهر بتلك العارية الوجودية كما يسميها الجيلي رحمه الله تعالى.

 فبالنسبة للغزالي الممكن الوجود(أي الخلائق) يعيش تحث مقتضيات  الأسماء الإلهية ،والإبداع لا يأتي إلا من تجلياتها ،وليس بإمكانه مشاهدة غيرهذا”رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ”.   اضف الى هذا أن الكون وأهله يسيران ، وفق برمجة أزلية محكمة لا يمكن تغييرها.”خلق كل شيء فقدره تقديرا”….والتقدير يفترض انه تعالى أعطاه كل ما يستحقه ،من الكمال ظاهرا وباطنا.فليس في الملك الإلهي بُخْلٌ اصلا… “وَإِن مِّن شَیۡءٍ إِلَّا عِندَنَا خَزَاۤىِٕنُهُۥ وَمَا نُنَزِّلُهُۥۤ إِلَّا بِقَدَر مَّعۡلُوم”. فالمقولة، الغزالي لا ينسبها الى  الله، ولو كان الأمر كذلك لكان فيها سوء ادب وجهل كبير….بل تعني عجز السالك عن إدراك حقائق الألوهية، والإحاطة بمكنون  التجليات ،فالكون يسير وفق مقتضيات الاسماء الالهية ومقتضيات القرءان ” ما فرطنا في الكتاب من شئ ”

قال تعالى “فأينما تولوا فثم وجه الله”. فالحق تعالى هو الظاهر في المظاهر.ظاهر بأسمائه وصفاته.لا بذاته ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا …ولا يُتصور وجود كون آخر ليس فيه أسماء الله “لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا* فالكون هو مجلى من مجالي الاسماء الالهية ،وهي حسنى قال تعالى “الذي احسن كل شيء خلقه” فلا يوجد في الكون الهي الا الجمال “صبغة الله ومن احسن من الله صبغة”. 

 يقول الامام الجيلي

        فكل قبيح إن نَسبت لحسنه=أتتك معاني الحسن فيه تسارع                    

  يقول سلطان العاشقين ابن الفارض:

        وصرح بإطلاق الجمال ولاتقل=بتَقْيِّيده بزُخرف زينة                            

  فكل مليح حسنه من جماله =مُعارٌ له، بل حسن كل مليحة 

يقول ابن عربي في الباب الثاني والأربعين ومائتين في الجمال: اعلم أن الجمال الإلهي الذي تسمى الله به جميلاً ،ووصف نفسه سبحانه بلسان رسوله أنه يحب الجمال في جميع الأشياء ،وما ثم الإجمال،فإن الله ما خلق العالم إلا على صورته وهو جميل فالعالم كله جميل…. وقال ….أن صفة الوجود لا تضاف الى المخلوقات،إلاعلى سبيل النسبة، والاضافة الى وجود المولى عز وجل, انتهى.  قال تعالى”بدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ“أي خلق ما لامثل له،وأبدع الوجود لاعلى منوال سابق.لأن كل من جاء بشيء على مثال سابق فهو ناقل، وليس مبدعا ،فالإبداع يقتضي التجديد.. فكما ترى فالغزالي رحمه الله لا يقول بعجز القدرة الالهية عن خلق كون أخر إنما يقصد انما في الكون الا مقتضيات الاسماء الالهية هي المسيرة له بأياد خفية والاسم المبدع من جملتها .

وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.

حصل المقال على : 1٬118 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد