بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين
العارفون أصحاب ذوق رفيع ومشرب رائق لهم في كل شئ أدب ومع كل شيء عبرة فمن أذواقهم نحو القلوب الذي أتوا فيه بإشارات لا يلتفت إليها أهل اللغة حتى ألف القشيري نحو القلوب الكبير والصغير وألف ابن عجيبة وابن ميمون شرحا صوفيا للآجرومية ويروى عن بعض العارفين أنه كان يربي مريديه بالنحو جاء في الأثر أن أبا بكر طرق باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل من فقال أبا بكر وعلى قانون اللغة الصواب أبو بكر فقالوا إنما فتح رجاء الفتح وروى الشاطبي في الإفادات والإنشادات أن ابن البنا سئل لما لم تعمل إن فيما دخلت عليه أن هذان لساحران وأصل النحو إن هذين فقال لما لم يؤثر القول فيمن قيل فيه يعني لم يؤثر وصف السحر في موسى وهارون عليهما السلام لم تؤثر إن فيما دخلت عليه فقالوا هذا جواب لا يتمشى مع صناعة النحو فقال هذا جواب مثل الوردة لا يحتمل الحك بالأيدي وقلت أنا في ذلك لما أرداوا وضعهم بما قالوه رفعهم الله عزوجل لذلك جاءت الكلمة مرفوعة هذان ومن ذلك كداء وكدى في مكة الأولى دخل منها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة والثانية خرج منها الأولى مفتوحة كَداء رمزا أن الداخل لمكة يفتح عليه فتحا ممدودا والثانية كُدى مضمومة مقصورة رمزا أن الخارج منها تضمه إليها وتقصره عليها ومن ذلك سئل بعضهم أيهما أكثر حبا لصاحبه العاشق أو المعشوق قال المعشوق قيل لما قال لأن حروفه أكثر على قاعدة الزيادة في المبنى تدل على الزيادة في المعنى فقالوا لما صرح العاشق وكتم المعشوق قال لأن العاشق عينه مفتوحة وميم المعشوق مضمومة ومن ذلك ذلك الطماع لا يشبع قال سيدي أبو الحسن الشاذلي لأن الطمع حروفه كلها جوفاء يعني مفتوحة من الداخل ومن ذلك ما أشار إليه بعض العلماء فيما نقله الشيخ عليش عنه العلم عينه مكسورة والجهل جيمه مفتوحة الخصب خاؤه مكسورة والجذب جيمه مفتوحة الغني غينه مكسورة والفقر فاؤه مفتوحة والفتحة استعلاء والكسرة انخفاض فكأن الانكسار سبب كل خير والاستعلاء سبب كل حرمان فما ألطف هذه الرقائق وما أرقى ذوق قائلها.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه
الشيخ عادل مختار الليبي( المدينة المنورة)