الولي الصالح ابو المعالي سيدي محمد الخمالي –
بالرغم من الشهرة الدينية الكبيرة التي يحتلها ضريحه في اوساط ساكنة منطقة الغرب، وخصوصا في المجال الترابي لمدينة سوق الاربعاء وضواحيها ، فإننا نصاب بحيرة كبيرة عندما نصطدم ونحن بصدد البحث بعائق انعدام الوثائق التاريخية التي تعرف بسيدي محمد الخمالي وبسيرته العطرة وتاريخ قدومه لمنطقة الغرب و إقامته بها إلى أن وافته المنية ، سواء تلك الموجودة بالخزانة الخمالية أو التصانيف والكتابات التاريخية التي إهتمت بسيرة الأولياء والصلحاء في منطقة الغرب فباستتثناء الروايات الشفوية – على هناتها – والتي تمكنا من جمعها عبر اللقاء برواتها فاننا لم نستطع أن نحدد بوضوح الفترة التاريخية التي عاش بها ولا ان نتبث بيقين الظروف التي دفعته للخروج الى منطقة الغرب .
يقع ضريح الولي الصالح أبو المعالي سيدي محمد الخمالي بدوار أولاد عبد الله – جماعة اثنين السرافح بضاحية مدينة سوق أربعاء الغرب حيث يبعد عنها بحوالي عشرة كيلومترات على الطريق المتجهة نحو مدينة وزان ، وكان يشرف على الضريح حسبما وقفنا عليه خلال زيارتنا له فاطنة الكوشي زوجة المقدم سيدي أحمد الكوشي رحمه الله المتوفي سنة 1981 والذي كان يتولى الاشراف على الضريح بتفويض من الشريف مولاي مروان بن اليزيد بن الحسن العلوي طبقا لظهير سيدي محمد بن يوسف المؤرخ بسنة 1948 كما وقفنا عليه، والذي جاء فيه ( يعلم من ظهيرنا هذا اسماه الله واعز امره وجعل في الصالحات ذكره وطيه ونشره أننا بحول الله وقوته وشامل يمنه ومنته انعمنا على ماسكه الشريف مولاي مروان بن اليزيد بن الحسن العلوي بالاشراف على ضريح الولي الصالح سيدي محمد الخمالي ….) رقم 283 ، وبعد وفاة الشريف المذكور انتقل الاشراف على الضريح الى أبناءه وحفدته .
وقد اشتهر الولي الصالح سيدي محمد الخمالي حسب الروايات الشعبية المحلية بكراماته الباهرة و بركاته الظاهرة التي يتحاكى الناس بها ويذكرونها في مقام تبجيله واحترامه وذكر محاسنه وخصاله، حيث لايزال الى يومنا هذا ضريحه الانور محط عناية اهل المنطقة و زياراتهم كما عهدوا على تسمية ابنائهم وبناتهم باسم الخمالي او الخمالية تبركا وتيمنا باسمه و بنسبته .
وقد حدتثنا المقدمة لالة فاطنة الكوشي التي تبلغ من العمر حوالي التسعين سنة فقالت ( ترجع نسبة سيدي محمد الخمالي الى الشرفاء الادارسة حيث قدم الى منطقة الغرب شابا ونزل بدوار اولاد عبد الله وبه وفاته المنية ولم يخلف عقبا …وبقي ضريحه مزارا لأهل القبيلة و المنطقة للتبرك به بحكم انتماءه الى ال البيت رضوان الله عليهم فظهرت له مواهب و كرامات في شفاء الاطفال والنساء الحوامل وغيرها …)
أما الفقيه سيدي عبد السلام بن المقدم سيدي بوسلهام الخمالي العمراني فحدثنا أن سيدي محمد الخمالي قد خرج من دوار الخماملة بقبيلة الخلوط أولاد عمران بثلاثاء ريصانة قاصدا الجهاد في سبيل الله في القرن العاشر الهجري حيث التحق بالشرفاء الادارسة والصلحاء الذين كانوا مجتمعين بالروضة الادريسية بزرهون لاداء العهد على جهاد نصارى البرتغال والاسبان بمنطقة الغرب وردهم عن شواطئها، وان نسبته الخمالية العمرانية مشهورة لدى عامة أهل الغرب و أعيانهم حيث كان يقام موسم سنوي بضريحه يحضره الخماملة .
وفي هذا الباب تذكر الرواية الشفوية المتداولة لدى اهل الغرب بما يعزز فرضية الخروج للجهاد في سبيل الله ضد هجمات النصارى على شواطئ المغرب خاصة بعد احتلال الاسبان لقصبة المهدية حيث ان اضرحة الاولياء المنتشرة بكثرة في سهل الغرب ترجع حسب البعض الى ان عددا من الشرفاء والصلحاء بعد ان التقوا بالحضرة الادريسية المباركة تعاهدوا على الخروج جهادا في سبيل الله رفقة قبائل الشراردة وبني حسن ومنهم الولي الصالح سيدي قاسم وسيدي يحيى وسيدي سليمان البعبوشي وسيدي عيسى وسيدي عمر الحاضي وسيدي علال التازي وآخرون …وأنهم تفرقوا في دواوير سهل الغرب وقبائله يدعون الناس إلى الدين ويعلمونهم القران والسنة ويحضونهم على جهاد النصارى ودفع بلائهم …فتوفتهم المنية هناك فدفنوا بالأماكن التي تعرف فيها أضرحتهم اليوم.
ومهما تكن الاسباب الداعية وراء قدوم سيدي محمد الخمالي الى سهل الغرب فان سيرته التي يتداولها الناس اليوم شفويا باعتباره من صلحاء الادارسة و أوليائهم و كراماته الصوفية التي لازالت تدفع الكثيرين الى زيارة ضريحة و التبرك في مقامه وحضرته وتسمية ابنائهم بنسبته تدفعنا الى بذل المزيد من الجهد العلمي قصد اماطة اللثام عن سيرته العطرة وتعريف الناس بجزء مهم من تاريخ المغرب ومنطقة الغرب لازال كثير منه طي النسيان بسبب شح الوثائق وضعف المصادر التاريخية .
بقلم بدرالدين الخمالي