بسم الله الرحمن الرحيم
الحق سبحانه وتعالى مطلق من حيث ذاته لايجري عليه طارئ الزمان ولا المكان فليس عنده يوم وليلة ولاحاضرولاماض ولامستقبل ولابداية ،ولانهاية
كان قبل القبل وكائن بعد البعد لأنه خارج عن الزمان.
اما قوله تعالى”هو الاول والاخر”فهي الاسماء الالهية لها الأولية والآخرية لا من حيث الظهورولا من حيث البطون. فلها أولية التقدير والخلق والامر.فإسمه تعالى الحي له الاولية على المخلوقات كلها واسمه تعالى المميت هوآخرتجل الذي ينهي حياة المخلوقات .المستقبل في علم الله حدث وانتهى ،فعلمه قديم لا يتجدد بتجدد المعلومات،لهذا القرءان الكريم يصف يوم القيامة بالفعل الماضي مع انها بالنسبة لنا مستقبل “ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا ” ” آتى امر الله فلا تستعجلوه” كما ان الزمن يختلف حسب الدوائر الكونية وحسب المخلوقات،فعروج أمر التدبير والتصريف ألف سنة : “يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقدراه ألف سنة مما تعدون،”وعروج الملائكة والروح”في يوم كان مقداره خمسين الف سنة” والشخص الذي مات ينتقل من التقويم الزمني الارضي، الى تقويم اخر، الاف السنين التي مرت عليه في قبره يحسبها ساعة او كيوم “ويوم تقوم الساعة يظن المجرمون ما لبثوا غير ساعة.فالجسم الترابي مقيد بدوران الكرة الارضية الترابية والروح تعود الى ” توقيت”،”ونفخت فيه من روحي “
و العلم اخبرنا أن لكل نظام فلكي حركي تقويم يخصه فاليوم والسنة تختلفان من كوكب لكوكب وهو تعالى القابض الباسط لكل شئ دون تقييد بنظام فلكي ،فقبض الزمن على طعام عزيرفلم يتسنه أي لم تؤثر فيه السنين واحتفظ بصلاحيته ، وبسط الزمان لحمارعزير فصارعظاما وقال عزير” لبثت يوما أو بعض يوم” وهو نفس شعور أصحاب الكهف” قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم: مائة سنة في حق عزير و309 لأصحاب الكهف.
فالزمن نسبي و إن لم نفطن إليه لأننا مقيدين به،والصوفي عندما يصل الى درجة كبيرة من المعرفة ويصل الى المقامات القعساء يمكن أن يخرج من هذا القيد الزمني وتتساوى عنده الازمنة.
قال الامام زين العابدين بن الحسين بن علي رضي الله عنهما اشارة الى هذه الاطلاقية الزمانية التي يصل اليها الصوفي المحقق :
تَوَضَّأ بِماءِ الغَيْبِ إنْ كُنْتَ ذا سِرٍّ ** وإلا تَيَمَّم بالصَعيدِ أو الصَخْرِ
وَقَدِّمْ إماماً كُنْتَ أنْتَ إمامَهُ ** وَصَلِّ صَلاة الفَجْرِ في أوَّلِ العَصْرِ
فَهذي صَلاةُ العارِفِيْنَ بِرَبِّهِم ** فَإنْ كُنْتَ مِنْهُمْ فانْضَحِ البَرَّ بالبَحْرِ
(ابيات نسبت الى ابن عربي خطأ)
قال تعالى “إن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون “والسنة شهور وأسابيع و أيام وساعات ودقائق وثواني .واليوم يتكون من 24 ساعة .
ربنا جل شأنه وافق حساب يومه بأيامنا ليقرب الفهم لنا،قال تعالى” ان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون”فيوم الربوبية يعدل 1000 سنة من أيامنا و اذا قسمنا 1000 على 24 الحاصل هو 41,6. أي ساعة من يوم الربوبية تساوي 41,6 سنة من أيامنا،وساعة ونصف تعادل62.4 سنة (اثنين ستين سنة و4 اربعة اشهر)وهو معدل العمر العادي للإنسان .فإذا أنت عَمَّرت 62 أو 63 سنة ، تكون قد عشت في ملك الله ساعة ونصف،بحساب الربوبية،وهذا ضئيل للغاية إنه أقل ما يمكن أن تستقبل فيه ضيفا في بيتك،وأقل بكثيرمما يمكن ان تنتظرفيه رحلة في مطاردولي .ولو كلفت بمراقبة شخص ساعة ونصف لراقبته مراقبة مشددة،وأنت انسان مثله فكيف بك إذا كان من يراقبك ملكين “ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد”ووجدوا ما عملوا حاضرا”
قال تعالى في حقنا نحن أصحاب الاعمار القصيرة ” يوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار”(يونس 45 ) “ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة” (الروم 55) ” فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تستعجل لهم كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا الا ساعة من نهار بلاغ ( الاحقاف)
أما في حق الامم السابقة التي كانت تعيش وتعمر المئات من السنين 300. ،
00 5سنة وأكثر(سيدنا نوح عاش أكثر من 950 سنة). هذه الامم عندما سئلوا يوم القيامة قال تعالى ” قال كم لبثتم في الارض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين ” (المؤمنون 113 )فعبروا باليوم أو بعض يوم لأن أعمارهم طويلة “” أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَشَدَم مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثَارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوهَا أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوهَا ” فربما عمروا يوما كاملا من أيام الربوبية او اكثر.
فأعمارنا كالزهور تدبل في ساعات قلائل وبهذا وصفها الله تعالى فى محكم التنزيل “ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا “(طه 131 )
نسير إلى الآجال في كل لحظة * وأيامنا تطوى وهن مراحل
ولم أر مثل الموت حقاً كأنه *إذا ما تخطه الأماني باطل
وما أقبح التفريط في زمن الصبا *فكيف به والشيب للرأس شامل
ترحل من الدنيا بزاد من التقى * فعمرك أيام وهن قلائل
قال الأستاذ ابو علي الدقاق
كل يوم يمر يأخذ بعضي = يورث القلب حسرة ثم يمضي
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
محمد بن المبارك