سال احد الزوار: هل الصلاة على النبي تحتاج الى شيخ والى إذن؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين اللهم صل على سيدنا ومولانا محمد صاحب الشرائع الاحمدية والشريعة المحمدية وعلى اله وصحبه.
قال تعالى :” ان الله وملائكمته يصلون على النبي ياايها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما” ورد فعل الامر”صلوا” الذي يفيد الاستمرارية والاطلاقية صلوا بدون قيد ومن غير حد، فالحق تعالى لم يقيد ها ولم يقل صلوا بكذا وكذا ،وبالعدد كذا وكذا. كما ان نحن لا نصلى على النبي مباشرة بل نطلب من الحق ان يصلي عليه فنقول” اللهم صل” فإذا كانت الصلاة على النبي تحتاج الى شيح، فكأننا نحتاج الى من يعطينا الاذن في طلب الله ان يصلي على نبيه، وأصبح هذا الشخص واسطة ببينا وبين خالقنا في هذا الطلب وهذا غير جائز،وهو كلام متأخري “العارفين” ومتأخري المريدين الذين يقدسون شيوخهم اكثر من نبيهم .
عن أبي بن كعب قال: قلت يا رسول الله إني أكثر الصلاة عليك ، فكم أجعل لك من صلاتي؟ قال: ما شئت، قال: الربع ؟ قال: ما شئت،وإن زدت فهو خير لك، قال: النصف؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال: الثلثين؟ قال: ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال: يا رسول الله! فأجعل صلاتي كلها لك؟ قال: إذًا تكفى همك، ويغفر ذنبك.
فابي بن كعب رضي الله عنه، كل اذكاره كانت صلاة على النبي بلا حد محدود “وإن زدت فهو خير لك”.
قال صلى الله عليه وسلم : إن أقربكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثركم علي صلاة ومن صلى علي يوم الجمعة وليلة الجمعة قضى الله له مائة حاجة. …أكثركم .
قال صلى الله عليه وسلم إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة(رواه ابن حبان). ….اكثركم.
قال صلى الله عليه وسلم: إنَّ للهِ تعالى ملَكًا أعطاه سمْعَ العبادِ،فليس من أحدٍ يصلِّي عليَّ إلا أبلغَنيها ،و إني سألتُ ربي أن لا يُصلِّيَ على عبدٍ صلاةً إلا صلَّى عليه عشرَ أمثالِها (الجامع الصحيح) .
وكما ترى فالكثرة مطلوبة في الصلاة على النبي غير مقيدة بعدد ما.
فالذكر مع الاكثار والمداومة عليه ،بعد ان يكون مقالا لسانيا ،يصبح حالا قلبيا ومن هنا قال بعضهم ان ورده كذا وكذا من الصلاة على النبي بأعداد تخيف اصحاب الحويصلات الضيقة ،ومن لا قدم لهم في التصوف ،فلا يقبلون به ،كقول الشيخ محمد الكتاني أن ورده كان 70000 صلاة بصيغة صلى الله على سيدنا محمد. فهو ذاكر بحاله لا بلسانه .وعندما يصبح الذكر مقرونا بالمشاهدة، يكون اكبر من كل شئ “ولذكر الله اكبر” ويتربع على قمة هرم السالكين الى الله،ومن هنا كان الذكراعظم القربات .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم،وأرفعها في درجاتكم،وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة،وخير لكم مِنْ أَنْ تلقَوْا عدوَّكُمْ فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟» قالوا: “بلى يا رسول الله”! قال: «ذكر الله عز وجل»(الترمذي)
وما أمر تعالى بالكثرة من شئ إلا من الذكر”اذكروا الله كثيرا”.”ولذكر الله أكبر” “وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ
واذا صليت على النبي عشرا ،صلى الله عليك عشرا، ورد النبي صلى الله عليه وسلم السلام عليك عشرا.فأكثر أو اقلل ” قال صلى الله عليه وسلم البخيل من ذكرت عنده ولم يصلى علي ،فلا تكن بخيلا.
قال صلى الله عليه وسلم :من صلى علي عشرا صلى الله عليه بـــــــهــــــــا مئة (الحديث)، أي صلاة الله عز وجل ،على وفق الصفات التي أوردها المصلي على النبي الله في صلاته. فقولك اللهم صل على مُحَمَّد ،ليس كقولك اللهم صل على سيدنا محمد،وليس كقولك اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد. و ليس كقولك اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد عبد ونبيك ورسولك النبي الامي. فافهم . وأَحْسِنْ صلاتك على مولانا رسول الله، فهو يرد عليك السلام، والحق تعالى يصلي عليك،على قدر ثناءك على النبوة،ومدحك لها بصفات تخصها،فإنما تحسن لنفسك ” إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ”. قال أبو الفيض: من صلى على المحمدية بالمحمدية (السيرة أو الشما ئل) فقد مدحها ومن صلى على المحمدية بالأحمدية (بالقرءان) فقد أثنى عليها ،وشتان ما بين المدح والثناء.
فجاءت “بـــها” لتحفزنا على الصلاة على نبي الله بصلوات تصفه بنعوت رقيقة تميزه عن غيره من الأنبياء. فالصلاة بالنعوت تفوق غيرها وتطوي المسافات والنعوت كلها من باطن القرءان.
قال الشيخ ابن عجيبة رحمه الله : والناس في الصلاة على رسول الله على ثلاثة أقسام:
قسم يصلون على صورته البشرية, وهم أهل الدليل والبرهان, فهم يشخصونها في قلوبهم في حال الصلاة عليه, فإذا أكثروا من الصلاة بالحضور ثبتت الصورة الكريمة في قلوبهم, فيرونه في المنام كثيراً .
وقسم يصلون على روحه النورانية،وهم أهل الشهود من السائرين، فهم يصلون على نوره الفائض من الجبروت،فيشاهدونه في غالب أوقاتهم على قدر حضورهم وشهودهم.
وقسم يصلون على نوره الأصلي, الذي هو نور الأنوار، وهم أهل الرسوخ والتمكين من أهل الشهود والعيان، وهؤلاء لا يغيب عنهم النبي صلى الله تعالى طرفة عين، ولذلك قال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه: (لو غاب عني رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفة عين ما أعددت نفسي من المسلمين) إشارة إلى رسوخه وتمكنه في الحضرة، ورجوعه إلى البقاء بشهود الواسطة،وهؤلاء أفكارهم تجول في الملكوت، وأرواحهم متصلة بالجبروت، فقد اجتمع فيهم ما افترق في غيرهم،انتهى.
و الصلاة على النبي تقوم مقام الشيخ المربي ولكن بشروط ذكرها أهل التصوف:
الاول :إذا لم يوجد شيخ ببلد الطالب .
الثاني : الكثرة الحقيقية،لا مطلق ورد يومي أو ليلي كالمائة أو المائتين ،و الكثرة هو ما أشار إليه الشعراني ” في العهود المحمدية “،يقول :….. فكان ورد نور الدين الشوني كل يوم 10000 صلاة، وورد الشيخ الزواوي أربعين ألف، انتهى..وذكر صاحب خبيئة الكون أن ورده كان 70000 من الصلاة يوميا.
الثالث : الحفاظ على الشريعة ظاهرا وباطنا من فرائض ونوافل واجتناب المحرمات
والصلوات تنقسم الى عدة اقسام:
صلوات عددية:هو قولنا اللهم صل على سيدنا محمد عدد كذا وكذا كما ورد بدلائل الخيرات.
وصلوات من الشمائل المحمدية أي تتطرق الى اخلاق النبوة.
وصلوات من السيرة النبوية كقولنا اللهم صل على سيدنا محمد صاحب الغزوات
وهذه الصلوات لا تحتاج الى اذن ولا الى شيخ .
ثم صيغ الصلوات النعتيات، بها صفات محمدية مستخرجة من القرءان يثني عليه بها.وهي صلوات لعارفين معروفين ،وطريقتهم معروفة، وبالتالي فعندهم حق الملكية الفكرية ،فإذا صليت على النبي بالصلاة المشيشية اوغيرها دبر كل صلاة تبركا، فهذا لايحتاج الى إذن( بل يربح معك صاحبها حسنات) وإلى شيخ فلا أرى باسا ان يذكر شخص بهذه الصلوات بعدد اصابع اليوم، فالصلاة المحمدية الابراهيمية اكبر صلاة نعتية، وخرجت من بين شفتاي رسول الله ولا حرج في الذكر بها فكيف بصلاة من لا يساوي حتى شعرة في الجسد الشريف؟فإذا كان غرض هذا العارف نفع الأمة المحمدية بصلاته فيجب أن يعم النفع لا أن يقيده بمن انتمى الى طريقته .قال تعالى “فإلم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وان لا اله الا هو فهل أنتم مسلمون”
وانتبه الى حذف الشرط من الاية أي لم يقل تعالى “فإن لم يستجيبوا لكم” لكم انتم ياعلماء التصوف الدعاة الى الله
.”فهل انتم مسلمون” اي فالاسلام شامل لكل من يقول لااله الاالله وليس شرط في الدين ان يكون الشخص صوفيا
اما اذا اردت الذكر بها ،بأعداد كبيرة تفوق العشرة فيجب أخذ الإذن ممن لهم الإذن في اعطائها فتكسب الاجر ويترقى مقامك.
فهذه الصلوات النعتيات لها ملائكة روحانيين مكلفين بها (والقليل من المتمشيخين ومن السالكين من يعرف هذا) لهذا وجب الاذن ،ووجب الإلتزام بالعدد ،والمصلي بها على النبوة يقطع المسافات الطويلة في وقت قصير.
وهذه الصلوات منها من هو من نسج صاحبها ،كالمششية ،ومنها من اعطي من الحضرة المحمدية يقظة أو مناما.
قال تعالى ” إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِي: هذا إخبار. يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً”هذا تشريف لنا،و في صلا ة الله كفاية وفي صلاة وملائكتِهِ كفايةً، ومع ذلك أمَر الحق تعالى المؤمنين بالصلاة على النبي ،لِيُثِيبهم عليها.وليترقى مقامها وتفتح بصيرتهم وينالوا حظا من الخلافة ، فهي من أفضل العبادات لأن الله تعالى تولاها هو وملائكته ثم أمر بها المؤمنين،وسائر العبادات ليست كذلك. ومن يصلي على نبينا فهو من المومنين لأن الخطاب الالهي موجه إليهم “يا أيها الذين آمنوا” ومن لا يصلي عليه فهو من المسلمين وكفى ،قال تعالى ” قل لم تومنوا ولكن قولوا أسلمنا”فالصلاة على نبينا تستوجب الفضل .فما شغل الله تعالى العوالم ،كلها علوية أو سفلية ,ملكية أو ملكوتية، إلا بأعظم الطاعات، وأفضل القربات ،ومنح المصلين عليه بما أكرم به الذاكرين،والتالين لكتابه من عظيم الاجر .قال ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله ولم يصلوا على نبيه إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة “(احمد)،وهذا يقتضي أن الصلاة عليه شرط. فلنجتهد ,فكيف يطمع في الوصول من ليس معه محصول.
وللاشارة فكل الصلوات على النبي جمالية، يجني المصلي من وراءها الاجر والقرب.
والسالك مع شيخ يجب عليه اتباع تعاليم الشيخ
خاتمة:الخير كل الخير في الصلاة على الحبيب صلى الله عليه وسلم.
1= تسعى لإمتثال أمر ربك ،أكثر من الصلاة عليه وأحسنها.
2= تسعى أن يصلي عليك رب العالمين أكثر من الصلاة عليه ،وأحسنها .
3= تسعى الى القرب من رسول الله ،أكثر من الصلاة عليه، وأحسنها.
4= تسعى أن تنال شفاعته أكثر من الصلاة عليه، وأحسنها.
5= تسعى أن يذكر اسمك بين يديه أكثر من الصلاة عليه،وأحسنها.
6= تسعى أن تكون أولى الناس به يوم القيامة أكثر من الصلاة عليه، وأحسنها.
7= تسعى أن يكون لك نور يوم القيامة .أكثر من الصلاة عليه، وأحسنها.
8= تحب أن يكفى همك، ويغفر ذنبك، أكثر من الصلاة عليه، وأحسنها.
9= تريد أن لا تذل بحضرته،إذا ذكر اسمه ،أكثر من الصلاة عليه، وأحسنها.
10= تريد أن تصلي عليك الملائكة ،أكثر من الصلاة عليه، وأحسنها.
11= تحب أن تستجاب دعوتك،وتقضى حوائجك،أكثر من الصلاة عليه، وأحسنها.
12= ترجو أن تمر على الصراط بدون مشاكل ،أكثر من الصلاة عليه وأحسنها.
ابن المبارك