العالم كله حي عالم ناطق‏

ابن عربي

العالم كله حي عالم ناطق‏

يقول ابن عربي في الجزء الاول الصفحة 147…..قال تعالى (وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ) وشي‏ء نكرة ولا يسبح إلا حي عاقل عالم بمسبحه،وقد ورد أن المؤذن يشهد له مدى صوته من رطب ويابس والشرائع والنبوات من هذا القبيل مشحونة ونحن زدنا مع الايمان بالأخبار،الكشف فقد سمعنا الأحجار تذكر الله رؤية عين بلسان نطق تسمعه آذاننا منها وتخاطبنا مخاطبة العارفين بجلال الله مما ليس يدركه كل إنسان فكل جنس من خلق الله أمة من الأمم فطرهم الله على عبادة تخصهم أوحى بها إليهم في نفوسهم فرسولهم من ذواتهم إعلام من الله بإلهام خاص جبلهم عليه كعلم بعض الحيوانات بأشياء يقصر عن إدراكها المهندس النحرير،و علمهم على الإطلاق بمنافعهم فيما يتناولونه من الحشائش والمأكل وتجنب ما يضرهم من ذلك كل ذلك في فطرتهم كذلك المسمى جمادا ونباتا أخذ الله بأبصارنا وأسماعنا عماهم عليه من النطق ولا تقوم الساعة حتى تكلم الرجل فخذه بما فعله أهله ،جعل الجهلاء من الحكماء هذا إذا صح إيمانهم به من باب العلم بالاختلاج يريدون به علم الزجر وإن كان علم الزجر علما صحيحا في نفس الأمر وأنه من أسرار الله ولكن ليس هو مقصود الشارع في هذا الكلام ،فكان له صلى الله عليه وسلم الكشف الأتم فيرى ما لا نرى ولقد نبه عليه السلام على أمر عمل عليه أهل الله فوجدوه صحيحا قوله لو لا تزييد في حديثكم وتمريج في قلوبكم لرأيتم ما أرى ولسمعتم ما أسمع‏

 

وفي الصفحة 247 ….. يقول الله تعالى(وإِنْ من شَيْ‏ءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ولكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً)بإمهالكم حيث لم يؤاخذكم سريعا بما رددتم من ذلك غَفُوراً حيث ستر عنكم تسبيح هؤلاء،فلم تفقهوه وقال تعالى في حال من مات ممقوتا عند الله (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ والْأَرْضُ)فوصف السماء والأرض بالبكاء على أهل الله ولا يشك مؤمن في كل شي‏ء أنه مسبح وكل مسبح حي عقلا وورد أن العصفور يأتي يوم القيامة فيقول يا رب سل هذا لم قتلني عبثا وكذلك من يقطع شجرة لغير منفعة أو ينقل حجرا لغير فائدة تعود على أحد من خلق الله فلما أعطى الله هذه المعارف لهؤلاء الأصناف لذلك وصفتها بالثناء على هؤلاء الرجال وعرفت ذلك منهم كشفا حسيا مثل ما كان للصحابة سماع تسبيح الحصى وتسبيح الطعام لأنهم ليس بينهم وبين الحركة العبثية دخول بل يجتنبون ذلك جملة واحدة،ولما جهل أكثر الثقلين هذه العلوم لذلك لا يعرفون مراتب هؤلاء الرجال فلا يمدحونهم ولا يتعرضون إليهم ولهذا أخبر تعالى أن كل شي‏ء في العالم يسجد لله تعالى من غير تبعيض إلا الناس فقال(أَ لَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ من في السَّماواتِ ومن في الْأَرْضِ والشَّمْسُ والْقَمَرُ والنُّجُومُ والْجِبالُ والشَّجَرُ والدَّوَابُّ )ولم يبعِّض (وكَثِيرٌ من النَّاسِ) فبعَّض فإن فهمت ما ذكرناه لك من صفة أصحاب هذا المقام وسلكت طريقهم كنت من المفلحين الفائزين والله يَقُولُ الْحَقَّ وهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى 

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد