فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَا تُبْصِرُون

 بسم الله الرحمن الرحيم

.قال تعالى ” فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لَاتُبْصِرُونَ ” ,أقسم الحق سبحانه بكل شيء في الوجود، دون استثناء ،لأن ما في الوجود إلا ظاهر نبصره, وباطن لا نراه.وبمَا نالت الأشياء شرفا حتى أقسم  الله بها ؟

الوجود ينقسم إلى عالمين:عالم منظور,وآخر غير منظور,أوعالم مسموع ,وعالم غير مسموع(ولا اقول غير ناطق).أوعالم  يعيش بالحياة التي نعرفها,أكل,وشرب,وتناسل,وعالم يعيش بحياة مخالفة لها,لا نعرف كيف هي.كحياة الملائكة مثلا ,لا تشبه حياتنا.    قال تعالى “وَلاَتَقُولُواْ لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِن لاَّتَشْعُرُون” ,فكما أننا لا نشعر بحياة الشهداء في سبيل الله,فكذلك لا نشعر ولا ندرك أن الكل حي ,وأن الجماد,والنبات,والحيوان فطروا على معرفة الله, وتسبيحه, “وإن من شئ الا يسبح بحمده” فكل شيء في العالم فيه حياة بالكيفية التي أرادها  الله له .منهم الناطق الجَلِّي يستمد من اسمه تعالى الظاهر,ومنهم المُسبِّح الخَفِّي يستمد من اسمه تعالى الباطن “هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ” ولَمَّا كان الأمركذالك,تابعا للأسماء الإلهية,والاشياء من مقتضياتها،صح أن يتجلى الحق  تعالى لجميع الموجودات,وهذا التجلي هو سر حياتها وسر استمراريتها ،ومن هنا أقسم  الحق تعالى بها,….من سماء ,وأرض,وجبال وشجر,…وغير ذلك من الموجودات  التي لا نرى ،لأنها هي المظهرة لأسمائه وصفاته ،ووصفها بالطاعة لما أمرها به, وبالإباية لقبول عرضه فقال جل شأنه “إِنَّاعَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا”,وأسجد له كل شيء لأنه تجلى لكل شيء “أَلَمْ تَرَأَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ “مَن” فِي السَّمَاوَاتِ وَ”مَن” فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَ الْجِبَالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ  مِّنَ النَّاسِ” . و” من” تقال  للعاقل.

 فما اقسم تعالى بالأشياء الظاهرة والباطنة الا بوجود تجل من تجلياته هو القائم عليها ،المسير لاستمراريتها، هو وجهه فيها “فأينما تولوا فثم وجه الله” فما أقسم الحق تعالى الا بتلك النسبة الربانية الموجودة فيها فما في الكون الاوجه الله .عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله. والقسم الالهي”فلا اقسم بما تبصرون وبما لا تبصرون” تابع لمرتبة الالوهية حيث الاسماء الالهية 98 .قال ابن مشيش للشادلي حدد نظر الايمان ترى الله قبل كل شيء وبعد كل شيء ،ومع كل شئ ، ومن هذا  الباب اتهم اهل الله بالقول بوحدة الوجود.وهي في حقيقة الامر وحدة الشهود.                  قال صلى الله عليه وسلم : كان الله ولاشئ معه”وكان في حق الله تعالى ،فعل وجودي ،استمراري كان ومازال،فما في الكون إلا اسماء الله وتجلياتها ومقتضياته ،واسماؤه كلها حسنى ولا يصدر عنها الحَسن،الا الحُسن “وقيل للذين اتقوا ماذا انزل ربكم قالوا خيرا” فما في الكون الا الجمال.واعوجاج القوس استقامته وهذه الحقائق لايدركها العقل ولاتسعها العبارة ولاتصل اليها الاشارة،انما تدرك بالذوق وصحبة العارفين.

وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه.

حصل المقال على : 1٬097 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد