مراتب الوجود عند ابن عربي

مراتب الوجود عند ابن عربي

موضوع مهم للمهتمين بدراسة ابن عربي

ابن عربي على عكس الجيلي والكتاني رحمهم الله لايعتبر الذات الالهية مرتبة وجودية. يقول(ج1   ص189)”….فإن العالم يتعدد والحق واحد لا يتعدد ولا يصح أن يكون أولاً لنا فإن رتبته لا تناسب رتبتنا ولا تقبل رتبتنا أوليته،ولوقبلت رتبتنا أوليته،لاستحال علينا اسم الأولية بل كان ينطلق علينا اسم الثاني لأوليته ولَسْنَا بثان له تعالى عن ذلك، فليس هو بأول لنا فلهذا كان عين أوليته عين آخريته …..انتهى.

فمعرفتنا بالذاتـ معرفتنا بأنها موجودة ،ولايلحق بها وصف ولا تتعلق بها معرفة فالذات باطنة وراء حجب الاسماء والصفات المتجلية في الكون الالهي وهي التي منحته صفة الوجود.

يقول ابن عربي في الفتوحات: “… الحق بين الخلق وبين ذاته  الموصوفة بالغنى عن العالمين. فالألوهة في الجبروت البرزخي، فتقابل الحق بذاتها وتقابل الخلق بذاتها،ولهذا فلها التجلي في الصور الكثيرة والتحول فيها والتبدل.فلها الى الخلق وجه به يتجلى في صورالخلق ولها الى الذات وجه به تظهر للذات…ولا يعرف من الحق غير هذه الاسماء” انتهى.

وقد أشار الصوفي الاندلسي ابن قسي في كتابه خلع النعلين ان   الاسماء الالهية هي الماسكة للوجود والقائمة عليه والمتجلية فيه.

ابن عربي يقسم الوجود  الى :

1= مستوى البرزخ الاعلى: او برزخ  البرازخ وتندرج في هذه  المجموعة:

ا : المرتبة الاولى هي مرتبة الالوهية وهي مجموع الاسماء الالهية الفاعلة في الوجود والكون كله من مقتضيات تجلياتها .  بالنسبة لإبن عربي هذه الدائرة تمثل حضرة جبروتية  يقول: حضرة الجبروت وهي للاسم الجبار …هوأن الحق بين الخلق وبين ذاته الموصوفة بالغنى عن العالمين فالألوهة في الجبروت البرزخي فتقابل الخلق بذاتها وتقابل الذات بذاتها، ولهذا لها التجلي في الصورالكثيرة والتحوّل فيها والتبدل فلها إلى الخلق وجه به يتجلى في صورالخلق ولها إلى الذات وجه به تظهر للذات فلا يعلم المخلوق الذات(أي الذات الإلهية) إلا من وراء هذا البرزخ وهو الألوهة ولا تحكم الذات في المخلوق إلا بهذا البرزخ وهو الألوهة.  …” فالذات الالهية لا يصلح في حقها سوى  صفات السلب اما الاوصاف الثبوتية فإنها تشبهها بالمخلوقات الصفات الثبوتية تتعلق  بمرتبة الالوهية والكون لا تعلق له بعلم الذات اصلا وانما  متعلقة  العلم بالمرتبة وهو  المسمى الله (1ج/160).    

“وكل حكم يثبت في باب العلم الالهي للذات انما هو للالوهية وهي احكام ونسب واضافات(لاأعيان)وسلوب فالكثرة في النسب لافي العين وهنا زلت أقدام من شرّك بين من يقبل التشبيه وبين من لا يقبله عند كلامهم في الصفات…”(ف ح 1/41) “.

ب : مرتبة العماء او الاعيان الثابتة في العدم الذي توجد فيه اعيان الموجودات وسيط عالم الامكان بين الوجود المطلق والعدم المطلق.

يقول ابن عربي “العما اصل الاشياء والصور كلها وهو اول فرع ظهر من اصل (ج3  ص 420.)والعما عند ابن عربي يمثل وسيطا بين الوجود المطلق والعدم المطلق.

د: المرتبة الثالثة : هي مرتبة حقيقة الحقائق الكلية.

تمثل عند ابن عربي برزخ بين حقائق الالوهية والعالم أي بين الوجود المطلق والوجودالمقيد المضاف، وجود فاعل ووجود منفعل.

يقول:هي مجموع الحقائق التي يتكون منها العلم الالهي الذي اراد الله اظهاره لعباده بأنها الدائرة المحيطة بجميع  الموجودات على الاطلاق بدون تقييد.وهي الحاوية على جميع الحقائق الموجودة والمعدومة واللامعدومة.وفيها الحياة المعقولة التي هي في القديم قديمة وفي المحدث حادثة .انتهى (انشاء الدوائر).

وهذه اشارة من ابن عربي الى الاحمدية فسماها حقيقة الحقائق الكلية لأن القرءان هوحقيقة الحقائق الكلية والجزئية “مافرطنا في الكتاب من شئ”.” وكل شئ أحصيناه في إمام مبين”. والحقيقة المحمدية كذلك هي حقيقة الحقائق.

 ج :المرتبة الرابعة:هي مرتبة الحقيقة المحمدية تمثل عند ابن عربي المرتبة الرابعة والاخيرة من البرزخ الأعلى وتمثل في نفس الوقت اول مراتب عالم الامر هي وسيط برزخي بين مرتبة الالوهية والخلائق “وماارسلناك الارحمة للعالمين “فلها وجهة حقية ووجهة خلقية.وتعددت  اسماء هذه الحقيقة عند ابن عربي فهي”اصل العالم وأصل الجوهرالفرد وفلك الحياة والحق المخلوق به”وهي”حقيقة الحقائق أو المادة الاولى أوجنس الاجناس”(انشاء الدوائر 16/19) انتهى.

2: مستوى عالم الامر:مراتب وجودية كلها ظهور.

في هذا المستوى تتجلى فعالية الاسماء الالهية في توجهها على ايجاد أعيان مراتب الوجود التي تتعلق بها المعرفة ومن هذا المستوى ترتبط كل مرتبة وجودية بمرتبة معرفية يعبرعنها برمزية حرف من حروف اللغة، يبدأ ابن عربي بالعقل الاول /القلم الاعلى…

فالمراتب الاربعة الاولى تعتبر بالنسبة لابن عربي البرزخ الاعلى اما ما يليها ابتداء من العقل الاول والقلم الاعلى،فيسميها ابن عربي كذلك برزخ دون وصف اضافي ويسميها كذلك “الصور”ويعني به عالم الصورالروحية والجسمانية ثم بعد ذلك عالم الامر والشهادة يرتبه على الحروف الهجائية كما قلت .

 يقول ….أرادت الالوهية أن ترى نفسها في صورة غير ذاتها فتكونت مراتب الوجود الاساسية كما تنتظم اللغة في النفس الانساني فإذا استوت الحروف امكن تكوين الكلمات واذا استوت بالمثل مراتب الوجود الاساسية امكن ظهور الموجودات…انتهى (الفتوحات ).

وابن عربي عندما يبين مراتب الوجود لا يفتأ يحذر من تصور أي نوع من التوالي الزماني، فالزمان لا مدخل له في الحقائق الالهية انه مفهوم نسبي محدث مخلوق(ف ح ج 1 ص 291)

فالموجودات كلمات الله لها وجه الى القدم من حيث وجودها في علم الله الازلي ،ولها وجه الى الحدوث من حيث ظهورها في صور الوجود.وابن عربي يجعل الانسان اخرالموجودات ويجعل المرتبة  18 للنار،و19للهواء و20 للماءو21  للتراب وبهذا فهو يتبع الترتيب السيميائي[ نهمت] كالمشارقة،اما المغاربة فيتبعون(نــتــرم) (وقد سبق وأن بينت سبب الاختلاف).

يقول رحمه الله في هذا الصدد :اعلم أيدك الله بروح منه أن الغين المنقوطة من عالم الشهادة والملكوت/ ومخرجه الحلق أدنى ما يكون منه إلى الفم عدده عندنا تسعمائة وعند أهل الأسرار (يعني المغاربة).وأما عند أهل الأنوار( يعني المشارقة) فعدده 1000 .في حساب الجمل غ = 900 عند المغاربة وجعل الاسم المدبر للدائرة الانسان الاسم الالهي “جامع”.جامع=114

ج =جبريل

ا = اسرافيل

م= ميكائيل

ع= عزرائيل

ومما انفرد به ابن عربي ولم أجده عندغيره قوله أن الحروف أمة من الأمم مخاطبون ومكلفون وفيهم رسل من جنسهم ولهم شريعة تعبدوا بها ولهم لطائف وكثائف وعليهم من الخطاب الأمر ليس عندهم نهي وفيهم عامة وخاصة وخاصة الخاصة (ج1 ص 58).

ما أوردته يبين أن الشيخ الاكبرلا يعتبر الذات الالهية (مرتبة وجودية) ولا الاحدية، وهذا ينفي عنه نفيا كليا كونه يقول بمذهب وحدة الوجود ،إذ كيف يكون الامر كذلك ،والذات الالهية بالنسبة إليه ليست من الوجود الذي ينتمي إليه وجود الممكنات،بل بالنسبة له حتى الاحدية ليست من الوجود،ولا نسبة لها والمخلوقات.يقول رضي الله عنه في الفتوحات: الاحدية لا تعرفك ولا تقبلك. بالنسبة للشيخ الاكبر الكل راجع الى مرتبة الالوهية، فعلى مستوى البرزخ الاعلى المرتبة الاولى هي مرتبة الالوهية ومرتبة ” العما ” “أين كان ربنا قبل أن يخلقَ السماءَ والأرضَ؟قال في عما ما فوقَه هواءٌ وما تحتَه هواءٌ… الحديث.والحقيقة المحمدية  تمثل وسيطا برزخيا بين مرتبة الالوهية والخلائق لها وجهة حقية الى المراتب التي”فوقها” ووجهة الى المراتب التي “تحتها” :

عالم الامر : وعالم الامر هو الذي صنفه  الشيخ الاكبر الى 28 مرتبة    :

1 العقل الاول /القلم الاعلى: الاسم الالهي المدبر له هو : البديع والحرف : الهمزة.  

2 النفس الكلية / اللوح : الاسم المدبر( اسمان) : الباعث ،الباطن. وحرفان : الهاء و العين.

3 الطبيعة الكلية: الاسم: الاخر ،الحرف:الحاء.

4 الهيولى الكل / الجوهر  الهباء:  الاسم : الظاهر.الحرف :الغين.

5  الجسم الكل:الاسم : الحكيم .الحرف :الخاء.

6  المرتبة السادسة :الشكل  الاسم :المحيط .الحرف القاف.

7  العرش:الاسم:الشكور.الحرف :الكاف.

8  الكرسي :الاسم :الغني . الحرف :الجيم.

9   الفلك الاطلس / فلك البروج:الاسم :المقتدر.الحرف : الشين.

10  فلك الكواكب الثابة / كوكب المنازل:الاسم : الرب .الحرف :الياء.

11 كوكب زحل / السماء الاولى (ابن عربي نازل في مراتب الوجود فالسابعة هي السماء الدنيا). الاسم :العليم .النبي :ابراهيم .اليوم : السبت .الحرف : الضاد.

12 كوكب المشتري / السماء الثانية:الاسم : القاهر.النبي :موسى.اليوم الخميس،الحرف :اللام.

13 كوكب المريخ / السماء الثالثة:الاسم الالهي :النور.النبي:هارون.اليوم :الثلاتاء .الحرف : النون.

14 كوكب الشمس/ السماء الرابعة:الاسم : المصور.النبي: ادريس.الحرف:الراء.

15 الزهراء / السماء الخامسة:الاسم الالهي :المحصي .النبي :يوسف .اليوم :الجمعة .الحرف :الطاء.

16 عطارد / السماء السادسة:الاسم :المبين .النبي :عيسى .اليوم :الاربعاء.الحرف :الدال.

17 القمر/ السماء السابعة أو السماء الدنيا:النبي :ادم .اليوم :الاثنين (قلت : دون حرف لأن ادم عُلِّم الاسماء كلها).

18  كرة النار:الاسم :القابض.الحرف :التاء.

19  كرة الهواء :الاسم : الحي. الحرف :الزاي.

20  كرة الماء:الاسم : المحيي.الحرف :السين.

21  كرة التراب : الاسم : المميت . الحرف :الصاد.

22  المعدن: الاسم : العزيز . الحرف :الظاء.

23  النبات . الاسم : الرزاق . الحرف :الثاء.

24   الحيوان . الاسم : المذل . الحرف :الذال.

25   الملك .الاسم : القوي .الحرف :الفاء.

26   الجن .الاسم : اللطيف . الحرف :الباء.

27   البشر .الاسم:الجامع .الحرف:الميم.

28   المرتبة .الاسم :رفيع الدرجات.الحرف :الواو.

قلت : جعل الشيخ الاكبر اسما إلهيا مدبرا لكل مرتبة لأن مراتب الوجود هي محل ظهور مقتضيات الاسماء الالهية التابعة للتجليات الالهية المصطحبة مع الحقيقة المحمدية لكي يكون اللطف في الكون الالهي.فتجليات هذه الحقيقة المحمدية وسريانها في ذرات الوجود هوالذي اعطى لها صفة الحياة، وهذه أول رحمة  اخراج الاشياء من وجود علمي الى وجود عيني وهو قول القائل”لولاه لم تخرج الدنيا من عدم.”ولتتميز الذات الالهية بغناها المطلق، وليبقى الرب رب الى ما لانهاية والعبد عبد الى ما لانهاية .فقد اصاب الشبخ الاكبراذ لم يعتبر(الذات الالهية) مرتبة وجودية بينما خالفه الشيخان عبد الكريم الجيلي وأبوالفيض الكتاني.ولم يدخل الاحدية في دوائره لأنه يعتبرها خاصة بالله ،وأنها حضرة سحق ومحق ولاتجل بها اطلاقا ،فالأحدية تتميز بغنى تام اما بقية العالم فمترابط بعضه البعض وراجع في ظهوره واستمراريته الى الاسماء الالهية فهي غداؤه .فكل دائرة من دوائره هي تحت مقتضى اسم يدبرها .

يقول ابن عربي في (ف ح 2 ص 269 ) اما احدية الذات في نفسها فلا تعرف لها ماهية حتى يُحكم عليها لأنها لا تشبه شيئا في العالم ولا يشبهها شئ انما متعلقه بالمرتبة وهو المسمى الله.

يقول ابن عربي :…. الذات الالهية لم تكن موصوفة ولا مسماة ،فهي في ازل لا أول له، بينما وصف الذات بأسماء وصفات ،ولو أنها قديمة وأزلية إلا أن ثنائية الصفة والموصوف من جهة يوجب لها بداية، وتعلق الصفة وتحققها في الوجود من جهة أخرى يوجب لها بداية كذلك.هذا التعلق هو الذي عبر عنه ابن عربي بالاثنينية عندما قال”….إذ لا تعقل  النسبة إلاباعتبار الاثنينية”.

فانظر يا ولي الى هذا التحقيق الثمين لابن عربي الذي يميزالذات الالهية في احديتها عن الألوهية في تجلياتها وطلبها المألوه.ففي مرتبة الالوهية ظهرت الاسماء والصفات الالهية من بطونها وطلبت أن تعرف وأن تظهر في الموجودات علما وقدرة ورزقا وكلاما وهذا مايقتضي وجود اعيان ثابتة (حسب تعبيرابن عربي)تسمع الامر الالهي”كن” وتمتثل إليه،

فلا الذات الالهية ولا الاحدية  مرتبة وجودية وهذا ينفي عنه القول بوحدة الوجود وهو مذهب فلسفي لا ديني يقول بأن الله والطبيعة حقيقة واحدة. اي وجود الله مساوي لوجود المخلوقات،اوهو عينها؟ ” لقد كفر الذين قالوا ان الله هو المسيح ابن مريم” فمابالك بمن قال الوجود كله هو الله. فلا ينسب ابن عربي الى مذهب وحدة الوجود الا جاهل بكلام ابن عربي .

فافهم.

فالبرزخ المحمدي الأحدي ،وسيط نوراني حجاب حاجز للذات الالهية . ووجود مرتبة الالوهية بين العالم والذات تنفي نفيا باتا وحدة الوجود وقداغفل الباحثون قيمتها وأوقعتهم في تأويلات خاطئة، لأن المناسبة بين الالوهية والذات موجودة اذ الاسم يطلب المسمى.

يقول رحمه الله تعالى: الالوهية تطلب المالوه كما تطلب الابوة الذكر والامومة الانثى.اما الذات الالهية فلا مناسبة بينها وبين المخلوقات، وأحدية الذات، فلا تعرف لها ماهية حتى يحكم عليها لأنها لا تشبه شيئاء لايشبهها شئء (الفتوحات ج 2/289)

الوجود بالنسبة له يبدأ من مرتبة الاسماء الالهية 99 فعندما يقول :(هو الظاهر في المظاهر)فهو تعالى ظاهربأسمائه وصفاته،لا بذاته “الله نور السموات والارض”والنورلايقبل الا الظهور،يَظهر ويُظهرغيره،وفي الظلمة لا ترى الا الظلمة،ولا تظهر إلا اذاغاب النور،فمن اسمائه الرحمان الرحيم المصور،المبدع،الخالق.الحي القيوم….فهذه الاسماء هي الظاهرة في مظاهرالوجود،ولا وجود لخالق اخر يبدع ويصور. .؟ “إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَٰهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ”

وليس من الغريب أن تجدعلماء الرسوم يتهمون ابن عربي بوحدة الوجود،بل من الغريب أن تجد من هومنسوب الى طريقة صوفية يقول ويتهم ابن عربي بوحدة الوجود.جهل مركب.

فالوجود كله راجع الى مرتبة الالوهية الشاملة لجميع الاسماء الالهية. فالمراتب الاولية في عالم البطون هي الألوهية ،يليها بساط العما،ثم حقيقة الحقائق الكلية والحقيقة المحمدية ،أما في عالم الظهور(فكما بطنت الحقيقة المحمدية في المراتب العليا كذلك ظهرت تحت اسماء اخرى كالعقل الاول، والقلم الاعلى والجسم الكلي …) فيبدأ بالعقل الأول ويختم بخلق البشر،وبما انه اعتمد في تصنيفه على الحروف الهجائية فلم يرد على لسانه ذكر دائرة الربوبية او الواحدية او الرحمانية فالحروف تابعة لها وليست هي تابعة للحروف،فالحكم لها في حين نًجِد ذكرهذه المراتب عند الجيلي والكتاني رحمهم الله تعالى .

في كتابه(انشاء الدوائر) لم يجعل الاحدية لا من اسماء الذات ولا من اسماء الصفات وجعل الواحد من اسماء الذات  يقول ….” فوجدنا الذات الالهية منزهة عن ان يكون لها بعالم الكون والخلق والامر مناسبة اوتعلق بنوع ما من الانواع لأن الحقيقة تأبى ذلك فنظرنا ما الحاكم المؤثر في هذا العالم فوجدنا الاسماء الالهية…فأبقينا الذات المقدسة على تقديسها وتنزيهها …فالإمام المقدم الجامع اسمه “الله” فهو الجامع لمعاني الاسماء كلها وهو دليل الذات فنزهناه كما نزهنا الذات ،وايضا فإنه من حيث ما وضع جامع الاسماء(أي اسم الجلالة)فإن أخذناه لِكَوْنٍ ما،من الاكوان،ما نأخذه من حيث ما وضع (أي دليل على الذات)وانما نأخذه من جهة حقيقة ما من الحقائق التي هومهيمن عليها ولتلك الحقيقة اسم يدل عليها من غير اسم الله فلنأخذها من جهة ذلك الاسم(كقولنا يا الله اشفني فإنا نقصد اسمه الشافي)الذي لايحتمل غيرها( فالشافي لا يحتمل الا مقتضى الشفاء) ونبرز الكون منها ونترك اسم “الله” على منزلته من التقديس فإذا تقررهذا وخرج الاسم الجامع عن التعلق بالكون وبقي على مرتبته حتى لا تبقى حقيقة الا برزت فحينئد يظهر سلطان ذاته كليا.فأَلْقِ بالك واشحذ فؤادك واشكر الله الذي سخرني لك حتى علمت من الوجود ماغاب عنه اكثر الخلق بأقرب محاولة و أصح مثال .انـتهى.

فكما ترى فهو يرجع التأثير للأسماء الالهية وينزه الذات الالهية بل وينزه حتى اسم الجلالة “الله” الجامع لمعاني الاسماء ،ويترك اسم “الله“على منزلته من التقديس(وهذا هو الذي جعله يصنف الالوهية من دوائر البطون)ويضيف أنه عندما يتكلم عن الالوهية فهو لا يقصد الذات الالهية إنما يتكلم عن مقتضى الاسم التابع حكمه لإسم الجلالة ويأخذ المسألة من جهة ذلك الاسم (كقول القائل يا الله اشفني فإنه يقصد اسمه الشافي.)

تحقيق مهم “لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد”

فادعو لي.واشكر لي ان اردت ان تستقر هذه الحقائق في باطنك “ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله”

هذا ملخص منقول من كتاب لي اسمه “مراتب الوجود.. دراسة تقريبية” اشتغل عليه منذ اكثر من 5 سنوات ولم اتممه لتعقيد الموضوع وصعوبته. ولأنه ليس من السهل تحليل كلام هؤلاء المحققين من العيار الثقيل. أربعة فحول خاضوا في مراتب الوجود وهذا يعني انه كان لهم اسراء ، الى السموات والى سدرة المنتهى ،قال تعالى “سبحان الذي اسرى بعبده” والعبدية فتحت باب الاسراء لفحول الامة المحمدية ،كل على قدر قامته المعرفية ،ومقامه العرفاني، لو قال تعالى (سبحان الذي اسرى بنبيه) لسد الباب ..

بقي الكلام عن مراتب شيخي رضي الله عنه ورحمه، وتحليل أذواقها وهذا امر يحتاج الى وقت ،تتغير فيه نظرة من ينظر إلينا من وَصوص الباب، فالصورة لم تتضح لهم بعد .

وارجو الله ان ينتفع القارىء بما يجده مكتوبا بالمدونة، يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي(مقدمة الكهف والرقيم) ….من كان ذا عقل ذكي وفهم علي ،وايمان قوي، يأخذ من كتبنا كل ما يأخذه،وينال منها كل مقصده …ولقد رأيت في زمننا من اجناس العرب والفرس والهند كلهم بلغوا بمطالعة كتب الحقيقة مبالغ الرجال…فمن اضاف بعد ذلك الى علمه وفضله سلوكا واجتهادا صار من الكمل و كان من العارفين.”

واستغفر الله لي ولكم .

محمد ابن المبارك

سأل سائل بعد كتابة هذا الموضوع :هل العارفون اصحاب مراتب الوجود اكبر من غيرهم مقاما

الجواب:لا هناك من كبار العارفين من لم يتكلم على مراتب الوجود و هذا لا يعني انه اقل مقاما كالمشيشي والشاذلي والرفاعي والتجاني … ربما لم يؤذن له، أو ربما هو نفسه فضل السكوت (كالمشيشي)أو عقول واذواق اصحابه لا تستوعب ما رآى في اسرائه

فالاقطاب متساوون في مقامهم ،والاغواث كذلك، ومن يصل الى الختمية يكون متساو مع اصحاب مقامه

التفاوت يكون في معرفة الحقيقة المحمدية (العلوم اللدنية) وفي القرب من مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم

والشؤون الإلهية في ترق لأن التجليات الالهية في ترق وبالتالي فختم كل زمان يكون اكثر معرفة واشد قربا ممن سبقه

حصل المقال على : 2٬212 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد