بسم الله الرحمن الرحيم ،الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء ،سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى أُمِّ المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين. السلام عليكم ورحمة الله .
لو جاء شخص بحفنة من تراب ثم وضع سَمْنَه أو زيته ليُخَزِّنه فيها لفسد ذلك .ولكن إذا أخد التراب ،وأضاف له الماء، وعَجَنه ،وصنع منه إناءا، ثم يـَبـَّـَسه في الشمس زمنا ما، ثم بعد ذلك أدخله نارا ،فنضج فيها فصار فخارا جيدا، يمكن أن يخزن فيه ما يشاء ولا يفسد. فكذلك الأسرار الإلهية تحتاج إلى أن تُــهييء لها المكان الذي ستستقر فيه :وهو قلبك وهذا التحضير يتطلب المواظبة على الفرائض والسنن وكثرة الذكر وكثرة النوافل،والصلاة على مولانا رسول الله فلا بد من الاخذ بالاسباب ،فالكون الإلهي مربوط بعضه ببعض ويستند إلى الأسباب التي كلها راجعة الى مقتضيات الاسماء الالهية ،هي الماسكة للكون بأياد خفية، قال تعالى ” ياأيها الناس أنتم الفقراء الى الله والله هو الغني الحميد” فالخبز الذي نأكل يحتاج إلى حرث وزرع ،وحصاد ،ثم يداس ويطحن، ويعجن ،و ينضج في النار، ليصبح جاهزا للأكل، وهذا يتطلب جهدا ووقتا ،وصبرا ،وهذه قاعدة كلية حاضرة في كل المسائل الدنيوية ،فلا يحصل أحد على شئ إلا بعد تعب ،فكذلك التربية الصوفية والأسرار الالهية لا تنال الا بالمجاهدة ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ ُسبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين ﴾قال الصوفية :جاهد تشاهد.وقالوا :لا وصول لمن ليس معه محصول…
في قصة سيدنا موسى عليه السلام الحق سبحانه مع عِلمه أنها عصا سأله(وما تلك بيمينك يا موسى)ليبين له أن الصورة الظاهرة في حقيقة الأمرتابعة للباطن (لهذا كتبت كلمة الظاهر محذوفة والباطن ثابتة في القرءان كله )والباطن هو التجلي الإلهي الحاكم على الشيء.حسيا كان أو معنويا،(السيرة الأولى كما سماها الحق تعالى(سنعيدها سيرتها الأولى)تغيرعليها التجلي فانقلبت ثعبان وخاف موسى.خاف من عصاه. فتأمل،
و كتبت كلمة”عصاي” بألف ثابتة وما كان لها أن تكتب الا ثابتة الألف ليس هناك ألف محذوفة بين الصاد والياء،لأن الحكم لسلطان التجلي،فكل ما تعتمد عليه،هو عصاك سواء كان أمراحسيا،أومعنويا،مالا أوأولادا،أوزوجة أوأفكارا أوايديلوجية فالدساتير عصا الحكومات والشعب غنمها،والافكار الشيوعية عصا الملحدين. وقس على هذا ماشئت(ولي فيها مآرب أخرى)لكل واحد منا عصاه ،عرف ذلك أم جهله.يتوكأ عليها وانتبه الى يتوكؤا كيف كتبت مخالفة للعربية عندما ذهب الشاذلي للتربية قال له ابن مشيش،ثلاثة مرات اذهب وتوضأ ولم يفهم الا بعد حين أن ابن مشيش يطلب منه أن يلقي جانبا،عصا العلم،والفقه، والنفس،وكلام القوم…في الأسفل ،قبل الصعود الى قمة جبل العَلَم ،ليسلم نفسه عذراء للتربية.فأذا اردت سلوك طريق أهل الله فألق عصاك وتوضأ من أهواء نفسد سواء كانت علوما دينية أو دنيوية، واصبرعلى التربية الصوفية سئل الجنيد بما نلت مانلت .؟قال بقعودي فوق تلك الدَرْجة 30 سنة واشار الى دَرجة في بيته.
فاصبرحتى تسترجع عصاك سيرتها الأولى،أي الفطرة التي خلقت عليها ،معرفة الله ، فينفلق لك بحرالمعرفة ،وينبجس لك ماء العرفان،وهش بها على غنمك بعد ذلك متى وكيف تشاء.وإلا فستبقى نفسك ثعبانا مبينا،وحية تسعى وتلدغ ،وجان يهتز. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد نبي الله وعلى الزهراء بَضعة رسول الله.