الـواحدية والـوحدانـية
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين
اعلم ان لِلَّه وصف الوحدانية،ولا يشاركه فيه سبحانه غيره .ولايتصف به سواه،
واعلم ان كل شئ في الوجود،له وحدانية تخصه بها يمتاز ويختلف عن غيره وله صفات مشتركة مع غيره،وحقيقة الوحدانية تعني أنه سبحانه لاشبيه له في ذاته، ولا في صفاته،ولا في أفعاله.فذاته ليست مركبة من جواهر،وأعراض أومن غيرهما.ووحدانية الصفات تعني أن ليس له إرادتان،أو قدرتان ،بل قدرته واحدة متعلقة بجميع المخلوقات، وإرادته واحدة شاملة لجميع الممكنات ،وعلمه واحد محيط بجميع المعلومات. فالتعدد في الصفات محال.ووحدانية الأفعال تنفي أن يكون غيره يفعل كفعله فهذا محال، لأن الله لاشريك له في أفعاله،بل هو المنفرد بالإيجاد والإعدام،والمخلوقات ليس لها تأثير إلا قيام الفعل بها نتيجة لإكتسابها له.
في الواحدية يقول الجيلي[الباب الخامس]واعلم أن الواحدية عبارة عن مجلى ظهور الذات فيها صفة،والصفة فيها ذات،فبهذا الإعتبار ظهر كل من الأوصاف عين الآخر،فالمنتقم عين الله،والله عين المنتقم،والمنتقم عين المنعم ….”انتهى. يقصد بمجلى ظهورالذات،ظهورالأسماء الإلهية،والصفة التى أشار إليها هي الوحدانية فكل ذات تطلب وحدانية تخصها(للوسع الإلهي) فالوحداية بساط عام للمقتضيات الأسمائية،فالمنتقم عين المنعم، والضارعين النافع،والمعطي عين المانع وهكذا…ولاأقول المنتقم عين الله،والله عين المنتقم،لأن اسم الجلالة رئيس الأسماء الإلهية،وهو بساط التوحيد،وهذه الخاصية ليست للإسم “الـمنتقم”
يقول الجيلي في نفس الباب:واعلم أن الفرق بين الأحدية والواحدية والألوهية،أن الأحدية لايظهر فيها شئ من الأسماء والصفات وذلك عبارة عن محض الذات الصرف في شأنه الذاتي ،والواحدية تظهر فيها الأسماء والصفات مع مؤثراتها، لكن بحكم الذات لابحكم افتراقها(بحكم الذات أي بحكم الأحدية)فكل منها فيه عين الآخر،والألوهية تظهر فيها الأسماء والصفات بحكم ما يستحقه كل واحد منها، ويظهر فيها أن المنعم ضد المنتقم،والمنتقم ضد المنعم….انتهى،هنا استدرك الجيلي ولم يقل أن المنتقم عين الله،والله عين المنتقم. الواحدية هي مركز الإضافات وبداية الإعدادت،والوحدانية صفة تعنون عن بداية التمييز بين الأشياء والأشخاص. الأحدية لها الغنى،الوحدانية تطلب الخلق لتتمييز عليه،الوحدانية دليل على قدرة الخالق،الواحد يطلب الخلائق،والأحدية لا تطلب ذلك، فالوحدانية مجموع صفات الواحدية،فكل مخلوق واحد،له وحدانيته.
يقول ابن عربي” … وأما الوحدانية فقيام الوحدة بالواحد من حيث أنها لا تعقل إلا بقيامها بالواحد… كالجسماني ماهو الجسم وإنماهو ما لاتظهر له عين إلا بقيامه بالجسم،أوالجوهر،وهو يقوم به من الصفات التي محلها الأجسام،وكذلك الروح والروحاني، فالوحدانية نسبة محققة بين الأحدية والواحد….(الفتوحات)انتهى . فالأحدية خاصة بالله،والوحدانية مشتركة. الواحد كله محذوف الألف في القرءان.
قال شيخي مولاي عبدالسلام قدس الله سره في قوله تعالى﴿سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ﴾كلمة العرش تعني بساط الربوبية،الذي رتب المخلوقات،ترتيبا حتى لايزاد ولاينقص،ودفعتهم إلى الواحدية،حتى يصل كل واحد إلى ماهو مقدر له،من رزق حسي ومعنوي،ومن تكفل به بساط الربوبية ،وبساط الواحدية،لابد من أن يصله ذلك ويكون شيئا مذكورا.
وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد