الأواني والمعاني
قال إبن الفارض: ( ولُطْف الأواني في الحقيقة تابع….لِلُطْف المعاني والمعاني بها تَسْمو).
(الأواني) هنا: الكائنات بأسرها. و(المعاني): أسرار الربوبية القائمة بها،وهي (الخمرة الأزلية). فأصْلها لطيفة دقيقة،والأنوار الظاهرة حين تَحَسّست صارت كثيفة. فمن وَقَف مع (ظاهر كثافتها) كان (جاهلاً بالله) مَحْجوباً عن شهوده،ومن نَفَذ الى (باطنها) وَجَدَها حاملة للمعاني فَغَاب عن الأواني فكان (عارفاً مُقَرباً محبوباً). وفي ذلك يقول الشّشتري: (لا تَنْظُر الى الأواني وخُضْ بَحْر المعاني لعلّك تراني”).ويقول أهل المعاني: (كُلّ ما نَقَص من الحسّ زاد في المعنى،وكل ما زاد في الحس نقص في المعنى).فالمعاني تَسْمو بلُطْف الأواني،وإنما تتلطّف الأواني بالغَيْبة عن حسّها والإعراض عن شواغلها وعوائقها. (فَرّغ قلبك من الأغيار تُمْلَأ بالمعارف والأسرار). إذ بتقوية النور يتقوّى اليقين،وبتقوية اليقين تَعْلُو الهمّة،وبعلوّ الهمّة يحصُل الوصول..
ومادّة المعاني ثلاثة أمور:
(الأول): المُذاكرة مع أهل الفن والحل منهم.
(الثاني): الفكرة وجولان القلب في ميادين التوحيد حتى تَمْتحي الأكوان من عين البصيرة.
( الثالث): ذكر اللسان جماعة أو فرادى،وهو أضعفها من جهة الإمتداد وتقويّة المعاني،وإن كان هو الباب في الدخول إليها،ولكن إذا حصل ذكر القلب إكْتَفى عنه فضَعُف تأثيره بالنسبة للفكرة.
ومادّة الحسّ ثلاثة:
(الأول): شُغْل الجوارح بالحسّ في طَلَب الحظوظ.
(الثاني): خَوْض اللّسان في الحسّ مع أهله.
(الثالث): الفكرة فيه وإشتغال القلب بالخوض فيه. فبهذه المواد الثلاث يتقوّى الحسّ وتَضْعُف المعاني حتى ينطفئ نورها.
وأركان الولاية ومواردها ثلاثة أشياء: (تَفْريغ القلب من الحسّ)،و(تعظيم الشيخ والأدب معه)،و(دوام الذكر بالحضور،كل واحد ما يليق به: لساني أو قلبي أو سرّي)…
https://fatimimohamadi.com/الشيخ-احمد-بن-عجيبة/(ouvre un nouvel onglet)
الشيخ أحمد ابن عجيبة