فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ

فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ  

سأل شخص شيخنا أبو الفيض محمد الكتاني عن معرفة الذات الالهية فأجاب رضي الله عنه  قائلا : هل تعرف حَوْمتك والناس الساكنين بها، وأعمارهم ومهنهم وأبناءهم ،و أكلهم ،وشربهم و و و …قال لا . قال له وهل باستطاعتك معرفة ذلك يوما ما . معرفة كل مايتعلق بهم قال : لا.

قال هذه حومتك لم تحط بها فكيف بالله واسمائه وصفاته ؟

الحق سبحانه لايحده مكان ولا يقله زمان،بل كان ولا مكان ولازمان، وهو على ما عليه كان تعالى أن تحده الحوادث أو أن يحلها، أو يكون بعدها أو قبلها ،بل يقال كان ولا شئ معه فإن القبل والبعد واليوم والأمس، من صيغ الزمان الذي أبدعه. فالله من حيث ذاته غني عن العالمين ، أما من حيث اسمائه وصفاته فهي تطلب العالم  لظهور آثارها فيه، فلولا الممكن الوجود(أي المخلوقات) ما ظهر أثر الأسماء الالهية، فالاسماء الالهية  فاعل ومقتضاها فعل ،والعالم  يطلبها وهو منفعل ،وبهذا يتبين لكل لبيب أريب أنها مراتب ورئيسها اسم الجلالة ” الله” فهو مرتبة كونية .فالوجود مربوط بعضه ببعض ربط اضافة  الى الأسماء الإلهية  وتجلياتها و أحكامها ،لا ربط وجودي ذاتي، حتى ننزه الله أن يكون مفتقرا الى العالم أو أن يكون العالم دالا . فالحق تعالى غير محتاج للدليل على وجوده ،فهو دال على نفسه بنفسه، الخلق كله من صنعه ،علم الاشياء قبل وجودها ثم أوجدها على وفق ما علمه ،فلم يزل عالما بالاشياء ولم يتجدد له علم عند تجدد الاشياء .  فالله منعوت بالكرم ،والجود والرحمة، فلا بد من مرحوم ومن متكرم عليه فأوجد العالم من جوده وكرمه،ورحمته.

يقول الجيلي رحمه الله:   المتكلم في ذات الله صامت والمتحرك ساكن والناظر باهت لأن الشئ إنما يفهم بما يناسبه  .

يقول ابن عربي:   ….وأما معرفة الحق من هذا المنزل فاعلم أن الكون لا تعلق له بعلم الذات أصلاً ، وإنما متعلقة العلم بالمرتبة ،وهو مسمى الله فهو الدليل المحفوظ الأركان ،السادن على معرفة الإله ،وما يجب أن يكون عليه سبحانه من أسماء الأفعال ،ونعوت الجلال، وبأية حقيقة يصدر الكون من هذه الذات المنعوتة بهذه المرتبة المجهولة العين والكيف وعندنا لا خلاف في أنها لا تعلم بل يطلق عليها نعوت تنزيه صفات الحدث،  وإن القدم لها ،والأزل الذي يطلق لوجودها إنما هي أسماء تدل على سلوب من نفي الأولية وما يليق بالحدوث …اهــ.

حصل المقال على : 1٬147 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد