الـشطـح عند الصوفية   

https://youtu.be/HeyajvlE5_Q

بسم الله الرحمن الرحيم  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى ام المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.السلام عليكم ورحمة الله موضوعنا عن الـشطـح عند الصوفية.   

                                 في لغة العرب الشطح هو الحركة،يقال شطح يشطح إذا تحرك، والشطح في العامية هو الرقص أي القيام بحركات جسدية غريبة، فالشطح لفظة مأخوذة من الحركة. 

 يقول الجرجاني في (التعريفات) يعتبر «الشطح عبارة عن كلمة عليها رائحة رعونة ودعوى، تصدر من أهل المعرفة باضطرار واضطراب،وهو زلات المحققين، فإنه دعوى حق يفصح بها العارف لكن من غير إذن إلهي»                  ويصف السراج الطوسي في(كتاب اللمع)الشطحة بأن:ظاهرها مُستشنَعٌ،وباطنها صحيح مستقيم .                                                                               الشطح بعبارة موجزة،هو تبادل الأدوار الناتج عن حالة فرح،خوف،أو مشاهدة ربانية عير مألوفة،يضيق التعبير عنها، كقول القائل: اللهم أنت عبدي وأنا ربك. وعنصر المفاجأة ضروري في الشطح ،فهو حركة أسرار الواجدين إذا قوى وجدهم.                                                                          ويجعل  الكلاباذي في كتاب التعرف لمذهب أهل التصوف، الشطح من اعلى المقامات يقول:هكذا لا تكون المعرفة، في أعلى ذروتها إلا شطحا،وبالشطح.ولا يعد من أهل المعرفة إلا أهل الشطح.                                                               وصاحب كتاب شطحات الصوفية يقول،من لم يشطح فليس بعارف،ويقول هذا البيت الشعري:   بالسر إن باحوا تباح دماؤهم●●وكذا دماء العاشقين تباح                                   ويُعتبر أبو يزيد البسطامي،وأبو بكر الشبلي،والحسين بن منصور الحلاج أكبر الشطاحين.   

  يقول الشبلي وهو صديق الحلاج “كنت أنا والحسين شيئا واحدا،إلا أنه أظهر وكتمت”.                                                                            قال الجنيد في حق البسطامي: لو أدرك صبيا من صِبْيَنِنَا لأسلم على يديه. وقال علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة. يقول سليمان الدراني: ربما تقع في نفسي النكتة من نكت القوم،أياما فلا أقبلها إلا بشاهدين عدلين،الكتاب والسنة.

والشطح سواء كان بالجسد أم بالكلام هومقام دوني،فلم نسمع عن الغزالي،أو الشاذلي،أو ابن مشيش،أو ابن عربي وغيرهم،شطحات لتمكنهم في مقام المعرفة بالله.فموسى عندما تجلى ربه للجبل لم يشطح بل صعق والجبل مع صلابته دك.

يقول الشسخ الاكبر: الشطح رعونة نفس،فإنه لا يَصْدُر من مُحقّق أصلاً.فإن المحقق ما له مشهود سوى ربه،وعلى ربه ما يفتخر وما يدّعي،بل هو مُلازم عبوديته مُهيّأ لما يَرد عليه من أوامره،فيُسارع إليها وينظُر جميع ما في الكون بهذه المثابة.فإذا شطح (إنْحَجب) عما خلق له وجهل نفسه وربه،ولو (إنفعل) عنه جميع ما يدّعيه من القوة فيُحيي ويُميت ويولي ويعزل وليس عند الله بمكان،بل حكمه في ذلك حكم الدواء المُسهل أو القابض،يفعل بخاصية الحال لا بالمكانة عند الله،كما يفعل الساحر بخاصية الصنعة في عيون الناظرين فيخطف أبصارهم عن رؤية الحق فيما أتوا به.                                                                       فالصوفي الحقيقي يلزم الصمت أو يجد لكلامه دليلا من الكتاب والسنة. وهناك بعض الرقائق والأبيات الشعرية التي قيلت على لسان الحقيقة المحمدية (أو مقام جمع الجمع)واعتبرها دارسو التصوف شطحات،وهي ليست كذلك كشعر ابن الفارض،والجيلي،والصدر القونوي،وبعض الكلام نسب إلى الصوفية كذبا وافتراء عليهم، كما نسب إلى ربيعة العدوية قولها عندما حجت “:هذا الصنم المعبود في الأرض فإنه ما ولجه الله ولا خلا منه”ويذهب ابن تيمية الى أن هذا القول كذب على ربيعة لأنها كانت من العابدات الزاهدات،والقول المنسوب إليها يدل على الكفر وليس هناك رابط بين القول”هذا الصنم المعبود في الأرض و”ما ولجه الله ولا خلا منه”.والصوفية الحقيقيون لهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم إسوة حسنة،فقد طاف وقبل الحجر،وسعى،ووقف بعرفات، وقال خذوا عني مناسككم، فلا وجود لصوفي لا يعظم بيت الله الحرام، ومن عرف حقيقة بيت الله الحرام زاد تعظيمه له. وما يدل على أن الشطح مقام نقص أن الشطاحين أمسكوا عنه إيثارا للسلامة بعد مصرع الحلاج،فالتزموا بالصمت، خوفا من الخطر الذي يهددهم. وبما أنهم استطاعوا العدول عنه،فهذا يعني أنه ليس ناتج عن وراد قوي”فهو ظاهرة سلوكية  غير سليمة” ناتجة عن وارد قوي مجهول عن الشاطح ،فيفاجئه ،ومن كان عارفا بالله كان قريبا من الله،والقرب ينفي عنصر المفاجأة،وبالتالي ينتفي الشطح. ودواؤها اتخاذ شيخ عارف يقيك في طريقك المهالك ،ويسير بك تدريجيا ،ويهيئك لما سيرد عليك ،فلا يفاجئك أي عارض في سيرك،فلا بد من الواسطة فأنت عندما تريد لمس شئ ساخن تجعل بينك وبينه حائلا من توبا أوغيره،حتى لا تحترق وكذلك السلوك الروحي لابد من وساطة تسمى في العرف الصوفي: الشيخ. وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.

حصل المقال على : 873 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد