يقول الإمام الكتاني قدس الله سره في كتاب الطلاسم :اعلم أن لطلعة الحق بالنسبة لهيكلها غيوب لا تعرف فأحرى تُحصى ، لكن نقول بحسب التقريب أن له :غيوب الغيب الشَّهادي،وباطن الغيب ،وغيب السر،وسر الغيب ،غيب الغيب ،وباطن سر غيب الغيب: فالأول : ظاهر جسمانيته وهو غيب ،وهو للخواص .والثاني : مرتبة من مراتب أحمديته وهي لخواص خواص الخواص من هذه الأمة الأحمدية
والثالث : مرتبة أيضا من مراتب باطنه وهذه لخواص خواص الخواص من الأفراد، وفيه يقع التنافس ” وفي ذلك فليتنافس المتنافسون” .
والرابع: سر الغيب، وهو خاص بالصحابة على تفاوتهم فيه،ولوارثه مزيد معرفة بهذه الحضرة بشاهد {ووالد وما ولد} كالصِّدِّيق الأكبر له مزيد معرفة دونها فيه. وهو الشيء الذي عناه ابو سعيد الخراز قدس الله سره بقوله: ما فاتكم أبو بكر بصلاة ولا بصيام وإنما فاتكم بشيء وقرفي قلبه.
والخامس : غيب الغيب وهو للأنبياء والرسل وأولي العزم حسب تفاوتهم فيه ،ولامدخل للصحابة فضلا عن غيرهم فيه ،مع معرفة الرسل بالرتب المتقدمة كالصحابة،وهنا أعجز الكل فلم يدركه نبي ولا رسول ولا ملك،ويعبَّرعن هذه الرتبة بـ “ظاهر الألوهية، وبالحجاب ،وبسراللاهوت، وبفيض معالم الرغبوت،وبرقائق معنى الجبروت،وبدقائق الملكوت وبمنتهى العلم ،وببرزخ البحرين،وبحجاب العزة الأحمى “، لأن خلفه تخضع جميع العالمين، وتقف كبارالأنبياء والمرسلين،ولا يقدر أحد أن يتعدى هذا الحجاب ولو كان من أكابرالأحباب.
والسادس : كنه حقيقته،وهي اللّطيفة الأصلية المطلقة الوُسعية الإحاطية ، وعلمها مختص به لا يشاركه فيه مخلوق بشاهد (قل لا يعلم من في السموت والارض الغيب إلا الله) انتهـى
قلت: الشيخ الكتاني رحمه الله تعالى يشير في هذا التحقيق الرقيق الى مراتب النبوة المحمدية الغيبية، فمراتب النبوة لا تحصر وحضراتها لا تعد “غيوب لا تعرف فأحرى تُحصى “كما قال رضي الله عنه. – قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري “ماعرفني حقيقة غير ربي” فماعرف العارفون عنها الا على قدر تجليات عصرهم كل واحد حسب مقامه العرفاني وقامته المعرفية، فما أدركوا هو خير لهم ولعصرهم( قال ابن عربي: لكل عصر واحد يسمو به) تتقدم فيه العلوم الدنيوية والعلوم اللدنية ،وما خفي عنهم هو رحمة بهم. قال العارف الكبيرابن مشيش قدس الله سره” فلم يدركه منا سابق ولا لاحق” وقال تعالى “وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون”الى اخر الدهر.
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ سَيِّدِنَا وَمَوْلاَنَا مُحَمَّدٍ.سِرُّ الوُجُودِ، وَمَبْدَأُهُ ،وَدَلِيلُهُ،وَقَائِدُهُ،وَمُقْتَضَى الكَلِمَةِ الفَهْوَانِيَّةِ،وَسِرُّ السِّرِّ، مِنْ وَرَاءِ حِجَابَ الرَّسْمِ العُثْمَانِي وَالكَلِمَةِ القُرْءَانِيَّةِ،وَسِرُّ غَيْبِ الكَنْزِ الْمَخْفِيِّ فِي بَاطِنِ الضَّمَائِرِ وَالْمُخَالَفَاتِ الإِمْلاَئِيَّةِ.وَغَيْبُ السِّرِّ الخَاصِّ بِوِجْهَتِهِ الحَقِّيَّةِ﴿ٱلرَّحمَٰنُ عَلَّمَ ٱلقُرءَانَ خَلَقَ ٱلإِنسَٰن﴾ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ.
(صلاة مقتبسة من خبيئة الاسرار الاحمدية).