بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين
صلاة الشيخ سيدي احمد البدوي : اللهم صل على سيدنا محمد نور الأنوار ،و سر الأسرار، وترياق الأغيار ، ومفتاح باب اليسار ،سيدنا محمد المختار ،و آله الأطهار ، وأصحابه الأخيار ،عدد نعم الله و افضاله .
قلت : كل الانوار من نوره ،لأنه صلى الله عليه وسلم ، النور الذي له الاولية في الخلق “اول ما خلق الله نور نبيك ياجابر” وبالتالي في العبادة ” فأنا اول العابدين” وقوله تعالى “قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين” فهذه الاية كما تفيد مجيئه صلى الله عليه وسلم حين بعثته تفيد مجيئه قبل القبل، لأن القرءان كلام الله مطلق فمن نوره انشقت الأنوار كلها : أنوار الملائكة،وأنوار الانبياء والرسل، وأنوار الاولياء وأنوارالمومنين ،ونورالشمس والقمر ونور الكواكب…وغيرهم… فهو النور الذي اضاء الوجود ،وأخرجه من ليل العدم، ونقله من الرتق الى الفتق .
يحكى ان الشاذلي رآى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله : إنه ليغان على قلبي فأستغفر الله في اليوم سبعين مرة ” فقال عليه الصلاة والسلام : غين أنوار لا غين أكدار يا أبا الحسن.
قال تعلى(وَآمَنُوابِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَهُوَالْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ)فمحمد حق ولكل حق حقيقة، ولكل حقيقة سر، فنوره صلى الله عليه حق وحقيقة، وقد سماه الحلاج رحمه الله، النور المحمدي ،وسماه غير الحقيقة المحمدية .
ولكل حقيقة سر،ولكل سر أسرار. فهناك غيب السر، وسر الغيب ،وسر غيب السر، وغيب سر السر،لذا وردة كلمة غيوب في القرءان بالجمع ” علام الغيوب” فهو صلى الله عليه وسلم سرالأسرار لأن وجوده سبق الأسرار ومن له السبقية فله لا شك الأفضلية، والأصلية ،ولغيره الفرعية.فهو اصل وكل سر فرع عنه.
والترياق هو الدواء ،أما الأغيار فيقصد بها كل ما سوى الله، سواء كانت أمورا حسية كالمال ومتاع الدنيا ،أو معنوية ،كالجاه ،أوعلوما دنيوية أودينية، كل ما يشغل ويصرف عن الله فهو من الأغيار. إذا كان مالك لا يصرفك عن الله بل تتقرب به الى الله وتتصدق به وتصل به رحمك، فهو ليس من الأغيار. وهذا الترياق دواء من الأغيار ،ومن الشرك الخفي ومن اوحال التوحيد
أي حبه صلى الله عليه وسلم وكثرة الصلاة عليه واتباع سنته والفناء في حقيقته تبعدك عن السوى،وعن غير الله ،فلا ترى فاعلا غيره ولا موجودا حقا سواه، الكون عدم،ممكن الوجود ،يستمد وجوده من الحي الذي لايموت،الواجب الوجود .
التعلق بأعتابه الشربفة يزج بك في بساط “كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها” (الحديث) فتنظربه ،وتسمع به ،وتنطق به ،لم يبق للغير وجود. لاتشاهد الا افعال الحق وصفاته “{ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ }”
هي وحدة الشهود قال ابن مشيش للشاذلي حدد نظر الايمان ترى الله قبل كل شي وبعد كل شئ ومع كل شئ….”
ومفتاح باب اليسار (أي اليسر) بل هو خزينة اليسر لأن المفتاح اذا فتحت به ماذا تفعل به ؟ تتركه في موضع ما، وتنساه ، قال الامام الرفاعي.:
قالوا أتنسى الذي تهوى فقلت لهم**يا قوم من هو روحي كيف أنساه
وكيف أنساه والأشياء به حسنت**من العجائب ينسى العبد مولاه
مولانا محمد صلى الله عليه وسلم هو خزائن اليسر،وشيخنا البدوي يقصد الصلاة ، أي الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم هي مفتاح باب اليسار،أما سيدنا محمدعليه الصلاة والسلام ،أكبر من أن يكون مفتاحا لباب ،بل هو الفتاَّح وكنز الفلاح ،و كَعْبَةَ الأَرواحِ،وَرَيْحَانَ الأَفْراحِ،وَرَاحَةَ كُلِّ مرتَاحٍ،هو الكل في الكل فقد تحلى بجميع الأسماء الالهية. فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حاضر في الوجود ،مراقب للوجود،هو ماء الوجود ،ونفس الوجود.هو خزائن رحمة الله ،وخزائن لطف الله،وخزائن نعم الله “وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله” ولم يقل تعالى من فضلهما ،والوجود كله يستمد منها ويتزود منها’ كل نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظورا ” .
ثم قال : سيدنا محمد المختار ” والإختيار يكون بين مجموعة أو على الاقل بين اثنين ولاجود للغيرية أوالاثنينية في البسائط الاولية “كنت نبيا وادم منجدل في طينته” كنت ولم يكن معي غيري “وما ارسلناك الا رحمة للعالمين” ب “الا” الحصرية أي ارسلناك ولم نرسل معك غيرك، ففي حقيقة الامر انتخبته الارادة إلهية وليس اختيارا، هو صلى الله عليه وسلم قبضة النور الاولية ” اخذ الله تعالى قبضة من نوره فقال لها كوني محمدا” قبضة اصلها الصفة الأحدية بدون اختيار، اذ هذه الصفة سحقية محقية لا تقبل الغير.””.
نور أصله الاحدية الصرفة،وبما أنها صرفة ،فلا اختيار في بساطها ،لا يوجد في بساطها الا نور النبوة والقرءان الكريم. فالحقيقة لا تقبل الا هذا. هو سيدنا محمد المختار،مختار بدون اختيار ،اذ لم يكن معه غيره حتى يُختار من بينهم، فالإرادة لا تختار، الارادة ازلية متعلقة بالعلم ،وعلم الله لا يتجدد بمعلوم والعلم وسع كل شئ “ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما” وعلم الله لا يخفى عنه شئ، أماالمشيئة الإلهية فتتبع الارادة الازلية،و المشيئة فيها الاختيار ” يخلق الله مايشاء ويختار” .
جعل الله سيدنا موسى نبيا واختاره من بين الأنبياء ليكون كليمه ‘”وانا اخترتك فاستمع لما يوحى”.
وعلى ءاله الطاهرين : بنص القرءان قال تعالى “انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و ليطهركم تطهيرا” وارادة الله نافذة فهم مطهرون .
وصحابته الاخيار: فهم صحابته، والمجالسة مجانسة، جالسوه فجانسوه، كل على قدر استعداده واجتهاده ،وقربه. قال مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقهم ” اصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم “, وشبههم بالنجوم ،والنجوم في السماء ، لها العلو وكل من علا عليك فهو سماؤك .
فالصحابة رضوان الله عليهم، هم سماء من سواهم. قال صلى الله عليه وسلم “مثلك يا ابا بكر كمثل ابراهيم ومثل يا عمر كمثل نوح” الحديث وقال صلى الله عليه وسلم ” لوكان بعدي نبي لكان عمر” وقال ” انا مدينة العلم وعلي بابها”
فحاز الصحابة على علو المكان والمكانة .
ونحمد الله تعالى على أنهم الصحابة ونحن الإخوان.
جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة, فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين, وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أني قد رأيت إخواننا، فقالوا: يا رسول الله, ألسنا بإخوانك؟ قال بل أنتم أصحابي، وإخواننا الذين لم يأتوا بعد…..(الحديث).
فنحن إخوانه الذين اتوا من بعد، وجزاك الله ياسيدنا ونبينا ،ورسولنا ،وحبيبنا ومولانا، و أخانا، على هذا الوصف الذي لا مثيل له ،هو أغلى من الدنيا وما فيها ،شرف لنا ان نكون من إخوانك، وهل يتخلى الأخ عن أخيه في عصرات يوم القيامة ؟ ،حشى ـ والله لا نعتمد على عبادتنا ولا على أعمالنا لا نرجو الا شفاعتك دنيا واخرة، “والمرء مع من أحب”.
ولنا اجر خمسين منهم ، أي من الصحابة ورد عند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إِنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ أَيَّامًا الصَّبْرُ فِيهِنَّ مِثْلُ الْقَبْضِ عَلَى الْجَمْرِ ، لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ مِثْلُ أَجْرِ خَمْسِينَ رَجُلًا يَعْمَلُونَ مِثْلَ عَمَلِكُمْ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَزَادَنِي غَيْرُ عُتْبَةَ : قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنَّا أَوْ مِنْهُمْ ؟! قَالَ بَلْ أَجْرُ خَمْسِينَ مِنْكُمْ”.
فيا بشراه وياسعداه ، من كان من امة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ،وحاز على مرتبة الأخوة النبوية المحمدية، فهذا مقام خارج المقامات ،وقرب لا قرب بعد، .
ثم قال عدد إنعام الله وإفضاله ،ولا حد لإنعام الله وإفضاله ،فالحق تعالى مطلق ،ولا يصدر عن المطلق ،إلا المطلق ،ولا نقيده إلا فيما قيد فيه نفسه ،وبالتنزيه الذي يليق بجلاله.
ولم يقيد الحق تعالى النعم بعدد ما، بل اطلقها، اطلاقا مطلقا ،كل الاطلاق.
قال تعالى ” و إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها” البلوغ الى نهايتها والوقوف عند تمام احصائها ، مستحيل ،فلا نقيدها بعدد. العدد يحصرها ، فكم من نعمة تحتها نعم كثيرة لا تحصى . العدد يحصر ويقيد المعدود ،ولكن انعام الله وفضله يختلف من شخص لاخر كما أن تواب هذه الصلاة البدوية يختلف من شخص لاخر،فإن كنت من المحسنين، ومن الصالحين، ومن الزاهدين…فعدد انعام الله عليك كثيرة، و إن كنت من غيرهم فلا تنتفع كل الانتفاع بهذه الصلاة… قال صلى الله عليه وسلم من صلى علي صلاة صلى الله عليها بـــهـــا ” بـــهـــا أي بالنعوت الواردة بها، يعود نفعها عليك ،فتواب الصلاة على النبي، منك اليك، لأن نعم الله وفضله لا حد لها يبلغه المحصي ،فيحصيها ،فالإحصاء مقيد بالشخص لا بالنعم. فالبدوي يريد أن تكون الصلاة على نور الانوار بلا حد يحصرها وبلا عدد يقيدها. و أن يعم إنعام الله وفضله قارئها الى اعلا درجات المنفعة والفضل .
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه
محمد بن المبارك( 14 ابريل 2020)
ترجمة الشيخ سيدي احمد البدوي
https://fatimimohamadi.com/سيدي-احمد-البدوي/(ouvre un nouvel onglet)