سوق المعرفة33:الامية

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى ام المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين. يقول الراغب في مفرداته: الأمي: هو الذي لا يكتب ولا يقرأ ” هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم “[ الجمعة/2] قال قطرب: الأمية: الغفلة والجهالة، فالأمي منه، وذلك هو قلة المعرفة، ومنه قوله تعالى: “ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني” [البقرة/78] أي: إلا أن يتلى عليهم. قال الفراء: هم العرب الذين لم يكن لهم كتاب، و”النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل [الأعراف/157] قيل: منسوب إلى الأمة الذين لم يكتبوا، لكونه على عادتهم أ.هـ المفردات
قال أهل التحقيق ( والكلام للفخرالرازي) : وكونه أمياً بهذا التفسير كان من جملة معجزاته وبيانه من وجوه: الأول: أنه عليه الصلاة والسلام كان يقرأ عليهم كتاب الله تعالى منظوماً مرة بعد أخرى من غير تبديل ألفاظه ولا تغيير كلماته والخطيب من العرب إذا ارتجل خطبة ثم أعادها فإنه لا بد وأن يزيد فيها وأن ينقص عنها بالقليل والكثير، ثم إنه عليه الصلاة والسلام مع أنه ما كان يكتب وما كان يقرأ يتلو كتاب الله من غير زيادة ولا نقصان ولا تغيير. فكان ذلك من المعجزات وإليه الإشارة بقوله تعالى: “سَنُقْرِئُكَ فَلاَ تَنسَىٰ” (الأعلى: 6)
والثاني: أنه لو كان يحسن الخط والقراءة لصار متهماً في أنه ربما طالع كتب الأولين فحصل هذه العلوم من تلك المطالعة فلما أتى بهذا القرآن العظيم المشتمل على العلوم الكثيرة من غير تعلم ولا مطالعة، كان ذلك من المعجزات وهذا هو المراد من قوله: “وَمَا كُنْتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَـٰبٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَـٰبَ ٱلْمُبْطِلُونَ” (العنكبوت: 48)
الثالث: أن تعلم الخط شيء سهل فإن أقل الناس ذكاء وفطنة يتعلمون الخط بأدنى سعى، فعدم تعلمه يدل على نقصان عظيم في الفهم، ثم إنه تعالى آتاه علوم الأولين والآخرين وأعطاه من العلوم والحقائق ما لم يصل إليه أحد من البشر، ومع تلك القوة العظيمة في العقل والفهم جعله بحيث لم يتعلم الخط الذي يسهل تعلمه على أقل الخلق عقلاً وفهماً، فكان الجمع بين هاتين الحالتين المتضادتين جارياً مجرى الجمع بين الضدين وذلك من الأمور الخارقة للعادة وجار مجرى المعجزات. أهـ . وان اعتبرنا هذه الاراء فالأمية هنا شرف عظيم لا يعادله شرف لأنها دليل واضح على صدقه في نزول القرآن عليه وكذب دعوى أنه أنشأه من تلقاء نفسه فمن لا يقرأ ولا يكتب كيف يكتب قال تعالى” الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ ” فكيف يؤمر الناس جميعاً باتباعه، لأنه “لا يقرأ ولا يكتب”،قال تعالى ” الرسول النبي الامي” دون واو فاصلة بينهم اذ العطف يقتضي المغايرة فهي بهذا مرتبة من مراتب نبوته وصفة حصرية لحقيقته يجب الاعتقاد بها .

حقيقة الأمي عند اهل العرفان: فـ “الأمّي” أصلها “أُمْ” أضيفت إليها ياءُ النسبة، ك”مكِّي” نسبة لمكة،الأم باللسان العربي: الأصل والأول، فأم الرجل أصله ، كما في سورة القَصَصْ “وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في “أُمِّها” رسولاً “، أي في أصولها ومن هنا قوله تعالى “أم الكتاب” التي في أول القرآن وأصله، وفي سورة آل عمران “هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب” فهو بذلك الرسول النبي الامي أي “الأصل” و” الأول” بنبوته ورسالته ،وحتى اللسان العربي يساند ذلك. فلم يُبعث نبي ولم يرسل رسول إلا على “لا إله إلا الله سيدنا محمد رسول الله”، كما تقرره آية آل عمران ” وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه، قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري، قالوا أقررنا، قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين.” فهو بهذا “يبنؤم “الرسالة والنبوة،ويشهد له إمامته لهم في المسجد الأقصى فهو الاصل كما هو الشان بالنسبة لبيت الله الحرام و”إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة”،هي وقريتهم الأم “لتنذر أم القرى ومن حولها ” فهو النبي “الأمّي” للناس جميعاً،وهو من “أم قراهم”

حصل المقال على : 1٬150 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد