مسائل تشفي غليل السائل

ابن عربي

مسائل تشفي غليل السائل
«مسألة» [نعت الالوهة الأخص‏] :النعت الخاص الأخص التي انفردت به الألوهة كونها قادرة ،إذ لا قدرة لمُمْكنٍ أصلا،وإنما له التمكن من قبول تعلق الأثر الإلهي به‏.
«مسألة» [الكسب‏]:الكسب تعلق إرادة الممكن بفعل ما دون غيره،فًيُوجده الاقتدار الإلهي عند هذا التعلق فسمى ذلك كسبا للممكن‏.
«مسألة» [الجبر]: الجبر لا يصح عند المحقق لكونه ينافي صحة الفعل للعبد فإن الجبر حمل الممكن على الفعل مع وجود الإباية من الممكن فالجماد ليس بمجبور لأنه لا يتصور منه فعل ولا له عقل عادي فالممكن ليس بمجبور لأنه لا يتصور منه فعل ولا له عقل محقق مع ظهور الآثار منه‏
«مسألة» [البلاء والعافية في العالم‏]: الألوهة تقضي أن يكون في العالم بلاء وعافية ،فليس إزالة المنتقم من الوجود بأولى من إزالة الغافر،وذي العفو والمنعم لوبقي من الأسماء ما لاحكم له،لكان معطلا والتعطيل في الألوهة محال فعدم أثر الأسماء محال.‏
«مسألة» [المدرك والمدرك‏]: المُدْرِك والمُدْرَك،كل واحد منهما على ضربين مدرِك يعلم وله قوة التخيل،ومدرَك يعلم وما له قوة التخيل،والمدرَك بفتح الراء على ضربين مدرَك له صورة يعلمه بصورته من ليس له قوة التخيل ولا يتصوره ويعلمه ويتصوره من له قوة التخيل ،ومدرك ما له صورة يعلم فقط.
«مسألة» [العلم‏]:العلم ليس تصور المعلوم ولاهو المعنى الذي يتصور المعلوم فإنه ما كل معلوم يتصور،ولا كل عالم يتصور،فإن التصور للعالم إنما هو من كونه متخيلا والصورة للمعلوم أن تكون على حالة يمسكها الخيال وثم معلومات لا يمسكها خيال أصلا فثبت أنها لا صورة لها.
«مسألة» [الفعل من الممكن‏]: لو صح الفعل من الممكن لصح أن يكون قادرا ولا فعل له فلا قدرة له فإثبات القدرة للممكن دعوى بلا برهان وكلامنا في هذا الفصل مع الأشاعرة المثبتين لها مع نفي الفعل عنها.
«مسألة»[الواحد من جميع الوجوه لا يصدر منه إلا واحد]: لايصدر عن الواحد من كل وجه إلا واحد ،وهل ثم من هو على هذا الوصف أم لا في ذلك نظر للمنصف ألاترى الأشاعرة ما جعلوا الإيجاد للحق إلا من كونه قادرا والاختصاص من كونه مريدا والأحكام من كونه عالما وكون الشي‏ء مريدا ما هو عين كونه قادرا فليس قولهم بعد هذا إنه واحد من كل وجه صحيحا في التعلق العام وكيف وهم مثبتو الصفات زائدة على الذات قائمة به تعالى وهكذا القائلون بالنسب والإضافات وكل فرقة من الفرق ما تخلصت لهم الوحدة من جميع الوجوه إلا أنهم بين ملزم من مذهبه القول بعدمها وبين قائل بها فإثبات الوحدانية إنما ذلك في الألوهية أي لا إله إلا هو وذلك صحيح مدلول عليه‏
«مسألة» [الصفات نسب وإضافات]:كون الباري عالما حيا قادرا إلى سائر الصفات نسب وإضافات له لا أعيان زائدة لما يؤدي إلى نعتها بالنقص إذ الكامل بالزائد ناقص بالذات عن كماله بالزائد،وهو كامل لذاته فالزائد بالذات على الذات محال،وبالنسب والإضافة ليس بمحال وأما قول القائل لا هي هو ولا هي أغيار له فكلام في غاية البعد فإنه قد دل صاحب هذا المذهب على إثبات الزائد وهو الغير بلا شك إلا أنه أنكر هذا الإطلاق لاغير ثم تحكم في الحد بأن قال الغيران هما اللذان يجوز مفارقة أحدهما الآخر مكانا وزمانا ووجودا وعدما وليس هذا بحد للغيرين عند جميع العلماء به‏.
«مسألة» [تعدد الصفات الذاتية]: الصفات الذاتية للموصوف بها وإن تعددت فلا تدل على تعدد الموصوف في نفسه لكونها مجموع ذاته وإن كانت معقولة في التمييز بعضها من بعض‏
«مسألة»[نفي العِلِية عن الذات الإلهية]: من وجب له الكمال الذاتي والغني الذاتي لا يكون علة لشي‏ء،لأنه يؤدي كونه علة توقفه على المعلول والذات منزهة عن التوقف على شي‏ء،فكونها علة محال لكن الألوهة قد تقبل الإضافات فإن قيل إنما يطلق الإله على من هو كامل الذات غني الذات،لايريد الإضافة ولا النسب قلنا لا مشاحة في اللفظ بخلاف العلة فإنها في أصل وضعها ومن معناها تستدعي معلولا فإن أريد بالعلة ما أراد هذا بالإله فمسلم ولا يبقى نزاع في هذا اللفظ إلا من جهة الشرع هل يمنع أو يبيح أو يسكت.‏
«مسألة» [سر الألوهية]:الألوهة مرتبة للذات لا يستحقها إلا الله فطلبت ما هو طلبها،والمألوه يطلبها وهي تطلبه، والذات غنية عن كل شي‏ء فلو ظهر هذا السر الرابط لما ذكرنا لبطلت الألوهة،ولم يبطل كمال الذات وظهر هنا بمعنى زال كما يقال ظهروا عن البلد أي ارتفعوا عنه وهو قول الإمام للالوهية سر لو ظهر لبطلت الألوهية.
«مسألة» [العلم والمعلوم والتعلق‏]: العلم لايتغير بتغير المعلوم لكن التعلق يتغير والتعلق نسبة إلى معلوم ما مثاله تعلق العلم بأن زيدا سيكون فكان فتعلق العلم بكونه كائنا في الحال وزال تعلق العلم باستئناف كونه ولا يلزم من تغير التعلق تغير العلم وكذلك لا يلزم من تغير المسموع والمرئي تغير الرؤية والسمع‏.
«مسألة»[ارتباط العالم بالله‏]:ارتباط العالم بالله ارتباط ممكن بواجب ومصنوع بصانع، فليس للعالم في الأزل مرتبة فإنها مرتبة الواجب بالذات فهو الله ولا شي‏ء معه سواء كان العالم موجودا أو معدوما فمن توهم بين الله والعالم بونا يقدر تقدم وجود الممكن فيه وتأخره فهو توهم باطل لا حقيقة له فلهذا نزعنا في الدلالة على حدوث العالم خلاف ما نزعت إليه الأشاعرة وقد ذكرناه في هذا التعليق.‏
الصفحة 42 – من الجزء الأول

هل أعجبك الموضوع؟ يمكنك مشاركته على منصتك المفضلة

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك تعليقا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد