الوجهة الحقية والوجهة الخلقية

الوجهة الحقية والوجهة الخلقية

الوجهة الحقية والوجهة الخلقية لمولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم

  الخلافة كلية وجزئية ،خاصة وعامة.             

الخلافة الكلية هي التي خص بها  نبينا وسيدنا محمدصلى الله عليه وعلى اله :خلافة كلية منذ خلقه الله نورا ” لقد جاءكم من الله نور”.”أول ما خلق الله نور نبيك ياجابر”  “كنت نبيا و ادم بين الروح والجسد” .      

        خلافة على الارواح ،وعلى الاشباح”  يا أيها الرسول إنا ارسلناك شاهدا”  والشاهد من المفروض ان يكون حاضرا ،وعندما خص الله شهادته على من سبق قال” وجئنا بك على هؤلاء شهيدا”( النحل) فسبق  اسم الاشارة “هؤلاء” . ولما خصص الله شهادته على أمته قال” وجئنا بك  شهيدا على هؤلاء” ( النساء )فأخر “هؤلاء” فدائرة النبوة والرسالة والولاية من مقتضى خلافته الكبرى ومن مظاهر نبوته الازلية المطلقة ،وصور تجليات حقيقته المحمدية.   

             يقول ابن عربي : … فروحانيته صلى الله عليه وسلم موجودة وروحانية كل نبي ورسول ،فكان الإمداد يأتي إليهم من تلك الروح الطاهرة بما يظهرون به من الشرائع والعلوم وهو في الحقيقة شرع محمد صلى الله عليه وسلم ،إلى أن وصل زمان نشأة الجسم المحمدي الشريف الطاهر، فظهر مثل الشمس الباهرة فاندرج كل نور في نوره ،وغاب كل حكم في حكمه ،وإنقادت جميع الشرائع إليه وظهرت سيادته التي كانت باطنة” فهو الأول والآخر والظاهروالباطن وهو بكل شيء عليم ” .فإنه قال” أوتيت جوامع الكلم وبينما أنا نائم أوتيت مفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي” (رواه مسلم)اهـ.

وقد أم صلى الله عليه بهيكله الشريف اللطيف المولود من أم وأب كافة الانبياء والرسل ببيت المقدس وهم أرواح انتقلت الى عفو الله ،فهذا يدل على ان بشريته صلى الله عليه وسلم لهي ألطف من لطافتهم (فتدبر).                                

فهو الأوّل بنبوته والآخربرسالته،الظاهر بصورته والباطن بحقيقته .  هو الخليفة ولابد للخليفة أن يظهر بصورة من استخلفه فيما استخلفه والا فما هو خليفة(فافهم)، فلا بد للخليفة أن يكون متحليا ومتخلقا بجميع الاسماء والصفات الالهية التي يطلبها العالم الذي ولاَّه الحق سبحانه عليه،فظهر صلى الله عليه وسلم بأوصاف الربوبية وهذه هي الوجهة الحقية له “إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله”.” وأجره حتى يسمع كلام الله” . إني لست  كهيئتكم.. كلكم من ادم وادم من تراب.  الحديث ولم يقل كلنا من ادم، فهو نور من الله “قد جاءكم من الله نور”   والخليفة ان لم تكن فيه جميع ما تطلبه الرعية التي استخلف عليها فليس بخليفة ،وهذا الشرط أوجب أن يكون الخليفة من جنس من استخلف عليهم: ولدصلى الله عليه وسلم وعاش بين أظهرهم فكانت شخصيته متعددة الجوانب رعى الغنم ،تاجر ، سافر ،تزوج،.فكان الأب،والصاحب،والتاجر الامين،والطبيب، والمربي والقائد العسكري والقاضي. وأقام الله تعالى رسوله مقام المخرج من وطنه ومن مات له ولد ومن إتهم في عرض أحب الناس إليه وحاول أعداؤه اغتياله مرارا (14 مرة تقريبا) وإتهم بالجنون والكذب والسحر والافتراء والشعر،ونشأ يتيما،وجاع ،وعطش، وضُرب ،وسُحر،وسُم ،وخاصم،وصالح وعاهد،وكاتب الملوك،و أرسل البعوث، واستقبل الوفود، وهذه هي الوجهة الخلقية” قل إنما أنا بشر مثلكم” .” أنا ابن امراة من قريش كانت تأكل القديد”.(الحديث) .                                 

فكما ترى فوجهته الخلقية متعددة الجوانب كذلك الوجهة الحقية متعددة المراتب لها اسماء على عدد المسميات ظهرت واختفت بزغت وأفلت ،أفصحت و أبهمت ” فأينما تولوا فثم وجه الله ” ” ما عرفني حقيقة غير ربي”.

وبين هذه الوجهة الحقية والوجهة الخلقية تاه بعض العارفين .     

ظهر صلى الله عليه وسلم بهيكله الشريف والقرن الذي ظهرت فيه هذه الخلافة الكلية كان خير القرون و كنا بها خير أمة أخرجت للناس،وأخذنا عنها  مباشرة  والخليفة( وكذا الادميين الذين وضعوا على قالبه) تصرف في الملك تصرفا كليا فسجدت له الملائكة وخضعت له الجن وأحيى الموتى وكلم الجماد ..و…..وصعد في اعلى السماء وغاص في أعماق البحار ، وصنع الدبابات والصواريخ والهواتف،والمغريات..   ولولم يتصرف في الملك تصرفا كليا لما صحت له الخلافة. وهذه الخلافة على الكون الالهي اقتضت أن يكون له نواب من حيث اسمه الباطن (قلنا انه اتصف بجميع الاسماء الالهية) وهؤلاء النواب هم الرسل والانبياء صلوات الله عليهم. قال تعالى:”َإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ”.اخذ الحق تعالى الميثاق لهذا الخليفة قبل القبل من جميع الانبياء واشهدهم على ذلك ولعظمة الأمر كان معهم تعالى من الشاهدين معه” ثم جاءكم” ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم  جاءهم بحقيقته وإلا فلا فائدة من الكلام عن المجيئ واداة “ثم” تفيد التراخي والزمن الطويل بين هذا النبي وذاك .                                                                       فأخذ الله له الميثاق في عالم الشأن.”واذ أخذنا من النبئيين ميثاقهم ومنك ومن نوح …..” فبدأ به صلى الله عليه وسلم.لأن له الأسبقية في الظهور الباطني .   

قال تعالى شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ  أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ “

 فهو السيد الأكبر المشهود له بالكمال،خليفة الرحمن،فلم يتحقق بالنبوة والرسالة إلا الموصوف بهما حقاً وحقيقة،وغيره (نُوّابُه،وأوصيّاؤه)،من فَيْض نبوته إستمدوا،ومن سراج رسالته إقتبسوا ” هذا ذكر من معي وذكر من قبلي” .فشرائعهم فرع عن شريعته بحُكم الميثاق المأخوذ في (عالم الشأنية)الذي يقتضي(وجود حقيقته المحمدية)،تُمِدّ بَرازيخ الوحي الأولية. وزيادة في التنويه به وإظهار فضله وعُلو قدره،لَم يُناديه إلا بصفاته: (يا أيها النبي) (يا أيها الرسول) (يا أيها المزمل) (يا أيها المدثر). ونادى سائر الأنبياء بأسمائهم: (يا إبراهيم أعرض عن هذا) (يا موسى أقبل ولا تخف) (يا عيسى إني مُتوفيك ورافعك إلي). وأمرنا بمخاطبته بصفاته: (لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً )

       أما الخلافة الجزئية الخاصة فأعطيت لسيدنا ادم عليه السلام” و إذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة” فصورته آدم ،وحقيقته نبوة مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ،الوسيط  النوراني  البرزخي الكلي القائل ” كنت نبيا وآدم منجدل في طينته ” والنبوة من النبأ ولا شك انه كان ينبأ في تلك البسائط الازلية الاولية. واعطيت كذلك  لسيدنا داود” يا داوود إنا جعلناك خليفة في الارض “

اذا حذفنا  من اسم ادم، وحواء ،وداوود،حروف العلة لا يبقى الا حروف اسم محمد. فآدم عليه السلام( علمه الاسماء) اعطي حرفين من اسم محمد( الدال=4 والميم= 40 عدد الدوائر الكونية. ) والخلافة كلمة مؤنثة أخذت حواء من اسم محمد حرف الحاء والحاء تساوي 8 والثمانية مكعب الاثنين 8=2 ×2× 2  هي مرتبة الإزدواجية في جميع المراتب،والاثنان هي أول مظاهرالتغيير في الشكل لأن الواحد ثابت والشفع متغير.

وداود “علمه صنعة لبوس” أعطي الدالين = والدال (المعرٌفة) تساوي  66 عدد كسر اسم الجلالة” الله” = 66 , والدالين الدال + الدال =  66 + 66 = 132= مـحـمـمـد باعتبار الميم المدغمة التي تعنون عن باطنيته صلى الله عليه وسلم،وهذه هي الحُّلة {حلة الخلافة} التي رآها آدم على داوود عليهما السلام عندما عرضت عليه ذريته فسأل عنه( فَرَأَى فِيهِمْ رَجُلًا يَزْهَرُ فَقَالَ أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا قَالَ هَذَا ابْنُكَ دَاوُدُ (رواه احمد والطبراني ).فنال الخلافة و كان أول من استعمل الحديد وأعطى الاشارة لانطلاق الصناعة والاختراعات فكان نائبا عن الخليفة الكلي.فاسماؤهما كتبت على هذا النحو مفرقة (ادم – داوود وهذا الذوق لا تجده مسطرا في كلام قبل هذا  ) لاتشد بعضها البعض(لان في الشد القوة ) لتبين أنها خلافة جزئية وأنهم نواب لاقوة لهم ومددهم من الخليفة الكلي صلى الله عليه وعلى آله فالخزائن لله والتصرف للخليفة ” الله المعطي و إنما أنا القاسم” (الحديث) لأن الكل به منوط سواء من حيث الاسم الظاهر أوالباطن ( حسا ومعنى ،أولا وآخرا ،ملكا وملكوتا ) فورثا نصيبا من الخلافة ونصيبا من حروف اسمه  الشريف، وأوتي داوود زبورا وهو من أسماء القرءان . 

                وهذه الخلافة الخاصة التي شرف بها داوود نال منها ابنه حظه منها “وورث سليمان داود” إرث أحمدي ففطن الي سر ” بسم الله  الرحمن الرحيم ” وكان الخليفة الكلي شاهدا يوم ” قيل “قيل أهكذا عرشك ”  “قيل لها ادخلي الصرح” بنيت للمجهول وهو في الحقيقة مجهول حاضر فافهم (وهو خطاب من الاحمدية و إشارة الي ان هذه الخلافة الكلية شاهدة ومراقبة لنوابها ومتتبعة  لكل ما يجري في الكون الالهي.

كل النبيين والرسل الكــرام أتــوا === نيابة عنه في تبليغ دعـواه.

فهو الرسول إلى كل الخلائق فـي === كل العصور ونابت عنه أفواه.

ابن عربي يشير في ج1 ص179 لهذا الظهور ، ظهور المحمدية في صورة حقية :… من قال من أهل الكشف أنه مأمور بأمر إلهي في حركاته وسكناته مخالف لأمر شرعي محمدي تكليفي ،فقد إلتبس عليه الأمر و إن كان صادقا فيما قال أنه سمع، وإنما يمكن أن ظهر له تجل إلهي في صورة نبيه صلى الله عليه وسلم فخاطبه نبيه أو أقيم في سماع خطاب نبيه، وذلك أن الرسول موصل أمر الحق تعالى الذي أمر الله به عباده فقد يمكن أن يسمع من الحق في حضرة ما، ذلك الأمر الذي قد جاء به أولا رسوله صلى الله عليه وسلم ،فيقول أمرني الحق وإنما هو في حقه تعريف بأنه قد أمر وانقطع هذا السبب بمحمد صلى الله عليه وسلم وما عدا الأوامر من الله المشروعة فللأولياء في ذلك القدم الراسخة انتهى.

                         وكل الرسل كان في زمنهم أنبياء نصروا بهم ( لهذا قال القرءان وجيء بالنبيين ولم يقل وجاء  النبيئون )إلا مولانا رسول الله  صلى الله عليه وسلم لـم يكن  معه أنبياء لأن الخليفة الكلي كان حاظرا بهيكله الشريف ولايحتاج الى من ينوب عنه إنما نُصر بأصحابه الذين انتشلهم من ظلمات الجهل وظلام الجاهلية ،ورباهم أحسن تربية ،ووصلوا الى المقامات القعساء ،و قال في حقهم صلى  الله عليه وسلم فيما رواه  احمد:” إن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم عليه السلام  قال: من تبعني فهو مني ومن عصاني فانك غفور رحيم.  ومثلك يا عمر كمثل نوح …ومثلك يا عثمان كمثل موسى ومثلك يا علي كمثل عيسى….”(الحديث) قال رسول الله ” لوكان بعدي نبي لكان عمر” (الترمذي). قال صلى الله عليه وسلم لعلي كرم الله وجهه: أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي  البخاري  ،فأعطاه المقام دون الصفة.  

                                                                                                           قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه البخاري :” إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي”وقال له الحق سبحانه :”هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب “( لو كان الخطاب لسيدنا سليمان لما انقلب الضمير ولقال القرءان و إن لـــــــك عندنا لزلفى وحسن مآب) فالخزائن بيد الخليفة، أعطى الأولين الإسم والصقة ،وورث  العارفون من أفراد أمته المقام ،وقال فيهم “علماء امتي كأنبياء بني اسرائيل” وعمم صلى الله عليه وسلم نصيب الميراث لأمته فقال “من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه لا يوحى إليه” ( المستدرك) أي من قرأ القرءان إلتحق بدرجة النبوة وقال بين جنبيه ولم يقل فيه .  

     وقوله صلى الله عليه وسلم “لقد كان فيمن قبلكم محدثون فإن يكن في أمتي فعمر”(مسلم والترمذي) وكذلك قوله  صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الرُّؤْيَا الْحَسَنَةُ مِنْ الرَّجُلِ الصَّالِحِ جُزْءٌ مِنْ سِتة وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ ” (الموطا- البخاري)

      والاديان السماوية السابقة جاءت بالشريعة دون الحقيقة بدليل قصة موسى والخضر ،أما سيدنا محمد فجاء بالشريعة مصحوبة بالحقيقة  وكل الأنبياء جاءوا  ب “لا إله إلا الله” ليس معها عيسى رسول الله أوابراهيم رسول الله… لأن رسالة السابقين فرع عن رسالة سيدنا محمد  قال تعالي : إن هذا ( أي القران ) ذكر من معي وذكرمن قبلي). فكانت” لا إله إلا الله” شريعة،و محمد رسول الله  حقيقة.

 رسالته صلى الله عليه وسلم كانت صفة له ورسالتهم كانت وصية أدوها وانتهت مهمتهم بإنتقالهم وهذا ما أشار إليه القرءان الكريم في سورة مريم ب “كهيعص” وهذا  طلسم الأولين  فكسره =  165  ولاإله إلا الله = 165 وهذه  هي الشريعة التي جاء بها السابقون بدون حقيقة. جاء صلى الله عليه بالشهادة مقرونة بالرسالة وبهذا ضوعف الأجر الحسنة بعشر أمثالها ،ولم يكن هذا في الأمم السابقة ،وكانت ليلة القدر تأتيهم كل 33 سنة (يسمى هذا الإزدلاف ).

أما الخلافة العامة فهي لسا ئر البشر صالحهم وطالحهم ” خلفاء الأرض”( سورة النمل) “خلائف في الارض ” (يونس وفاطر) .                                                                                          جاءت كلمة خلافة في سورة البقرة (وإذ قال ربك للملائكة  إني جاعل في الارض خليفة ) وفي سورة ص ( يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض) غير معرفة وفي النكرة إطلاق للعموم ،ومن هنا ورث الأقطاب هذا المقام ،وقيل أن الغوث هو محل نظر الله من العالم، إشارة إلى هذه الخلافة، وهي خلافة جزئية خاصة  بعد انقطاع النبوة التشريعية حازعليها الأولياء الأقطاب، الذين وصلوا مقام الغوتية والختمية (ولكل زمان ختم) ” خلائف الأرض” (الانعام) الارض هنا بمعنى  محمد ولم يقل خلائف فــــــــي الارض .

   قطب بحساب الجمل =  111  وفي عالم الشأنية ( إن يوماعند ربك  كأ لف  سنة مماتعدون ) اليوم بألف  سنة  1000 +111=1111=  وهذا العدد هو كسر كلمة خلافة ،أي الخلافة  الكلية القديمة أيام الشأنية ” كنت نبيا وادم بين الماء والطين “.

قال تعالى : ” لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ” شرعة  للأنبياء ومنهاجا للأولياء  قال صلى الله عليه وسلم:إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي ،خلف نبي، وأنه لانبي بعدي ،إنه سيكون خلفاء”(رواه أحمد). خلفاء الخليفة الكلي كما كان ءادم خليفة وكما كان داوود خليفة. خلفاء جاءوا بعد ظهور الهيكل المحمدي مدحهم بقوله ” مَثَلُ أُمَّتِي مَثَلُ الْمَطَرِ لَا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ أَمْ آخِرُهُ  ” الترمذي وأحمد والطبري وقال تعالى “قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا من إتبعني”.

  أما ما جاء في القرءان الكريم والذي يصب في المعنى الذي نقتفي أثره وننقب عنه قوله تعالى “ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده”(النحل) و”من” تطلق على العاقل بل وردت في حق الله “أفمن يخلق كمن لا يخلق “.قال تعالي”ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أومن وراي حجاب “الشورى   قال “ما كان لبشر” ولم يقل” ماكان  لنبي أو رسول” فعمم .كلَّم الله الأنبياء والمرسلين بالوحي وكلَّم الأولياء بالفتح والكشف ،وانتبه الى كلمة ” وراى” كيف كتبت بالياء ولم تكتب بالهمزة كمافي الأية  53من سورة  الأحزاب ” فاسألوهن من وراء حجاب” التي كتبت بالهمزة . الحجاب في سورة الأحزاب مادي وفي الشورى معنوي وهو حقيقته عليه الصلاة والسلام.                                                

فالأيات السابقة لم تحجرعطاء الله في أشخاص معينين ولايكون الوحي بأمر أونهي أوتشريع… لا. لا بل يمكن أن يكون مبشرة أو بصحة حديث قال الناس أنه ضعيف أوموضوع أوعلوم لدنية ومعارف وأسرار.                                                    قال تعالى “وماكان عطاء ربك محظورا ” ( الاسراء ) ونسب العطاء للربوبية  وقال صلى الله عليه وسلم “إنما أنا قاسم وخازن والله يعطي” ومن قسم لك فقد أعطاك .فافهم  . ويؤيد هذا كذلك أحاديث نذكر منها قوله صلى الله عليه”  إن أهل الجنة يتراءون أهل الغرف من فوقهم كما يتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم قالوا يارسول الله تلك منازل الأنبياء لايبلغها غيرهم  قال بلى والذي نفسي بيده رجال ءامنوا بالله وصدقوا المرسلين”{ البخاري}”، ولم يقل تلك منازل الرسل لأن المقام بين النبوة التشريعية والصديقية ولا مقارنة للأولياء مع الانبياء .فمقام النبي لايدركه الولي أبدا.   

           قال صلى الله عليه وسلم إن من عباد الله لأناسا ماهم بأنبياء ولاشهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء يوم القيامة بمكانهم من الله (سنن ابي داوود). ….الحديث رواه احمد بصيغة :” علي منابر من نور يغبطهم الأنبياء والصديقون.

قال تعالى ” وعلى الاعراف رجال يعرفون كلا بسيماهم” اشارة الى اصحاب هذا المقام”      

         يقول ابن عربي في فتوحاته “إن هناك مقاما روحانيا أعلى من الصديقية يقع بين الصديقية والنبوة وهو مقام القربة الذي يمثل الدرجة القصوى في درجات الأولياء وسماه أيضا مقام النبوة اللا تشريعية  ونبوة الاولياء “انتهى.

  يقول العارف محمد بن عبد الكبير الكتاني في كتابه البحر المسجور:”الخصائص الإلهية لا تنفعل بالخاصية بل عطاؤها مطلق غير مشوب بتقييد، أوتحجير وهذا يا ولي من العدل الإلهي ،فإنه أبرز أناسا وجعلهم أنبياء ورسلا ،ومكلفين ثم قرض عصرهم بخاتم النبيئين فانقرضت نبوة التشريع ولماعلم الحق أنا نصل للحضرات فنجد هذا فربما تنفطر قلوبنا حسرة على ما فاتنا، من عَلِيِّ الرتب والمناصب فجبر كسرنا وألتم زجاجتنا ،ببديع قسطاسه فخضنا بالسقي من الإسم الجامع” انتهى    

فأولئك أولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه وأوجب لهم الرضى عنهم فقال “رضي الله عنهم” ووصفهم بانهم أهل الرضى عنه ” ورضوا عنه ” ثم وصفهم بأنهم حزبه فقال ” أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون ” ومنها جعلهم شهداء على الناس وكذلك الأنبياء شهذاء على اممهم.

  كما أمرالله تعالى نبيه أن يقول “قل هذه سبيلي دعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن إتبعني” وهم أهل هذا المقام ، فهم في هذه الأمة مثل الأنبياء في بني إسرائيل” وخاطبهم الحق في قوله تعالى ” فَإِ لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أُنزِلِ بِعِلْمِ اللّهِ وَأَن لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ [هود] لكم ” لكم أنتم يا دعاة الى الله على بصيرة (شيوخ التصوف العارفين بالله) تابعي نبيكم ، وحذفت النون أي لم يقل تعالى (فإن لم يستجيبوا لكم) لكي يحذف الشرط  ف “إن ” شرطية أي ليس بشرط على المسلمين اتباع التصوف. بخلاف قوله تعالى ” فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [القصص] الاستجابة لسيدنا محمد شرط على كل مسلم.

  وأعطي هذه الأمة الإجتهاد وهو تشريع ……..فلحقوا بمقامات القرب”  

             فدائرة النبوة والولاية من مظاهر خلافته الكبرى وظل نبوته الذاتية المطلقة و صور من حقيقته الأزلية ،فهو” الأوّل والآخر والظاهر والباطن” وجميع الدعوات دعوات إليها ،فالأنبياء والأولياء صورمحمديه وتجل من تجليات الحقيقة المحمدية في الكون الإلهي سميت بالبسطامي والجيلاني والمشيشي فهم موجة في بحره وشعرة في جسده الشريف . أعطى كل واحد منهم نصيبه من الولاية ونصيبه من العلم اللدني على حسب التجليات الالهية ،التي تخص زمانه وعلى حسب ما يريد الحق سبحانه وتعالى اظهاره في كونه. قال الشبلي لأحد مريده أتشهد إني رسول الله فقال له: نعم

وقد سمعت شيخي رضي الله عنه ورحمه الله تعالى ،مرارا يقول ” لو أزلت جلبابي لوجدت محمدا رسول الله.وقال: من عانقني فكأنما يعانق محمدا رسول الله              وقال رضي الله عنه في بعض تغزلاته:  

يا هو يامن ليس للخلق غيره *** لبست لباس العز فسترت به عن هو                    أراه في نفسي وهيكلي وقالبي *** متمثلا فكدت أقول أنا هو

قال بعضهم  : “خضنا بحرا وقف الأنبياء بساحله” .نسب هذه المقولة عبدالكريم الجيلي في الإنسان الكامل لأبي الغيث بن جميل، وكذلك غيره من العلماء المتأخرين. ونسبها صاحب الابريزلأبي يزيد البسطامي ،وكذلك ابن عطاء الله السكندري في لطائف المنن وصاحب جواهر المعاني وغيرهم.  وحسب رأيي هذ الشطحات من مشرب البسطامي ،وعلى كل،  فبحثنا عن المقولة لا عن صاحب المقولة .                      

       قال الجيلاني :” معاشر الأنبياء أوتيتم اللقب وأوتيتا مالم تؤتوه “.                          فهذا هو البحر الذي أشار إليه قائل” خضنا بحرا وقف الأنبياء بساحله”ساحله الشريعة، أي كلمة، لااله الا الله . ومحمد رسول الله بحره أي حقيقته صلى الله عليه وسلم والذي هي حقيقة الوجود وتمام المائة للتسعة والتسعين.

بحر ترسوا فيه سفن الأسماء,وتطفو على سطحه مراكب الصفات , بحر لا مد لمحمديته ولاجزر لأحمديته . بحر ماؤه عذب سائغ شرابه”عينا يشرب بها المقربون “بها ولم يقل يشرب منها. بحرعجزت الرسل والأنبياء والأولياء والملائكة عن معرفته قال تعالى في سورة الصافات “وما منا إلا له مقام معلوم وأنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون وإن كانوا ليقولون لوأن عندنا ذكرا من الأولين لكنا عباد الله المخلصين ” فأقروا بأن ليس لهم ذكرا من الأولين أي النبوة القديمة “فأنا أول العابدين ” ما عوفني حقيقة غير ربي”

.بحر أمواجه العلوم اللدنية المتعلقة بالنبوة المحمدية أطلع الله تعالى بعض الورثة المحمديين على شئ منها بطريق التبعية والإقتداء به صلى الله عليه وسلم حتى خاضوا فيها وسبحوا، ونالوا منها النصيب الأوفر ،والحظ الأكبر واستخرجوا منه اللولؤا والمرجان .

بحر لا تركب أمواجه إلابه (صلى الله عليه وسلم) وبراحلة ذات ألواح ودسر أي الشيخ العارف الرفيع القدر الكبريت الأحمر .       

                 أما قول الجيلاني فهو يصب في نفس المعنى “معاشر الأنبياء أوتيتم اللقب وأوتينا ما لم تؤتوا” أوتيتم اللقب لقب النبوة المؤذن بالرفعة والجاه والمقام العظيم الذي لم يؤته أحد غيركم ،وخضنا في بحار حقيقته المحمدية وعلومه الاحمدية ،فأنتم لم تدركوا زمانه، ولم تكونوا من أمته ،كما أن الحكم الاولي وما سطر في بساط الرحمانية إقتضيا عدم ظهور هذه الأسرار في زمانكم، فهو كقول الخضر لموسى عليهما السلام “يَا مُوسَى إِنِّي عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ عَلَّمَنِيهِ لَا تَعْلَمُهُ أَنْتَ وَأَنْتَ عَلَى عِلْمٍ عَلَّمَكَهُ لَا أَعْلَمُهُ “رواه البخاري            

   يقول الإمام الجيلي في هذا التحقيق الجميل على الحقيقة المحمدية                        ذات لها في نفسها وجهان = =للسفل وجه والعلا للثاني                           ولكل وجه في العبارة والادا == ذات وأوصاف وفعل وبيان                        يقول أن الذات المحمدية لها وجه للأعلى وهي الوجهة الحقية ووجه للا سفل وهى الوجهة الخلقية, والوجهتان مختلفتان في العبارة والفعل والأوصاف

    إن قلت واحدة صدقت وإن تقل ==إثنان حق إنه إثنان

    ويقول الشيخ محمد الكتاني:

    دنت فتدلت في مهامه ذاتها == لذات لها ذات إليها تدلت

فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ”  فلكل شئ ملك وملكوت والانسان شئ يتكون من جسم  من عالم الشهادة وروح  من عالم  الغيب فهو جامع بين عالمي  الغيب والشهادة.

وجهتا البشر الحقية والخلقية تابعتان للاسماء الالهية.

وجهته الخلقية صلى الله عليه وسلم تابعة للاسماء الالهية.

وجهته الحقية ليست داخلة تحت مقتضى الاسماء بل هي طرف في التجليات لتكون الرحمة في الكون الالهي.

وبما انه صلى الله عليه وسلم زيد نبيا كان التأثير للصفة فكانت هي المسيطرة قال بعضهم اشارة الى هذا المعنى:

ولطف الأواني في الـحقيقة تابع ***للطف الـمعاني والـمعاني بها تسمو.             المراد بالأواني: الهيكل الشريف الناسوتي، الذي من مقتضى الأسـماء، وهو تابع في حقيقة الأمر للطافة الباطن،المسمى بالـمعاني(أي باطنه اللاهوتي). ارتسم نور النبوة الباطن,في الظاهر من يوم ولادته أي زيد نبيا، وسـمى ذلك بالـمتابعة. فالظاهر كذلك لاهوتي. وإلى ذلك أشار مركز دائرة الأنوار بقوله “إني لست كهيئتكم إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقين” الحديث “تنام عيناي ولا ينام قلبي”.لم يكن له ظل، يرى من خلف كما يرى من أمام: “إني أراكم من وراء ظهري” (رواه ابن عبد البر في الاستذكار)، ليس له كثافة بشرية لأنه نور محض.ولكي لا يعبد من دون الله، كان يتظاهر بـمقتضيات البشرية ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ ﴾.فهو ناسوت الوصال وحد الوصال، وليس لأحد عن وساطته انفصال. العبد الـمتعمم بالحقانية، والحر الـملتحف بلباس العبدية، والسر الـمؤتزر بالرحـموتية صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.                                                                                     فافهم إن كنت مـمن يفهم ,وإلا فسلم تسلم، وعلل الأفهام أشد من علل الأجسام.

رق الزجاج وراقت الخمر== وتشابها وتشاكل الامر

وهذا التشاكل هو الذي جعل كلام بعض العارفين متلاطم الامواج وكأنه يقصد وحدة الوجود وهو بعيد عنها.

هذا الموضوع مهم جدا للسالكين  يجب قراءته مرات عدة حتى يفهم.

كاتبني بعض الاخوان من دول مختلفة على صفحة( أولياء الله المغاربة) يشكرونني على هذه الشروحات وبمتابعهم لما يكتب ازدادوا فهما لكلام العارفين، وازدادوا  معرفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،وحبا فيه .فلا تنسوني من دعائكم.

ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله

ومن كان عنده سؤال او استفسار فليتفضل ،أي سؤال في التصوف أي شرح، وأي صلاة لعارف ، وأي كلام لعارف ، نشرحه لكم والمنة لسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم ولأمنا وسيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء رضي الله عنها.                   كما أننا لا ندعي مقاما ولا نتطاول على احد ولا نقصد بهذا الا التعريف بسيد الاولين والاخرين وأن يزداد المومنون محبة فيه ومعرفة بهذا النبي الكريم.

ليس  إلا.

ابن المبارك  2009

حصل المقال على : 1٬522 مشاهدة
هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

    يمكنكم الاشتراك في نشرتنا البريدية للتوصل بملخصات يومية

    الاشتراك في النشرة البريدية

    احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

    اترك تعليقا

    يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد